الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واشتهرت وفاته بعد دفنه. وعمل عزاؤه ثلاثة أيام، وصلى عليه فى غالب مدن الإسلام. ونودى ببغداد: من أراد الصلاة على الملك العادل الغازى، المجاهد فى سبيل الله، فليحضر إلى جامع القصر. فحضر الناس وصلّوا عليه صلاة الغائب. ولم يتأخر غير الخليفة. وتقدموا إلى خطباء الجوامع بأسرهم، فصلوا عليه بعد صلاة الجمعة.
وكان- رحمه الله قد امتد ملكه واتسعت ممالكه. وكان ثبتا حازما، حسن التدبير صفوحا، يدبّر الملك والممالك على الوجه المرضى، متمسكا بأوامر الشرع الشريف ونواهيه، منفذا للأحكام الشرعية، عادلا مجاهدا عفيفا، كثير الصّدقة، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر. طهّر جميع ممالكه من الخمور والفواحش بأسرها، وأسقط كثيرا من المكوس والمظالم. وكان الذى يتحصّل من هذه الجهات بدمشق خاصة مائة ألف دينار، فأبطل ذلك.
وشدّد فى أمر الخمر، ومنع من دخوله إلى دمشق- رحمه الله تعالى.
ذكر تسمية أولاد السلطان الملك العادل وما استقر لهم من الممالك والإقطاع
كان له رحمه الله تعالى من الأولاد الذكور سبعة عشر، وهم:
الملك الكامل، ناصر الدين محمد، ملك الديار المصرية. والملك المعظم: شرف الدين عيسى، صاحب دمشق والبيت المقدس، والكرك «1»
والشّوبك «1» ، والسواحل. والملك الأشرف: مظفر الدين موسى، صاحب خلاط وما والاها وحرّان والرّها، وما مع ذلك.
والملك المظفر شهاب الدين غازى، صاحب ميّافارقين وما والاها والملك المظفّر شهاب الدين الحافظ أرسلان صاحب قلعة جعبر «2» وأعمالها.
والملك العزيز: عثمان له بانياس وتبنين وأعمال ذلك، وعدة أماكن من بلد دمشق، مثل نوى «3» وغيرها. والملك الصالح: عماد الدين اسماعيل، له قلعة بصرى وأعمالها، والسواد جميعه- وهو والعزيز فى خدمة أخيهما الملك المعظم.
والملك الفائز: إبراهيم، كان السلطان قد أقطعه الأعمال القوصية والملك المفضل: قطب الدين، أقطعه السلطان أيضا الأعمال الفيّومية، فأقر الملك الكامل ذلك بأيديهما. والملك المعز: مجير الدين يعقوب. والملك الأمجد: تقى الدين أبو الفضائل عباس- عند أخيهما الملك الأشرف صاحب خلاط. وله أيضا غير هؤلاء: الملك القاهر: إسحاق، وخليل- وهو أصغرهم.
ومات له من الأولاد- فى حياته- أربعة، وهم: شمس الدين مودود، والد الملك الجواد يونس. والملك الأوحد: نجم الدين أيوب، الذى افتتح خلاط، كما تقدم. والملك المغيث: محمود. والملك الأمجد حسن- وهو شقيق الملك المعظم، والملك العزيز.
وكان له عدة بنات، أجلهن ضيفة خاتون، والدة الملك العزيز، ابن الملك الظاهر صاحب حلب.
ولما مات السلطان الملك العادل، أقر ولده- الملك المعظم- أحوال دمشق، على ما هى عليه فى أيام والده، بقية جمادى الآخرة. فلما استهل شهر رجب، أعاد المكوس وأطلق الخمور والمنكرات، وما كان والده السلطان قد أبطله. فقيل له فى ذلك، فاعتذر بقلة الأموال وقتال الفرنج.
ثم سار إلى بانياس، وراسل الأمير صارم الدين التبّينى فى تسليم الحصون التى بيده، فأجاب إلى ذلك، وسلمها، فأخرب الملك المعظم بانياس وتبنين. وأعطى ما كان بيد أولاد الأمير فخر الدين جهاركس لأخيه الملك العزيز عثمان، وزوّجه ابنة «1» جهاركس. ونزل الأمير صارم الدين وولده وأصحابه من الحصون، فأكرمهم الملك المعظم وأحسن إليهم، وأظهر أنه ما أخرب بانياس وتبنين، إلا خوفا من استيلاء الفرنج عليها.