الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر استيلاء الملك الأشرف على بعلبك
وفى هذه السنة، بعث الملك الأشرف- صاحب دمشق- أخاه الملك الصالح إسماعيل إلى بعلبكّ. فحصرها ونصب عليها المجانيق «1» ، ورماها بأحجارها.
ثم توجه إليها الملك الأشرف. ودخل الصاحب صفى الدين- إبراهيم ابن مرزوق- بين الملك الأشرف والملك الأمجد صاحب بعلبك، وحصل الاتفاق. فتسلمها الملك الأشرف، وانتقل الأمجد منها إلى دمشق. وأقام بداره بها، وهى الدار المعروفة بدار السعادة، التى ينزلها نوّاب السلطنة فى وقتنا هذا. ولم تطل مدة حياته، فإنه قتل فى سنة ثمان وعشرين وستمائة.
وفيها استولى السلطان: جلال الدين خوارزم شاه «2» على مدينة خلاط، بعد أن حاصرها مدة عشرة أشهر. وقد تقدم ذكر ذلك فى أخبار جلال الدين. ولما ملكها، أخذ منها مجير الدين يعقوب وتقىّ الدين عباس: ابنى «3» الملك العادل، وأخذ الكرجيّة: زوجة الملك الأشرف، ودخل بها من ليلته. وقتل عز الدين أيبك الأشرفى.
وبلغ الملك الأشرف ذلك، وهو بدمشق، والملك الكامل بالرّقّة «1» فتوجه من دمشق إلى الرقة. وأتته رسل السلطان علاء الدين كيقباذ- صاحب الروم «2» - فى الإجتماع على حرب جلال الدين. فاستشار الملك الأشرف أخاه الملك الكامل فى ذلك، فأشار به. وقطع الملك الكامل الفرات فى سبعة آلاف فارس، وتوجه إلى الديار المصرية- للسبب الذى ذكرناه.
وسار الملك الأشرف إلى حرّان فى سبعمائة فارس، فأقام بها. وكتب إلى حلب والموصل والجزيرة فجاءته العساكر، وتوجه إلى صاحب الروم واجتمعوا. والتقوا بالسلطان جلال الدين خوارزم شاه، فكسروه.
وقد ذكرنا خبر استيلاء جلال الدين على خلاط، فى أخباره. وذكرنا خبر هذه الكسرة فى أخبار السلطان علاء الدين كيقباذ صاحب الروم، فى أخبار الدولة السّلجقيّة. فلنذكر الآن ما يتعلق بالملك الأشرف.
ولما انهزم جلال الدين، قال الملك الأشرف للسلطان علاء الدين كيقباذ: لا بدّلى من خلاط. فأعطاه علاء الدين. وأنعم على أصحابه: من الأموال والخلع. والثياب والتّحف والخيول، ما قيمته ألفا ألف دينار.
وتوجه كيقباذ إلى بلاده، وجرّد فى خدمة الملك الأشرف جماعة، فتوجه بهم إلى خلاط. فوجد جلال الدين قد أخذ مجير الدين وتقىّ الدين والكرجيّة معه. فساق الأشرف خلفه. ثم تراسلا، واصطلحا. فأطلق جلال الدين مجير الدين وتقىّ الدين، وبعث بهما إلى الخليفة ببغداد. فأنعم الخليفة على كل منهما بخمسة آلاف دينار. وعاد الملك الأشرف إلى دمشق، فى سنة ثمان وعشرين وستمائة. فأقام بها شهرا، وتوجه إلى أخيه الملك الكامل بالديار المصرية.
وفى هذه السنة، استخدم الملك المظفّر: شهاب الدين غازى- صاحب ميّافارقين- العزّ بن الجاموس على ديوانه. وأمّره وأعطاه الكوسات «1» والأعلام، وقدّمه على جماعة ومكّنه. ودعى بالصاحب الأمير عز الدين. فظلم الناس وعسفهم، وأخذ أموالهم. فلم تمهله المقادير، ومات فى بقية سنة سبع وعشرين بميّافارقين. واستولى الملك المظفر على تركته، وظهر له سوء فعله، فصار يصرّح بلعنه. وجاء عمه من دمشق يطلب ميراثه، فسبه المظفر، ثم أعطاه ألف درهم وعاد إلى دمشق.