الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهدم مدينة تنّيس. وسيّر إليها النّقّابين والحجّارين، فهدّمت بكمالها فى هذا الشهر، وأخليت ولم يبق بها ساكن. وكانت من المدن الجليلة: كدمياط والإسكندرية.
ذكر الوحشة الواقعة بين السلطان الملك الكامل وبين اخيه المعظم
وفى هذه السنة، تأكدت الوحشة بين السلطان الملك الكامل وبين أخيه الملك المعظم: صاحب دمشق. فكتب الملك الكامل إلى الأنبرور- ملك الألمان- أن يحضر إلى الشام والساحل، ويعطيه البيت المقدس، وجميع الفتوحات الصّلاحيّة بالساحل.
وكتب الملك المعظم إلى السلطان: جلال الدين خوارزم شاه، يسأله أن ينجده ويعينه على أخيه الملك الكامل. ويكون من جملة المنتمين إليه، ويخطب له على منابر بلاده، ويضرب باسمه الدينار والدرهم، فأجابه إلى ذلك. وسيّر إليه خلعة فلبسها، وشقّ بها مدينة دمشق. وغرم على رسل السلطان جلال الدين، فى مدة تسعة أشهر، تسعمائة ألف درهم. وقطع خطبة الملك الكامل.
فتجهز الملك الكامل وخرج لقصد دمشق. فكتب إليه الملك المعظم يقول: إننى قد نذرت لله تعالى أن كل مرحلة رحلت منها لقصدى أتصدق بألف دينار، فإن جميع عسكرك معى وكتبهم عندى، وأنا آخذك بعسكرك. هذا ما كتب له فى الباطن. وكتب إليه فى الظاهر يقول: أنا مملوكك، وما خرجت عن محبتك وطاعتك، وأنا أول من حضر لخدمتك قبل ملوك جميع الشام والشرق. فأظهر السلطان هذا الكتاب للأمراء، وعاد إلى القاهرة، وقبض على جماعة من الأمراء الذين توهّم فيهم أنهم كاتبوا الملك المعظم: من جملتهم الأمير فخر الدين الطّنبا الحبيشى «1» ، وفخر الدين الطّنبا الفيّومى أمير جاندار، وعشرة من الأمراء البحرية العادلية، وأخذ جميع أموالهم.
وفيها، فى يوم الأربعاء، سابع عشر شهر ربيع الأول، توفى القاضى ناصر الدولة أبو الحجاج يوسف، بن الأمير فخر الدين شاهان شاه، بن الأمير عز الدين أبى الفضل غسّان، بن الأمير العظم جلال الدين أبى عبد الله: محمد بن جلب راغب الآمرى «2» ، وقد تجاوز سبعين سنة.
وهو من أولاد الأمراء المصريين، لم يزالوا أمراء من الدولة الآمريّة إلى أيام شاور الوزير، فأبادهم وقتل بعضهم. ولما جاء أسد الدين شيركوه إلى الديار المصرية تزيّا القاضى ناصر الدين بزىّ القضاة، وخدم فى الخدم الديوانية، وعند الأمراء. وناصر الدولة هذا هو جد تاج الدين محمد بن
على، المعروف بابن ميسّر «1» ، صاحب التاريخ- رحمه الله تعالى.
وفيها فى يوم الأحد تاسع عشر شوال، كانت وفاة قاضى القضاة:
عماد الدين عبد الرحمن، بن عفيف الدين أبى محمد عبد العلى بن على، السّكّرى. تفقّه على الفقيه شهاب الدين الطّوسى «2» ، وعلى الفقيه أبو المنصور ظافر بن الحسين «3» . وسمع الحديث وحدّث به. وولى القضاء- كما تقدم. وولى الخطابة بالجامع الحاكمى بالقاهرة، والتدريس بمدرسة منازل العزّ بمصر «4» . ثم صرف عن القضاء والخطابة كما تقدم. وكان هيوبا.
وصحب جماعة من المشايخ، وله معهم أحوال ومكاشفات. ومولده بمصر فى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. رحمه الله تعالى.