الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إرساله إلى دمشق. وبذل الصالح إسماعيل فيه للناصر ربع دمشق. فما أجاب الناصر إلى ذلك وقيل: كان السبب فى امتناع الملك الناصر من تسليمه، لمن بذل فيه ما بذل، أن الصالح أيوب كان قد أرسل جمال الدين بن مطروح- الكاتب- إلى الخوارزميّة فى الحضور إليه، لمحاصرة دمشق. فتوجه لذلك.
فلما قبض على الصالح، أرسل ابن مطروح رسولا على النّجب إلى الملك الناصر، يقول له: إن فرط فى الملك الصالح أمر، فاعلم أن الخوارزمية لا يبقون لك فى البلاد قعر قصبة، فقد حلفوا على ذلك.
وقيل إن والدة الملك الناصر اهتمّت بأمر الملك الصالح، وخدمته أتم خدمة، وتولت ذلك بنفسها، وكانت تطبخ له بيدها. وحلفت على ولدها أنه إن فعل به ما يكره، لا أقامت عنده. وقالت له: ما ملّكنا البلاد، وجعلنا فى هذا الحصن إلا والده- تعنى: الملك الكامل. فتوقف عن إرساله. والله أعلم.
ذكر إطلاق الملك الصالح من الاعتقال بالكرك، وما كان من أمره إلى أن ملك الديار المصرية
قال: ولما كان فى أواخر شهر رمضان، استشار الملك الناصر داود الأمير عماد الدين بن موسك، وابن قليج، والظّهير، فى أمر الملك الصالح.
فوقع الاتفاق على تحليفه وإخراجه. فاجتمع الناصر والصالح وتحالفا، وأفرج عنه وذلك فى أواخر شهر رمضان، سنة سبع وثلاثين وستمائة. ولما أخرجه الناصر من اعتقاله، ركّبه بالكرك بشعار السّلطنة، وحمل الغاشية بين يديه، وأظهر الناصر الخلاف على الملك العادل.
وحكى عماد الدين بن شدّاد- فى سبب خلاص الملك الصالح- أن الملك العادل كان قد حلّف الناصر، وحلف له على الاتفاق واجتماع الكلمة على قتال الملك الصالح، وأن تكون دمشق إذا فتحت للملك الناصر.
فلما اتفق هجوم الملك الصالح إسماعيل على دمشق، وأخذها، أرسل إليه الملك العادل يصوّب رأيه، ويشكر فعله. فعظم ذلك على الملك الناصر، وكان سبب خلاص الملك الصالح.
وحكى أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزى، فى كتابه:«مرآة الزمان» أن الملك الصالح نجم الدين أيوب أخبره- بعد أن ملك الديار المصرية- قال: حلّفنى الناصر على أشياء، ما يقدر عليها ملوك الأرض، وهو أن آخذ له دمشق، وحمص، وحماه وحلب، والجزيرة والموصل وديار بكر، وغيرها، وأن يكون له نصف الديار المصرية، ونصف ما فى الخزائن: من الأموال والجواهر والخيول والثياب وغيرها. فحلفت من تحت القهر والسيف.
وقد شاهدت أنا بعض نسخة اليمين عند المولى الملك العزيز: فخر الدين عثمان، بن الملك المغيث فتح الدين عمر- صاحب الكرك- كان بالقاهرة- وفيها أشياء كثيرة من هذا النّوع، وإلزامات، يعلم المستحلف العاقل أن الحالف لا يفى بها، لكثرتها وخروجها عن حد القدرة البشرية، وأن النفوس لا تسمح بها لوالد مشفق، ولا ولد بارّ، فكيف لابن عمّ عدوّ.