الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفتحُ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلا فتح اللَّهُ له بابَ فقرٍ.
وأما الذي أحدثكم حديثا فاحفظوه فإنه قال: إنما الدنيا لأربعة نفر:
عبدٌ رزقه اللَّه عز وجل مالا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم للَّه عز وجل فيه حقه، قال: فهذا بأفضل المنازل.
قال: وعبدٌ رزقه اللَّه عز وجل علما ولم يرزقه مالا، قال: فهو يقول: لو كان لي مالٌ عملت بعمل فلان، قال: فأجرهما سواء.
قال: وعبدٌ رزقه اللَّه مالا ولم يرزقه علما، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه عز وجل، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم للَّه فيه حقه، فهذا بأخبث المنازل.
قال: وعبدٌ لم يرزقه اللَّه مالا ولا علما فهو يقول: لو كان لي مال لعملت بعمل فلان قال: هي نيته فوزرهما فيه سواء".
حسن: رواه الترمذيّ (2325)، وأحمد (18031) - واللفظ له، كلاهما من طريق عبادة بن مسلم، حدثني يونس بن خباب، عن سعيد أبي البختري الطائي، عن أبي كبشة الأنماري، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح".
وهو كما قال، فإن إسناده حسن من أجل يونس بن خباب، ولا يضره تشيعه لأنه ليس فيه ما يؤيد مذهبه.
14 - باب الترهيب من اختيار الرهبانية وترك الدنيا
• عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال آخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما واللَّه إني لأخشاكم للَّه وأتقاكم له، لكني أصوم وأُفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
متفق عليه: رواه البخاريّ في النكاح (5063) من طريق حميد بن أبي حُميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك يقول: (فذكره). واللفظ له.
ورواه مسلم في النكاح (1401) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، بمعناه.
• عن أبي جُحيفة قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدّرداء، فزار سلمان أبا الدّرداء فرأى أم الدرداء متبذّلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: كل فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدّرداء يقوم، قال: نمْ، فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نَمْ. فلما كان آخر الليل قال سلمان: قمْ الآن. فصلّيا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النّبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"صدق سلمان".
صحيح: رواه البخاريّ في الصوم (1968)، عن محمد بن بشّار، حدّثنا جعفر بن عون، حدّثنا أبو العُميس، عن عَون بن أبي جحيفة، عن أبيه، فذكره.
• عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون -واسمها خولة بنت حكيم- على عائشة وهي باذّة الهيئة، فسألتها: ما شأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل، ويصوم النهار. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له عائشة، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"يا عثمان! إن الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيّ أسوة؟ فواللَّه إن أخشاكم للَّه، وأحفظكم لحدوده لأنا".
صحيح: رواه عبد الرزاق (10375) عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة قالت: فذكرته.
ومن هذا الطريق رواه البزار - كشف الأستار (1458) وابن حبان (9) ولكن عن عروة وحده.
ورواه أحمد (25893) عن عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، قال: دخلت امرأة عثمان، فذكره مرسلًا.
وإليه أشار الهيثمي في المجمع (4/ 301) بقوله: "وأسانيد أحمد رجالها ثقات إلا أن طريق "إن أخشاكم" أسندها أحمد، ووصلها البزار برجال ثقات".
وأما ما قيل: لا رهبانية في الإسلام، فلم أجد له أصلا، وقد روي عن يزيد الفقير، عن جابر ابن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق لمن لا يملك، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا وصال في صيام، ولا رضاع بعد فطام، ولا يتم بعد حلم، ولا رهبانية فينا".
وفيه سعيد بن المرزبان البقال ضعيف جدًّا، ومن طريقه أخرجه ابن حبان في المجروحين (384)، وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 641):"هذا حديث لا يصح لأجل سعيد بن المرزبان البقال فإنه متروك". وأما ما رُوي عن أبي أمامة مرفوعا: "ولا تكونوا كرهبانية النصارى" فهو ضعيف. رواه البيهقي (7/ 78) وفي إسناده محمد بن ثابت البصري، ضعفه أكثر أهل العلم.