الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد عرض عليه الوزارة فأباها، وتوفر على التّرسّليّة إلى الدّيوان العزيز، والمشورة. وكان صالحا نزها عفيفا، سمع الحديث وأسمعه.
وفيها كانت وفاة الشيخ الإمام، المقرىء المفتى: علم الدين أبى الحسن على بن محمد بن عبد الصمد، المصرى السّخاوى «1» . قرأ القرآن على الشاطبى، وشرح قصيدته. وكانت وفاته بدمشق، فى ليلة الأحد ثامن عشر جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون. سمع الحافظ السّلفى وأبا القاسم البوصيرى، وغيرهما.
واستهلّت سنة أربع وأربعين وستمائة:
ذكر وقعة الخوارزمية وقتل مقدمهم واستيلاء الملك الصالح على بعلبك وأعمالها، وصرخد
وفى سنة أربع وأربعين، كانت الوقعة بين الخوارزمية- ومن انضم إليهم- وبين العساكر الحلبية والشامية والحمصية.
وذلك أن السلطان الملك الصالح نجم الدين كان قد استمال الملك المنصور- صاحب حمص- إليه. فوافقه ومال إليه، وانحرف عن الملك الصالح إسماعيل. ثم كتب إلى الحلبيين يقول: إن هؤلاء الخوارزمية قد كثر فسادهم، وأخربوا البلاد، والمصلحة أن نتفق عليهم، فأجابوه.
وخرج الأتابك شمس الدين لؤلؤ بالعساكر الحلبية. وجمع صاحب حمص أصحابه، ومن إنضم إليه من العربان والتّركمان. وخرج إليهم عسكر دمشق. واجتمعت هذه العساكر كلها على حمص.
واتفق الملك الصالح إسماعيل والخوارزمية، والملك الناصر داود صاحب الكرك، وعز الدين أيبك المعظّمى صاحب صرخد، واجتمعوا على مرج الصّفّر «1» ولم ينزل الملك الناصر من الكرك، بل سيّر عسكره وأقام.
وبلغهم أن صاحب حمص يريد قصدهم. فقال بركة خان: إن دمشق لا تفوتنا، المصلحة أن نتوجه إلى هذا الجيش ونبدأ بهم. فساروا والتقوا على بحرة حمص، فى يوم الجمعة- سابع أو ثامن المحرم- من هذه السنة. وكانت الدائرة على الخوارزمية. وقتل مقدمهم بركةخان فى المعركة.
وهرب الملك الصالح إسماعيل، وعز الدين أيبك المعظمى، ومن سلم من العسكر، كلّ منهم على فرس ونهبت أموالهم. ووصلوا إلى حوران.
وتوجه صاحب حمص والعسكر الحلبى إلى بعلبك، واستولى على الرّبض «2» ، وسلّمه للأمير ناصر الدين القيمرى، وجمال الدين هارون. وعاد إلى حمص، وودع الحلبيين. وتوجهوا إلى حلب. وجاء الملك المنصور إلى دمشق، خدمة للملك الصالح، فنزل ببستان أسامة.
ومضت طائفة من الخوارزمية إلى البلقاء «1» ، فنزل إليهم الملك الناصر صاحب الكرك وصاهرهم واستخدمهم، وأسكن عيالهم بالصّلت «2» .
وفعل الأمير عز الدين المعظمى كذلك. وساروا فنزلوا نابلس، واستولوا عليها. وعاثوا فى الساحل.
فندب السلطان الملك الصالح نجم الدين الأمير فخر الدين بن الشيخ بالعساكر إلى الشام. فلما وصل إلى غزّة، عاد من كان بنابلس من الخوارزمية إلى الصّلت. فتوجه إليهم، وقاتلهم على حسبان «3» وكسرهم، وبدّد شملهم.
وكان الملك الناصر معهم، فسار إلى الكرك وتحصّن بها. وتبعه الخوارزمية، فلم يمكّنهم من دخول الكرك. وأحرق ابن الشيخ الصّلت. وكان الأمير عز الدين أيبك المعظمى مع الناصر، فعاد إلى صرخد وتحيّز بها.
وكانت كسرة الخوارزمية هذه فى سابع عشر شهر ربيع الآخر.
ونزل الأمير فخر الدين بن الشيخ على الكرك، فى الوادى. وكتب إلى الملك الناصر يطلب من عنده من الخوارزمية.
وكان عنده صبى مستحسن من الخوارزمية، اسمه طاش بورك بزخان، فطلبه ابن الشيخ، فقال الناصر: هذا طيّب الصوت، وقد أخذته ليقرأ عندى القرآن. فكتب إليه ابن الشيخ كتابا غليظا، وذكره غدره بأيمانه