الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلت سنة ثنتين وعشرين وستمائة:
ذكر ابتداء المعاملة بالفلوس بالديار المصرية
فى هذه السنة فى ذى القعدة، ضربت الفلوس «1» بالقاهرة ومصر، وصارت من جملة النقود. وتقررت القيمة عن كل درهم ورق «2» ، من معاملة الديار المصرية، ستة عشر فلسا. ثم أبطلت المعاملة بها، فى سنة ثلاثين وستمائة. ثم عادت.
وفيها ضربت دراهم مستديرة، وأمر السلطان أن لا يتعامل بالدراهم المصرية العتق «3» ، وحصل للناس ضرر عظيم بسبب ذلك «4» ، وصار كل ما يتحصّل منها يسبك ويضرب من الجديد، وبلغ ضرب العتيق ستين درهما بدينار.
وفيها، فى يوم الأربعاء سابع عشر شعبان، استخدم السلطان الملك الكامل القاضى سديد الدين: أبا عبد الله محمد بن سليم، صاحب ديوان الجيوش. ثم صرف بعد ذلك بمدة يسيرة. وهو والد الصاحب بهاء الدين على، المعروف بابن حنا: وزير الدولة الظاهرية الرّكنيّة «1» - وسيأتى ذكره- إن شاء الله تعالى.
وفيها صلب الملك المعظم عيسى رجلا، يقال له: ابن الكعكى، ورفيقا له.
وكان ابن الكعكى رأس حرب «2» ، وله جماعة أتباع وكانوا ينزلون على الناس فى البساتين، ويقتلون وينهبون. والمعظم يوم ذاك بالكرك، وبلغه أن ابن الكعكى قال لأخيه الملك الصالح إسماعيل: أنا آخذ لك دمشق، وكان إسماعيل ببصرى. فكتب الملك المعظم إلى متولّى دمشق أن يصلب ابن الكعكى، ورفيقه، منكّسين. فصلبا، فى العشر الآخر من شهر رمضان.
فأقاما أياما لا يجسر أحد أن يطعمهما ولا يسقيهما، فماتا. وقدم الملك المعظم دمشق بعد وفاتهما، فمرض مرضا أشفى منه، ثم أبلّ. ولم يزل ينتقض عليه، حتى مات. وكان رفيق ابن الكعكى خيّاطا، شهد له أهل دمشق بالصلاح، والبراءة مما رمى به.
وفيها كانت وفاة الملك الأفضل، نور الدين على بن السلطان الملك الناصر: صلاح الدين يوسف بن أيوب- فجأة- فى صفر، سنة ثنتين وعشرين وستمائة، بسميساط. ونقل إلى حلب، فدفن بها بظاهرها بتربته.
وكان مولده بالقاهرة فى سنة خمس وستين وخمسمائة، يوم عيد الفطر. وكان فاضلا شاعرا حسن الخط قليل الحظّ، تقلّبت به الأحوال.
وقد تقدم ذكر ملكه دمشق ومصر، وغير ذلك. ثم استقر آخرا بسميساط.
ومما يعزى إليه من الشعر أنه كتب الى الخليفة الناصر- لما أخرج من دمشق «1» ، واتفق عليه أخوه الملك العزيز عثمان وعمه الملك العادل أبو بكر:
مولاى، إن ابا بكر «2» ، وصاحبه
…
عثمان «3» ، قد غضبا بالسيف حقّ على «4»
فانظر إلى حظ هذا الاسم، كيف لقى
…
من الأواخر، ما لاقى من الأول
فأتاه الجواب من الإمام الناصر، وفى أول الكتاب:
وافى كتابك يا ابن يوسف معلنا
…
بالود، يخبر أن أصلك طاهر
غصبوا عليّا حقّه إذ لم يكن
…
بعد النبى له بيثرب ناصر
فابشر، فإن غدا عليه حسابهم
…
واصبر، فناصرك الامام الناصر
وقيل أن الخليفة جرّد لنصرته سبعين ألف فارس، فبلغه فوات الأمر فأعاد العسكر إلى بغداد.
وفيها، فى يوم الخميس سادس عشر ذى الحجة- وقيل سابع عشر ذى القعدة- توفى الإمام فخر الدين أبو عبد الله: محمد بن إبراهيم بن أحمد ابن طاهر، بن أبى الفوارس الخبرى الفارسى الشّيرازى الفيروزبادى، الشافعى الصوفى، من أجلّ مشايخ الطريقة، كبير الشأن. وكانت وفاته بمعبده: معبد ذى النّون بالقرافة الصغرى، على شفير الخندق من غربيّه.
ودفن بتربته، وقبره من المزارات المباركة المشهورة. وكان من علماء مشايخ وقته، شديد الهيبة فى قلوب الناس. وله تصانيف كثيرة فى الطريق، وشعر.
قدم دمشق فى شهر رجب، سنة ست وستين وخمسمائة، ودخل مصر فى نصف شعبان من السنة: ورحل الى الإسكندرية، وسمع بها من الحافظ السّلفى «1» ، وحدّث بالكثير عنه. وتوفى، وله من العمر ثلاث وتسعون سنة. وجاور بمكة، وحدّث بها. وقال: نحن من خبر سروشين، وهو إقليم من عمل شيراز، مشربهم من جبل الدينار. ولهم خبر آخر يقال له: خبر سمكان، من عمل شيراز أيضا. وخبر ثالث، يقال له: خبر فيروز أباد- خبر بإسكان الباء الموحّدة.