الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما كان فى جمادى الأولى، ملك الفرنج برح السّلسلة- وهو بين دمياط والبر الغربى، فى وسط بحر النيل- وذلك أنهم عملوا برجا من الخشب على بطسة «1» كبيرة، وأسندوه إلى البرج. وحصل القتال بين المسلمين المقيمين به وبين الفرنج، إلى أن ملكوه فى يوم السبت، ثامن الشهر.
ثم كانت وقعة كبيرة بين المسلمين والفرنج. فلما كان فى شهر رمضان، عمل الفرنج مرمّة عظيمة «2» ، وزحفوا بها فى بطسة، وقصدوا سور دمياط.
فأحرقها المسلمون. وغرق للفرنج «3» فى هذا الشهر مراكب كثيرة، فى البحر الملح.
ذكر حوادث وقعت فى مدة حصار ثغر دمياط
كان مما اتفق فى مدة الحصار جباية التبرع من التجار، من أرباب الأموال وذلك فى ذى القعدة، سنة خمس عشرة.
وفى يوم الثلاثاء، سابع عشر من الشهر، رحل السلطان الملك الكامل عن ثغر دمياط، وتأخر إلى أشموم «1» .
وسبب ذلك أن الملك الفائز كان عند أخيه الملك الكامل بثغر دمياط، وكان الأمير عماد الدين بن المشطوب يكره الملك الكامل، فأراد القبض عليه، وإقامة الملك الفائز. فاتصل ذلك بالكامل، فارتحل عن دمياط ليلا، وترك خيامه وخزائنه. فشعر المسلمون برحيله، فارتحلوا بأجمعهم، وتركوا أثقالهم وأموالهم. وأصبح الفرنج فلم يروا أحدا فى البر الشرقى. فظنوا أن ذلك مكيدة، فارتابوا. ثم حققوا الأمر، فلما اتضح لهم عدّوا بجملتهم، وكبسوا المنزلة «2» ونهبوا ما كان بها، واحتاطوا بدمياط برا وبحرا.
وكان السلطان قصد أن يتوجه إلى مصر، لخوفه من ابن المشطوب.
فأشار عليه بعض الأمراء بالإقامة على المنصورة، فاستقر بها. وثارت الفتن بالديار من العربان، فكانوا على المسلمين أشد من الفرنج.