الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلّت سنة تسع وأربعين وستمائة:
فى هذه السنة، خرج الملك المعز بعساكر الديار المصرية، لقصد الملك الناصر، فنزل على أمّ البارد عند العبّاسة. واتصل ذلك بالملك الناصر، فجهز العسكر الشامى إلى غزّة، ليكون قبالة العسكر المصرى. وأقام العسكران فى منازلهما ستين يوما. ونزل الملك الناصر على غمّتا من الغور، وخيّم عليها. وأقام بعسكره ستة أشهر.
وفيها فى شعبان، عزل قاضى القضاة: عماد الدين أبو القاسم إبراهيم ابن هبة الله بن إسماعيل بن نبهان بن محمد، الحموى، المعروف بابن المقنشع- عن القضاء بمصر والوجه القبلى. وأضيف ذلك إلى قاضى القضاة: بدر الدين السّنجارى. فاجتمع له الآن قضاء القضاة بالمدينتين، والوجهين القبلى والبحرى، ولم يجتمعا له قبل ذلك.
وفيها، قصد الأمير جمّاز بن شيحة المدينة النبوية- على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- وقبض على أخيه عيسى، وأقام بالمدينة.
وفيها، كانت وفاة الشيخ الإمام العالم بهاء الدين على بن سلامة بن المسلم بن أحمد، بن على اللّخمى المصرى، المعروف بابن الجمّيزى.
وكان إماما فاضلا، عالما بمذهب الإمام الشافعى. وأخذ العلم عن الشيخ شهاب الدين محمد الطّوسى، وعن محمد بن يحيى، وشرف الدين بن أبى عصرون. وتفقّه بالشام، وقرأ القرآن على جماعة منهم الشاطبى
والبطايحى. وسمع الحديث الكثير، ورواه. سمع شهدة «1» ببغداد.
والحافظ السّلفى بمصر. وأجيز بالفتيا فى سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وهو سبط الفقيه أبى الفوارس الجمّيزى.
وكان دمث الأخلاق، كريم النفس، قل أن يدخل إليه أحد إلا وأطعمه وكان يخالط الملوك، ويعظّمونه. ولم يزل كذلك إلى أن حج فى سنة خمس وأربعين وستمائة. فأهدى له صاحب اليمن هدية بمكة.
فقبلها. فأعرض عنه الملك الصالح نجم الدين أيوب.
وكانت وفاته بمصر فى ليلة الخميس، رابع عشر ذى الحجة. ودفن يوم الخميس بالقرافة، قريبا من روزبهان. ومولده يوم النحر سنة تسع وخمسين وخمسمائة- رحمه الله تعالى.
وفيها توفى الفقيه الشيخ، الرّياضى، علم الدين قيصر: بن أبى القاسم بن عبد الغنى بن مسافر، الحنفى المصرى، المعروف بتعاسيف. كان إماما فى علوم الرياضة، وفى فنون كثيرة.
وكانت وفاته بدمشق، فى يوم الأحد ثالث عشر شهر رجب. ودفن خارج باب شرقى، ثم نقل إلى الباب الصغير. ومولده سنة أربع وسبعين
وخمسمائة، بأصفون من أعمال مدينة قوص، من الصّعيد الأعلى بالديار المصرية «1» . وأصفون بلدة مشهورة هناك.
وفيها، توفى الصاحب الوزير: جمال الدين أبو الحسين يحيى، بن عيسى بن إبراهيم بن الحسين بن على بن حمزة بن إبراهيم، بن الحسين- بن مطروح.
من أهل صعيد مصر، ونشأ هناك. وأقام بمدينة قوص مدة. وتنقلت به الأحوال فى الخدم والولايات. ثم اتصل بخدمة السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، فى نيابته عن أبيه السلطان الملك الكامل بالديار المصرية.
وانتقل فى خدمته عند توجهه إلى بلاد الشرق، فى سنة تسع وعشرين وستمائة. ولم يزل هناك إلى أن ملك الملك الصالح الديار المصرية، فوصل إلى خدمته، فى أوائل سنة تسع وثلاثين وستمائة. فرتّبه ناظر الخزانة.
ثم نقله إلى دمشق، لما ملكها ثانيا، من عمه الملك الصالح إسماعيل، وجعله وزيرا وأميرا. واستمر إلى أن وصل السلطان الملك الصالح إلى دمشق فى شعبان سنة ست وأربعين وستمائة، فعزله عن الوزارة وسيّره مع العسكر لحصار حمص. ثم عاد فى خدمة السلطان الى الديار المصرية، وأقام معه بالمنصورة- وقد تغيّر عليه لأسباب اتصلت به عنه- ومع ذلك فلم يزل يلازم الخدمة. إلى أن مات السلطان الملك الصالح بالمنصورة. فجاء إلى مصر، وأقام بداره إلى أن مات.