الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشيخان رضي الله عنهما لم يحتجا بعلي بن زيد".
وتعقبه الذهبي بقوله: "ابن جدعان صالح الحديث".
قلت: الراجح فيه أنه ضعيف وقد ذكر الذهبي في الميزان بعض أحاديثه وقال: إنها منكرة. ولكن لبعض فقراته أسانيد صحيحة مثل قوله: "الدنيا حلوة خضرة"، و"القول بالحق"، و"الترهيب من الغدر" وهي مخرجة في مواضعها.
هذه الخطبة وردتْ أجزاؤها مفرقة في كتب الفتن والملاحم وأشراط الساعة وأخبار الماضين ونحوها، فإنها تضمنت أجزاء هذه الخطبة، كما أن هذه الكتب اشتملت على أحاديث أخرى في مواضع ومناسبات مختلفة، فلم يذهب شيء من هذه الخطبة البتة، ويدل على ذلك قول حذيفة:"حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه".
وحاولتُ في الجامع الكامل جمع أجزاء هذه الخطبة من مصادرها المختلفة، وإليكم حديث حذيفة بن اليمان في ذكر هذه الخطبة.
15 - باب حديث حذيفة في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه وما يكون إلى قيام الساعة
• عن حذيفة قال: قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقاما، ما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه.
متفق عليه: رواه البخاريّ في القدر (6604)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (2891: 23) كلاهما من طرق عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، عن حذيفة، فذكره. والسياق لمسلم.
• عن حذيفة أنه قال: أخبرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا قد سألته، إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة؟
صحيح: رواه مسلم في الفتن (2891: 24) من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن عبد اللَّه بن يزيد، عن حذيفة، فذكره.
• عن حذيفة بن اليمان قال: واللَّه إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي إلا أن يكون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسرَّ إليّ في ذلك شيئًا لم يُحدثه غيري، ولكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسًا أنا فيه عن الفتن، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يعُدُّ الفتن:"منهن ثلاث لا يكدْنَ يذرْنَ شيئًا، ومنهن فتن كرياحِ الصيف، منها صغار، ومنها كبار". قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري.
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2891: 22) عن حرملة بن يحيى التجيبي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن أبا إدريس الخولاني كان يقول: قال حذيفة ابن اليمان، فذكره.
• عن حذيفة قال: كنا عند عمر، فقال: أيكم يحفظ حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الفتنة كما قال؟ قال: فقلت: أنا، قال: إنك لجريء، وكيف قال؟ قال: قلت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "فتنة الرجل في أهله، وماله، ونفسه، وولده، وجاره، يكفّرها الصيام، والصلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر"، فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر، قال: فقلت: ما لك ولها يا أمير المؤمنين؟ إدن بينك وبينها بابًا مغلقًا، قال: أفيُكسرُ الباب أم يُفتح؟ قال: قلت: لا بل يُكسر، قال: ذلك أحرى أن لا يُغلق أبدًا.
قال (القائل هو الشقيق): فقلنا لحذيفة، هل كان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم كما يعلم أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثا ليس بالأغاليط، قال: فهبنا أن نسأل حذيفة من الباب؟ فقلنا لمسروق: سلْه فسأله، فقال: عمر.
متفق عليه: رواه البخاريّ في مواقيت الصلاة (525)، ومسلم في الفتن (144: 26) كلاهما من طرق عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، فذكره.
• عن حذيفة قال: كنا عند عمر، فقال: أيكم سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل، قال: تلك تكفّرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر، قال حذيفة: فأسكتَ القومُ فقلت: أنا، قال: أنت للَّه أبوك، قال حذيفة: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تُعرض الفتنُ على القلوب كالحصير عُودًا عُودًا، فأي قلب أُشربها نُكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نُكت فيه نكتة بيضاءُ، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والاخر أسود مُربادًا كالكوز مجخِّيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشرب من هواه".
قال حذيفة: وحدثته أن بينك وبينها بابًا مغلقًا، يوشك أن يُكسرَ، قال عمر: أكسرًا لا أبا لك! فلو أنه فُتح لعله كان يُعاد، قلت: لا بل يُكسر، وحدّثتُه أن ذلك الباب رجل يُقتل أو يموت، حديثا ليس بالأغاليط.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (144: 231) عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير، حدّثنا أبو خالد -يعني سليمان بن حيان- عن سعد بن طارق، عن ربعي، عن حذيفة، فذكره.
قال أبو خالد: فقلت لسعد: يا أبا مالك ما أسود مربادًا؟ قال: شدة البياض في سواد، قال: قلت: فما الكوز مجخيا؟ قال: منكوسا.
• عن حذيفة قال: حدّثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدّثنا:"أن الأمانة نزلت في جَذْر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة"، ثم حدّثنا عن رفع الأمانة قال:"ينام الرجل النومة، فتُقبض الأمانةُ من قلبه، فيظلُّ أثرها مثل الوكْتِ، ثم ينام النومةَ فتُقبض الأمانة من قلبه، فيظلُّ أثرها مثل المجل كجمر دَحْرجتَه على رجلك، فنفط فتراه منتبرًا، وليس فيه شيء، (ثم أخذ حصًى فدَحْرجه على رجله) فيُصيح الناس يتبايعون، لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال: إن في بني فلان رجلًا أمينا، حتى يقال للرجل: ما أجْلدَه! ما أظْرفَه! ما أعْقلَه! وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان".
ولقد أتى عليَّ زمان، وما أبالي أيكم بايعتُ، لئن كان مسلمًا ليردنّه عليّ دينُه، ولئن كان نصرانيًّا أو يهوديًّا ليردنّه على ساعيه، وأما اليوم فما كنتُ لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الفتن (6497) واللفظ له، ومسلم في الإيمان (143: 230) كلاهما من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، فذكره.
قوله: "جذر قلوب الرجال" الجذر هو أصل كل شيء والمراد: من أصلها.
وقوله: "مثل الوكت" هو الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه.
وقوله: "المجل" من مَجِلَ يَمْجَل يقال: مجلتْ يده أي صارتْ في يده من العمل بفأس ونحوها كالقبة فيه ماء قليل.
• عن حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول اللَّه، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا اللَّه بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:"نعم" قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم وفيه دَخن" قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يهدون بغير هديي تَعرف منهم وتُنكر" قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها" قلت: يا رسول اللَّه صفْهم لنا قال: "هم من جلدتنا
ويتكلمون بألسنتنا" قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الفتن (7084)، ومسلم في الإمارة (1847: 51) كلاهما عن محمد بن المثنى، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا ابن جابر، حدثني بسر بن عبيد اللَّه الحضرمي، أنه سمع أبا إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: فذكره.
ورواه مسلم عقبه (52) من طريق يحيى بن حسان، حدّثنا معاوية (يعني ابن سلام)، حدّثنا زيد ابن سلام، عن أبي سلام قال: قال حذيفة بن اليمان: قلت: يا رسول اللَّه إنا كنا بشر، فجاء اللَّه بخير فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال:"نعم" قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟ قال: "نعم" قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟ قال: "نعم" قلت: كيف؟ قال: "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس" قال: قلت: كيف أصنع يا رسول اللَّه إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك فاسمع وأطع".
ولكن في إسناده انقطاع؛ لأن أبا سلام واسمه ممطور الحبشي لم يسمع من حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
قال الدارقطني في التتبع (ص 226): "وهذا عندي مرسل، أبو سلام لم يسمع من حذيفة ولا من نظرائه الذين نزلوا العراق؛ لأن حذيفة توفي بعد قتل عثمان رضي الله عنه بليال وقد قال فيه حذيفة، فهذا يدل على إرساله".
وقال الحافظ في ترجمة ممطور أبي سلام من التهذيب (10/ 296): "أرسل عن حذيفة وأبي ذر وغيرهما".
والحديث صحيح كما سبق بالإسناد الأول، وهذا الإسناد ذكره مسلم متابعة لما فيه زيادات.
وقوله في الحديث: "تلزم جماعة المسلمين" قال الطبري: "أي الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة. قال: وفي الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحدًا في الفرقة ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك، خشية من الوقوع في الشر". انظر: فتح الباري (10/ 37).
• عن حذيفة قال: قلت: يا رسول اللَّه، أبعد هذا الخير الذي نحن فيه من شرٍّ نحذره؟ قال:"يا حذيفة، عليك بكتاب اللَّه فتعَلَّمْه، واتبع ما فيه" حتى قال ذلك ثلاث مرات، قلت: نعم.
صحيح: رواه ابن حبان (1107)، والبيهقي في الشعب (1719) كلاهما من طريق عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن مسعر بن كدام -زاد البيهقي: وسفيان الثوري- عن عمرو
ابن مرة، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن حذيفة، فذكره. واللفظ للبيهقي. وإسناده صحيح.
• عن أبي الطفيل قال: انطلقت أنا وعمرو بن صليع حتى أتينا حذيفة، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن هذا الحي من مضر، لا تدعُ للَّه في الأرضِ عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته، حتى يدركها اللَّه بجنود من عباده، فيذلها حتى لا تَمْنَع ذنَبَ تلعة".
صحيح: رواه الطيالسي (421) -وعنه أحمد (23316) - وصحّحه الحاكم (4/ 469 - 470) كلاهما من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أبي الطفيل، فذكره.
والسياق لأحمد، وعند الحاكم في أوله قصة.
وإسناده صحيح. قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
قوله: "ذَنَب" بفتحتين والاضافة إلى تلعة، والتلعة: مسيل الماء من علو إلى أسفل، وقيل: من الأضداد يقع على ما انحدر من الأرض وأشرف منها، وأذناب المسايل: أسافل الأودية، وهذا غاية لإذلالهم ووصف لهم بالذل والضعف وقلة المنعة كأنه قال: حتى لا يملكوا أسفل واد فضلا عن البلاد، والحكم بين العباد. قاله السندي.
• عن حذيفة قال: ادنوا يا معشر مضر، فواللَّه لا تزالون بكل مؤمن تفتنونه وتقتلونه حتى يضربكم اللَّه وملائكته والمؤمنون حتى لا تمنعوا بطن تلعة، قالوا: فلم تُدْنينا ونحن كذلك؟ قال: إن منكم سيد ولد آدم، وإن منكم سوابق كسوابق الخيل.
صحيح: رواه ابن أبي شيبة (38556)، والبزار (2858) كلاهما من حديث يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، حدثني منصور بن المعتمر، عن ربعي، عن حذيفة قال: فذكره.
وإسناده صحيح، وهو إن كان وقفه بعض الرواة فالأصل أنه مرفوع.
• عن حذيفة بن اليمان يقول: يا أيها الناس، ألا تسألوني؟ فإن الناس كانوا يسألون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، إن اللَّه بعث نبيه صلى الله عليه وسلم، فدعا الناس من الكفر إلى الإيمان، ومن الضلالة إلى الهدى، فاستجاب من استجاب، فحي من الحق ما كان ميتا، ومات من الباطل ما كان حيا، ثم ذهبت النبوة، فكانت الخلافة على منهاج النبوة.
صحيح: رواه أحمد (23432) عن عبد الرزاق، حدّثنا بكار، حدثني خلاد بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا الطفيل، يحدث أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: فذكره.
وإسناده صحيح. بكار هو: ابن عبد اللَّه الصنعاني من رجال التعجيل.
قوله: "فكانت الخلافة على منهاج النبوة" أي بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو عهد الخلفاء الراشدين، وفيه مدح وثناء للخلفاء الراشدين.
• عن النعمان بن بشير قال: كنا قعودًا في المسجد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان بشير رجلا يكف حديثه، فجاء أبو نعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الأمراء؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تكون النبوة فيكم ما شاء اللَّه أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء اللَّه أن تكون ثم يرفعها إذا شاء اللَّه أن يرفعها. ثم تكون مُلكا عاضًّا فيكون ما شاء اللَّه أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء اللَّه أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة" ثم سكت.
قال حبيب: فلما قام عمر بن عبد العزيز، وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه، فقلت له: إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين -يعني: عمر- بعد الملك العاض والجبرية، فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز، فسر به، وأعجبه.
حسن: رواه أحمد (18406) عن سليمان بن داود الطيالسي، حدثني داود بن إبراهيم الواسطي، حدثني حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، فذكره.
واسناده حسن من أجل حبيب بن سالم فإنه حسن الحديث. إلا قوله: "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة". فهو شاذ والأحاديث الصّحيحة ليس فيها ذكر الخلافة على منهاج النبوة بعد ذهاب الخلافة، وإتيان الملك.
• عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يَدْرس الإسلام كما يَدْرس وَشْيُ الثوب، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك، ولا صدقة، وليسرى على كتاب اللَّه عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس والشيخ الكبير والعجوز، يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا اللَّه، فنحن نقولها" فقال له صلة: ما تُغْني عنهم لا إله إلا اللَّه، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يُعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة، تنجيهم من النار، ثلاثا.
صحيح: رواه ابن ماجه (4049)، والحاكم (4/ 473) كلاهما من طريق أبي معاوية، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، فذكره.
وإسناده صحيح. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم".
• عن جندب بن عبد اللَّه البجلي قال: جئت يوم الجرعة، فإذا رجل جالس، فقلت: ليهراقن اليوم ههنا دماء، فقال ذاك الرجل: كلا واللَّه، قلت: بلى واللَّه، قال: كلا واللَّه قلت: بلى واللَّه، قال: كلا واللَّه، إنه لحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثنيه، قلت: بئس الجليس لي أنت منذ اليوم تسمعني أخالفك وقد سمعتَه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلا تنهاني؟ ثم قلت: ما هذا الغضب؟ فأقبلت عليه، أسأله فإذا الرجل حذيفة.
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2893) من طرق عن معاذ بن معاذ، حدّثنا ابن عون، عن محمد (هو ابن سيرين) قال: قال جندب: فذكره.
قوله: "الجرعة" موضع بقرب الكوفة، و"يوم الجرعة" يوم خرج فيه أهل الكوفة يتلقون واليًا ولاه عليهم عثمان، فردوه وسألوا عثمان أن يولي عليهم أبا موسى الأشعري، فولاه.
قوله: "أخالفك" قال النووي: وقع في جميع نسخ بلادنا المعتمدة "أخالفك" بالخاء المعجمة، وقال القاضي: رواية شيوخنا كافة بالحاء المهملة من الحلف الذي هو اليمين، قال: ورواه بعضهم بالمعجمة وكلاهما صحيح، قال: لكن المهملة أظهر لتكرر الأيمان بينهما.
• عن أبي ثور قال: بعث عثمان يوم الجرعة بسعيد بن العاص قال: فخرجوا إليه، فردوه، قال: فكنت قاعدًا مع أبي مسعود وحذيفة، فقال أبو مسعود: ما كنت أرى أن يرجع لم يُهْرق فيه دما، قال: فقال حذيفة: ولكن قد علمتُ لترجعنَّ على عقبيها لم يُهرق فيها محجمة دم، وما علمتُ من ذلك شيئًا إلا علمته، ومحمد صلى الله عليه وسلم حي، "حتى إن الرجل ليُصبح مؤمنًا ثم يُمسي ما معه منه شيء، ويُمسي مؤمنا ويصبح ما معه منه شيء، يقاتل فئته اليوم، ويقتله اللَّه غدًا، يُنكِّسُ قلبَه تعلوه استُه". قال: فقلت: أسفله؟ قال: استه.
حسن: رواه أحمد (23348)، والحاكم (2/ 158) كلاهما من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي ثور الحداني، فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي ثور الحداني فقد روى عنه الشعبي، وأبو البختري، والشعبي ممن لا يروي إلا عن ثقة، وقال أبو داود: كوفي جليل، وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد".
• عن قيس بن عباد قال: قلتُ لعمار: أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر عَليٍّ، أرأيا رأيتموه، أو شيئًا عهده إليكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا لم يَعْهَده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "في أصحابي اثنا عشر منافقا، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلجَ
الجملُ في سمِّ الخياط، ثمانية منهم تكفيه الدَّبيلة وأربعة". قال أسود بن عامر: لم أحفظ ما قال شعبة فيهم.
وفي رواية عنه: قلنا لعمار أرأيت قتالكم أرأيًا رأيتموه؟ فإن الرأي يُخطئ ويُصيب، أو عهدًا عهده إليكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا لم يَعْهدْه إلى الناس كافة، وقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن في أمتي.
قال شعبة: وأحسبه قال: حدثني حذيفة. وقال غندر: أراه قال: "في أمتي اثنا عشر منافقًا، لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحَها حتى يلجَ الجملُ في سمِّ الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدَّبيلة، سراج من النار، يظهر في أكتافهم حتى ينجُم من صُدورهم".
صحيح: رواه مسلم في صفات المنافقين (2779: 9) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا أسود ابن عامر، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس، فذكره باللفظ الأول.
ورواه (2779: 10) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، به باللفظ الثاني.
• عن أبي الطفيل قال: كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أَنْشدُك باللَّه، كم كان أصحاب العقبة؟ قال: فقال له القوم: أخبره إذ سألك، قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد باللَّه أن اثني عشر منهم حرب للَّه ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا مناديَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا عَلِمْنا بما أراد القوم، وقد كان في حرَّة، فمشى، فقال:"إن الماء قليل، فلا يسبقني إليه أحد. فوجد قوما قد سبقوه، فلعنهم يومئذ".
صحيح: رواه مسلم في صفات المنافقين (2879: 11) عن زهير بن حرب، حدّثنا أبو أحمد الكوفي، حدّثنا الوليد بن جميع، حدّثنا أبو الطفيل، فذكره.
قوله: "أصحاب العقبة" قال النووي: هذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التي كانت بها بيعة الأنصار، وإنما هذه عقبة على طريق تبوك، اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فعصمه اللَّه منهم.
• عن حذيفة قال: إنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان.
صحيح: رواه البخاريّ في الفتن (7114) عن خلاد، حدّثنا مسعر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الشعثاء، عن حذيفة قال: فذكره.
• عن حذيفة بن اليمان قال: إدن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يومئذ يُسِرُّون، واليوم يَجْهرون.
صحيح: رواه البخاريّ في الفتن (7113) عن آدم بن أبي إياس، حدّثنا شعبة، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان قال: فذكره.
• عن حذيفة أن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "في أمتي كذابودن ودجالودن سبعة وعشرون، منهم أربع نسوة، وإني خاتم النبيين، لا نبي بعدي".
صحيح: رواه أحمد (23358)، والطحاوي في شرح المشكل (2953)، والطبراني في الكبير (3/ 188) كلهم من طريق معاذ بن هشام قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده، ولم أسمعه منه، عن قتادة، عن أبي معشر، عن إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث، عن حذيفة، فذكره.
وإسناده صحيح. وأبو معشر هو زياد بن كليب الحنظلي.
• عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي زمان يتمنون فيه الدجال" قلت: يا رسول اللَّه بأبي وأمي مم ذاك؟ قال: "مما يلقون من الضناء أو العناء".
حسن: رواه الطبراني في الأوسط (4301) عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال: نا أحمد بن عمر الوكيعي، قال: نا قبيصة بن عقبة، قال: نا عبيد بن طفيل أبو سيدان العبسي، قال: سمعت شداد بن عمار يقول: قال حذيفة: فذكره.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبيد بن طفيل إلا قبيصة، تفرد به أحمد بن عمر الوكيعي".
وليس كما قال، فقد رواه أيضًا البخاري في التاريخ الكبير (4/ 225) عن قبيصة.
ورواه أيضًا البزار (2849) عن القاسم بن بشر بن معروف، قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا عبيد بن الطفيل، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة نحوه.
فسمي الراوي عن حذيفة: ربعي بن حراش وهو ثقة، فلعل الاثنين: عمار بن شداد وربعي بن حراش روياه عن حذيفة.
والإسناد حسن من أجل قبيصة وعبيد بن طفيل فإنهما صدوقان.
• عن ربعي بن حراش، عن عقبة بن عمرو أبي مسعود الأنصاري قال: انطلقت معه إلى حذيفة بن اليمان، فقال له عقبة: حدِّثْني ما سمعت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الدجال قال: "إن الدجال يخرج، وإلن معه ماءً ونارًا، فأما الذي يراه الناس ماءً فنار تُحرق، وأما الذي يراه الناس نارًا، فماءٌ باردٌ عذبٌ، فمن أدرك ذلك منكم، فليقع في الذي يراه نارًا، فإنه ماءٌ عذبٌ طيّبٌ". فقال عقبة: وأنا قد سمعته -تصديقا لحذيفة-.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأنبياء (3450)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (2934 - 2935) كلاهما من طريق عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، فذكره، واللفظ لمسلم. وعقبة بن عمرو الأنصاري هو المعروف بأبي مسعود البدري.
• عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان: آحدهما رأى العين، ماء أبيض، والآخر رأى العين، نار تأجَّجُ، فإما أدركَنَّ أحدٌ، فليأت النهر الذي يراه نارًا وليُغَمّض، ثم ليُطأطئْ رأسَه فيشربَ منه، فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب".
صحيح: رواه مسلم في الفتن (2934: 105) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا يزيد بن هارون، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حِراش، عن حذيفة، فذكره.
• عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الدجال أعور العين اليسرى، جُفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار".
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2934) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة قال: فذكره.
قوله: "جُفال الشعر" أي كثير الشعر.
• عن حذيفة قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الدجال، فقال:"لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، إنها ليستْ من فتنة صغيرة، ولا كبيرة إلا تتضع لفتنة الدجال، فمن نجا من فتنة ما قبلها، نجا منها، وإنه لا يضر مسلما، مكتوب بين عينيه: كافر مهجَاة: ك ف ر".
حسن: رواه البزار (2807)، وصحّحه ابن حبان (6807) واللفظ له، كلاهما عن أبي كريب قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق ابن شهاب، عن حذيفة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش فإنه حسن الحديث، وتابعه حفص بن غياث إلا أن روايته مختصرة، فقد روى الطبراني في الكبير (3/ 185) عن عمر بن حفص بن غياث، حدثني أبي، حدّثنا الأعمش به. ولفظه: وذكر الدجال "مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مسلم". وإسناده صحيح.
• عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تكون فتنٌ، على أبوابها دعاةٌ إلى النار، فأن تموتَ وأنت عاضٌّ على جذل شجرةٍ خيرٌ لك من أن تتبع أحدًا منهم".
حسن: رواه ابن ماجه (3981) عن محمد بن عمر بن علي المقدمي، حدّثنا أبو عامر الخزاز،
عن حميد بن هلال، عن عبد الرحمن بن قرط، عن حذيفة، فذكره.
وعبد الرحمن بن قرط مجهول كما في التقريب، ولكنه توبع في الأسانيد السابقة سندًا ومتنًا.
• عن حذيفة: إن الناس كانوا يسألون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، فأَحدقه القوم بأبصارهم، فقال: إني قد أرى الذي تنكرون، إني قلت: يا رسول اللَّه، أرأيت هذا الخير الذي أعطانا اللَّه تعالى أيكون بعده شر كما كان قبله؟ قال:"نعم" قلت: فما العصمة من ذلك؟ قال: "السيف" -قال قتيبة في حديثه- قلت: وهل للسيف يعني من بقية؟ قال: "نعم". قال: قلت: ماذا؟ قال: "هُدنة على دَخن" قال: قلت: يا رسول اللَّه ثم ماذا يكون؟ قال: "إن كان للَّه تعالى خليفة في الأرض فضربَ ظهرَك، وأخذ مالَك فأطعْه، وإلا فمُتْ وأنت عاضٌّ بجذلِ شجرة" قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم يخرج الدجال معه نهر ونار، فمن وقع في ناره وجب أجره وحُطَّ وزرُه، ومن وقع في نهره وجب وزرُه وحُطَّ أجره". قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: "ثم هي قيام الساعة".
حسن: رواه أبو داود (4244) -واللفظ له- وأحمد (23430)، والحاكم (4/ 432 - 433) كلهم من حديث أبي عوانة، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن سبيع بن خالد وهو اليشكري قال: أتيت الكوفة في زمن فُتحت تُستر، أجلب منها بِغالًا، فدخلت المسجد، فإذا صدعٌ من الرجال، وإذا رجل جالس تَعرف إذا رأيته أنه من رجال أهل الحجاز، قال: قلت من هذا؟ فتجهَّمني القوم، وقالوا: أما تعرف هذا؟ هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل سبيع بن خالد، فقد روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه العجلي كما في التهذيب، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد.
- وعن خالد بن خالد اليشكري بهذا الحديث قال -يعني حذيفة-: قلتُ: بعد السيف؟ قال - يعني النبي صلى الله عليه وسلم: "بقيةٌ على أقذاءٍ، وهدنةٌ على دخن". ثم ساق الحديث.
قال: وكان قتادة يضعه على الردة التي في زمن أبي بكر: "على أقذاء" يقول: قذى، و"هدنة" يقول: صلح، و"على دخن" على ضغائن.
حسن: رواه أبو داود (4245) من حديث عبد الرزاق -وهو في مصنفه (2071)، وعند أحمد (23429) عن معمر، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن خالد بن خالد اليشكري، فذكر الحديث بطوله كما عند أحمد، وجاء فيه كما عند أبي داود بزيادة.
وإسناده حسن من خالد بن خالد اليشكري، وهو سبيع بن خالد، ويقال له: خالد بن خالد وهو حسن الحديث كما مضى.
- وعن نصر بن عاصم الليثي قال: أتينا اليشكري في رهط من بني ليث فقال: من القوم؟ فقلنا: بنو ليث أتيناك نسألك عن حديث حذيفة. قال: أقبلنا مع أبي موسى قافلين، وغَلَت الدوابُّ بالكوفة قال: فسألت أبا موسى أنا وصاحب لي، فأذن لنا، فقدمنا الكوفة، فقلت لصاحبي: أنا داخل المسجد، فإذا قامت السوق خرجتُ إليك، قال: فدخلت المسجد، فإذا فيه حلقة كأنما قطعت رؤوسهم يستيعون إلى حديث رجل، قال: فقمت عليهم، فجاء رجل، فقام إلى جنبي قال: فقلت من هذا؟ قال: أبصري أنت؟ قال: قلت: نعم. قال: قد عرفتُ ولو كنت كوفيا، لم تسأل عن هذا، قال: فدنوتُ منه، فسمعتُ حذيفة يقول:
كان الناس يسألون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، وعرفتُ أن الخير لن يسبقني. قال: قلت: يا رسول اللَّه بعد هذا الخير شر؟ فقال: "يا حذيفة، تعلَّمْ كتاب اللَّه، واتَّبعْ ما فيه"، ثلاث مرار، قال: فقلت: يا رسول اللَّه بعد هذا الخير شر؟ فقال: "يا حذيفة، تعلَّمْ كتاب اللَّه، واتَّبعْ ما فيه"، قلت: يا رسول اللَّه بعد هذا الخير شر؟ قال: "فِتنة وشر" قلت: يا رسول اللَّه بعد هذا الشر خير؟ قال: "يا حذيفة، تعلَّمْ كتاب اللَّه، واتَّبعْ ما فيه" ثلاث مرات، قلت: يا رسول اللَّه بعد هذا الشر خير؟ قال: "هُدنة على دَخن، وجماعةٌ على أقْذاءٍ فيها أو فيهم"، فقلت: يا رسول اللَّه، الهدنة على الدخن ما هي؟ قال:"لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه" قال: قلت: يا رسول اللَّه بعد هذا الخير شر؟ قال: "يا حذيفة، تعلَّمْ كتاب اللَّه، واتَّبعْ ما فيه" ثلاث مرار، قال: قلت: يا رسول اللَّه بعد هذا الخير شر؟ قال: "فتنة عمياءُ صمّاءُ عليها دعاةٌ على أبواب النار، فإن مُتَّ يا حذيفة وأنت عاضٌّ على جِذْلٍ خير لك من أن تتبع أحدًا منهم".
حسن: رواه أبو داود (4246)، وأحمد (23282)، وصحّحه ابن حبان (5963) كلهم من طريق سليمان بن المغيرة، عن حميد، عن نصر بن عاصم الليثي، فذكره.
وإسناده حسن من أجل اليشكري وهو خالد بن خالد أو سبيع بن خالد حسن الحديث.
- وعن سبيع بن خالد بهذا الحديث عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فإن لم تجد يومئذ خليفةً، فاهرب حتى تموت، فإن تَمُتْ وأنت عاضٌّ" وقال في آخره: قال: قلت: فما يكون بعد ذلك؟ قال: "لو أن رجلا نتج فرسًا لم تُنتج حتى تقوم الساعة".
حسن: رواه أبو داود (4247)، وأحمد (23425) كلاهماصت حديث أبي التياح، عن صخر ابن بدر العجلي، عن سبيع بن خالد، بهذا الحديث، فذكره.
وإسناده حسن من أجل سبيع بن خالد، وأما صخر فهو ابن بدر العجلي فهو مجهول، ولكنه توبع فيما سبق.
قوله: "لو أن رجلا نتج. . . " فيه بيان قرب القيامة بعد ظهور علامات الساعة الكبرى التي يسبقها كما يُفهم من أحاديث حذيفة نفسه، ففيه حذف واختصار.
الفائدة: يستفاد من سرد أحاديث حذيفة بن اليمان في مكانٍ واحدٍ أنه كان يروي مطولا، وأخرى مختصرًا، أو كان أصحابه يختصرون حسب الضرورة، وهي كلها صحيحة إلا بعض الكلمات التي وقع فيها الوهمُ من الرواة.
ومما روي عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لُكع بن لُكع".
رواه الترمذيّ (2209)، وأحمد (23303) كلاهما من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عبد اللَّه ابن عبد الرحمن الأنصاري الأشهلي، عن حذيفة، فذكره.
وقال الترمذيّ: "حديث حسن، إنما نعرفه من حديث عمرو بن أبي عمرو".
قلت: عبد اللَّه بن عبد الرحمن الأشهلي تفرد بالرواية عنه عمرو بن أبي عمرو، ولم يوثّقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته على قاعدته في توثيق من لم يعرف فيه جرح. وقال ابن معين:"لا أعرفه".
والمتن ثابت من أحاديث صحابة آخرين كما هو مذكور في محله.
وقوله: "لُكع بن لُكع" على وزن زُفر، والمقصود منه من لا يعرف له أصل، ولا يحمد له خُلق.
وأما ما روي عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم، وتجتلدوا بأسيافكم، ويرثُ دُنياكم شِرارُكم" فإسناده ضعيف.
رواه الترمذيّ (2170)، وابن ماجه (4043)، وأحمد (23302) كلهم من طرق عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الأنصاري الأشهلي، عن حذيفة بن اليمان، فذكره.
وقال الترمذيّ: "حديث حسن، إنما نعرفه من حديث عمرو بن أبي عمرو".
قلت: عبد اللَّه بن عبد الرحمن الأنصاري مجهول، تفرد بالرواية عنه عمرو بن أبي عمرو، ولم يوثّقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته على قاعدته في توثيق من لم يُعرف فيه الجرح.
وقال ابن معين: لا أعرفه، وقال الذهبي في الميزان:"له حديث منكر"، أراد به هذا.
وكذلك لا يصح ما روي عن حذيفة بن اليمان: واللَّه ما أدري أنسي أصحابي أم تناسوا؟ واللَّه ما ترك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا، يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدًا، إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته.
رواه أبو داود (4243) عن محمد بن يحيى بن فارس، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا ابن فروخ، قال: أخبرني أسامة بن زيد، قال: أخبرني ابن لقبيصة بن ذؤيب، عن أبيه قال: قال حذيفة ابن اليمان، فذكره.
وابن فروخ هو: عبد اللَّه الخراساني مختلف فيه غير أنه يحسن حديثه إذا كان لحديثه أصل، ولا يقبل عند التفرد والمخالفة، وقد تفرد بهذه الرواية.