الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: قد خرج من مكة، ونزل يثرب، قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم، قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه، وإني مخبركم عني، إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج، فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة -أو واحدًا منهما- استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها".
قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة -يعني المدينة-، ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ " فقال الناس: نعم، "فإنه أعجبني حديث تميم، أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه، وعن المدينة ومكة، ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق، ما هو! من قبل المشرق، ما هو! من قبل المشرق، ما هو! وأومأ بيده إلى المشرق، قالت: فحفظتُ هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2942) من طرق عن عبد الوارث بن عبد الصمد، حدّثنا أبي، عن جدي، عن الحسين بن ذكوان، حدّثنا ابن بريدة، حدّثني عامر بن شراحيل الشعبي، فذكره.
7 - باب ما جاء في ابن صياد
• عن سالم بن عبد اللَّه أخبره، أن عبد اللَّه بن عمر أخبره: أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة، وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم، فلم يشعر حتى ضرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ظهره بيده، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لابن صياد:"أتشهد أني رسول اللَّه؟ فنظر إليه ابن صياد، فقال: أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فرفضه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقال: "آمنت باللَّه وبرسله"، ثم قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ماذا ترى؟ " قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خلط عليك الأمر"، ثم قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إني قد خبأت لك خبيئا"، فقال ابن صياد: هو الدخ، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اخسأ، فلن تعدو قدرك"، فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول اللَّه أضرب عنقه، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله".
وقال سالم بن عبد اللَّه: سمعت عبد اللَّه بن عمر يقول: انطلق بعد ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم النخل، طفق يتقي بجذوع النخل، وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئًا قبل أن يراه ابنُ صياد، فرآه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراش في قطيفة له فيها زمزمة، فرأت أم ابن صياد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل، فقالت لابن صياد: يا صاف! (وهو اسم ابن صياد) هذا محمد، فثار ابن صياد، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لو تركتْه بَيَّنَ".
قال سالم: قال عبد اللَّه بن عمر: فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال:"إني لأنذركموه، ما من نبي إلا وقد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكن أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، تعلَّموا أنه أعور، وأن اللَّه تبارك وتعالى ليس بأعور".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (1354 - 1355)، وفي الجهاد والسير (3055 - 3057، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (2930 - 2931) كلاهما من طريق الزهري، عن سالم، فذكره. والسياق لمسلم.
• عن عبد اللَّه قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد، ففرَّ الصبيانُ، وجلس ابن صياد فكأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كره ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"تربت يداك أتشهد أني رسول اللَّه؟ " فقال: لا بل تشهد أني رسول اللَّه، فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول اللَّه حتى أقتله، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله".
وفي لفظ: كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فمرَّ بابن صياد، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"قد خبأت لك خبيئا"، فقال: دخ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اخسأ فلن تعدو قدرك"، فقال عمر: يا رسول اللَّه، دعني فأضرب عنقه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"دعه، فإن يكن الذي تخاف لن تستطيع قتله".
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2924: 85) من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه فذكره باللفظ الأول.
ورواه (2924: 86) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش به باللفظ الثاني.
• عن أبي سعيد الخدري قال: لقيه -أي ابنَ صياد- رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر في
بعض طرق المدينة، فقال له رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أتشهد أني رسول اللَّه؟ " فقال هو: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "آمنتُ باللَّه وملائكته وكتبه، ما ترى؟ " قال: أرى عرشا على الماء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ترى عرش إبليس على البحر، وما ترى؟ " قال أرى صادقا وكاذبا أو كاذبين وصادقا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لُبِسَ عليه، دَعُوه".
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2925) عن محمد بن المثنى، حدّثنا سالم بن نوح، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: فذكره.
• عن أبي سعيد أن ابن صيّاد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة فقال: "درمكة بيضاء، مسك خالص".
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2928: 93) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا أبو أسامة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فذكره.
وهذا هو الصحيح، والنظر يدل على ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو المسئول عن الغيبيات لا سائلا عنها، ولكن قدّم مسلم (2928: 92) رواية نصر بن علي الجهضمي، حدّثنا بشر بن مفضل، عن أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لابن صائد: ما تربة الجنة. . . الحديث.
فجعل ابن صائد هو المسؤول، ولعل ذلك نظزا لقوتها من حيث الصناعة الحديثية، فإنها أقوى من رواية الجريري.
• عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا حجاجا أو عمارًا، ومعنا ابن صائد، قال: فنزلنا منزلا، فتفرق الناس، وبقيت أنا وهو فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه، قال: وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي فقلت: إن الحرَّ شديدٌ، فلو وضعته تحت تلك الشجرة، قال: ففعل، قال: فرفعت لنا غنم، فانطلق، فجاء بعس، فقال: اشرب أبا سعيد فقلت: إن الحر شديد، واللبن حار، ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده -أو قال: آخذ عن يده- فقال: أبا سعيد لقد هممت أن آخذ حبلا فأعلقه بشجرة ثم أختنق مما يقول لي الناس، يا أبا سعيد من خفي عليه حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ما خفي عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم الناس بحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ أليس قد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هو كافر" وأنا مسلم؟ أو ليس قد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "هو عقيم لا يولد له"، وقد تركت ولدي بالمدينة؟ أو ليس قد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا يدخل المدينة ولا مكة"، وقد أقبلت من المدينة وأنا أريد مكة؟
قال أبو سعيد الخدري: حتى كدت أن أعذره، ثم قال: أما واللَّه إني لأعرفه،
وأعرف مولده، وأين هو الآن، قال: قلت له: تبا لك سائر اليوم.
وفي رواية عنه قال: فما زال حتى كاد أن يأخذ فيَّ قوله، قال: فقال له: أما واللَّه إني لأعلم الآن حيث هو، وأعرف أباه وأمه، قال: وقيل له: أيسرك أنك ذاك الرجل؟ قال: فقال: لو عرض علي ما كرهت.
صحيح: رواه مسلم في الفتن (2927: 91) عن محمد بن المثنى، حدّثنا سالم بن نوح، أخبرني الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: فذكره.
والرواية الثانية: رواها مسلم (2927: 90) من طريق معتمر، عن أبيه، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فذكره.
وروي عن أبي سعيد أنه قال: ذُكر ابن صياد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر: إنه يزعم أنه لا يمر بشيء إلا كلّمه.
رواه أحمد (11753) عن عبد المتعال، حدّثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدّثنا مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد فذكره.
وأورده الهيثمي في المجمع (8/ 4) وقال: رواه أحمد وفيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف، وقد وُثّقَ، وبقية رجاله ثقات.
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: لقي نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم ابن صائد ومعه أبو بكر وعمر قال: وابن صائد مع الغلمان، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أتشهد أني رسول اللَّه؟ " قال: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فقال نبي اللَّه: "آمنت باللَّه وبرسوله" قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما ترى؟ " قال: أرى عرشا على الماء فقال صلى الله عليه وسلم: "ترى عرش إبليس على البحر" قال: "انظر ما ترى" قال: أرى صادقين وكاذبين فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لبس على نفسه" فدعاه.
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2926)، وابن حبان (6784) كلاهما من طريق محمد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي، قال: حدّثنا أبو نضرة، عن جابر بن عبد اللَّه قال: فذكره. واللفظ لابن حبان، ولم يسق مسلم لفظه، وإنما أحال على حديث أبي سعيد قبله (2925).
قوله: "فدعاه" أي تركاه.
• عن جابر بن عبد اللَّه أنه قال: إن امرأة من اليهود بالمدينة ولدت غلاما ممسوحة عينه، طالعة ناتئة، فأشفق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يكون الدجال، فوجده تحت قطيفة يهمهم، فآذنته أمه، فقالت: يا عبد اللَّه، هذا أبو القاسم قد جاء، فاخرج إليه، فخرج
من القطيفة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما لها قاتلها اللَّه، لو تركتْه لبيّن" ثم قال: "يا ابن صائد، ما ترى؟ " قال: أرى حقا وأرى باطلا، وأرى عرشا على الماء، قال: فلبس عليه، فقال:"أتشهد أني رسول اللَّه؟ " فقال هو: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه: "آمنت باللَّه، ورسله"، ثم خرج، وتركه.
ثم أتاه مرة أخرى، فوجده في نخل له يهمهم، فآذنته أمه، فقالت: يا عبد اللَّه هذا أبو القاسم قد جاء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما لها قاتلها اللَّه، لو تركته لبيّنَ"، قال: فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يطمع أن يسمع من كلامه شيئًا، فيعلم هو هو أم لا؟ قال:"يا ابن صائد ما ترى؟ " قال: أرى حقا وأرى باطلا، وأرى عرشا على الماء، قال:"أتشهد أني رسول اللَّه؟ " قال هو: أتشهد أني رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "آمنت باللَّه ورسوله"، فلبس عليه، ثم خرج فتركه.
ثم جاء في الثالثة أو الرابعة، ومعه أبو بكر وعمر بن الخطاب في نفر من المهاجرين والأنصار، وأنا معه، قال: فبادر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أيدينا ورجا أن يسمع من كلامه شيئًا، فسبقته أمه إليه، فقالت: يا عبد اللَّه هذا أبو القاسم قد جاء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما لها قاتلها اللَّه لو تركته لبيّنَ"، فقال:"يا ابن صائد ما ترى؟ " قال: أرى حقا وأرى باطلا وأرى عرشا على الماء، قال:"أتشهد أني رسول اللَّه"، قال: أتشهد أنت أني رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "آمنت باللَّه ورسله"، فلبس عليه، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا ابن صائد، إنا قد خبأنا لك خبيئا، فما هو؟ " قال: الدخ الدخ، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اخسأ اخسأ"، فقال عمر بن الخطاب: ائذن لي فأقتله يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن يكن هو فلست صاحبه، إنما صاحبه عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، وإن لا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلا من أهل العهد"، قال: فلم يزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مشفقا أنه الدجال.
حسن: رواه أحمد (14955) عن محمد بن سابق، حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره. وإسناده حسن من أجل محمد بن سابق فإنه حسن الحديث مع غرابة في بعض فقرات الحديث.
قال الهيثمي في المجمع (8/ 3 - 4): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".
قلت: وهو كما قال لولا عنعنة أبي الزبير فإنه مدلس، وذكره الحافظ في الفتح (6/ 173) مستشهدا به وسكت عليه، وهو لا يسكت إلا أن يكون الحديث صحيحا أو حسنا كما نصَّ على
ذلك في أوائل مقدمة الفتح "هدي الساري"، فلعله سكت عليه لأن أصله في صحيح مسلم (2927) مختصرا من وجه آخر عن أبي نضرة، عن جابر ولم يسق لفظه، وإنما أحال على لفظ حديث الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وهو مختصر أيضًا.
وفي الحديث بعض الألفاظ لم أجد لها شواهد، ولذا قال الحافظ ابن كثير بعد أن ساقه من رواية الإمام أحمد:"هذا سياق غريب جدًّا". انظر: "النهاية"(1/ 116 - 117). واللَّه تعالى أعلم.
• عن نافع أنه كان يقول: ابن صياد، قال: قال ابن عمر: لقيته مرتين، قال: فلقيته، فقلت لبعضهم: هل تحدثون أنه هو؟ قال: لا واللَّه، قال: قلت: كذبتني واللَّه لقد أخبرني بعضكم أنه لن يموت حتى يكون أكثركم مالا وولدًا، فكذلك هو زعموا اليوم، قال: فتحدثنا ثم فارقته، قال: فلقيته لقيةً أخرى وقد نفرت عينه، قال: فقلت: متى فعلت عينك ما أرى؟ قال: لا أدري، قال: قلت: لا تدري وهي في رأسك؟ قال: إن شاء اللَّه خلقها في عصاك هذه، قال: فنخر كأشد نخير حمار سمعت، قال: فزعم بعض أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتى تكسرت، وأما أنا، فواللَّه ما شعرت، قال: وجاء حتى دخل على أم المؤمنين فحدثها فقالت: ما تريد إليه؟ ألم تعلم أنه قد قال: "إن أول ما يبعثه على الناس غضب يغضبه".
وفي لفظ: لقي ابن عمر ابن صائد في بعض طرق المدينة، فقال له قولا أغضبه، فانتفخ حتى ملأ السكة، فدخل ابن عمر على حفصة، وقد بلغها، فقالت له: رحمك اللَّه ما أردت من ابن صائد؟ أما علمت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنما يخرج من غضبة يغضبها؟ "
صحيح: رواه مسلم في الفتن (2932: 99) عن محمد بن المثنى، حدّثنا حسين -يعني ابن حسن بن يسار- حدّثنا ابن عون، عن نافع، فذكره باللفظ الأول.
ورواه مسلم (2932: 98) عن عبد بن حميد، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا هشام، عن أيوب، عن نافع، فذكره باللفظ الثاني.
• عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه يحلف باللَّه أن ابن الصائد الدجال، قلت: أَتحلفُ باللَّه؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الاعتصام (7355)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (2929) كلاهما من حديث عبيد اللَّه بن معاذ، حدّثنا أبي، حدّثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن المنكدر، فذكره.
وروى أبو داود (4330) بإسناد صحيح عن نافع قال: كان ابن عمر يقول: واللَّه ما أشك أن
المسيح الدجال ابن صياد.
قوله: "أن ابن الصائد الدجال" قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أمرُ ابن صيّاد قد أشكل على بعض الصحابة، فظنّوه الدجال، وتوقّف النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أمره حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال، وإنما هو من جنس الكهان أصحاب الأحوال الشيطانية، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يذهب إليه ليختبره". الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص 77).
• عن حسين بن علي يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم خبأ لابن صياد دخانًا، فسأله عما خبأ له، فقال: دخ، فقال:"اخسأ، فلن تعدو قدرك -أجلك-" فلما ولّى، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما قال" فقال بعضهم: "دخ" وقال بعضهم بل قال: ديخ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد اختلفتم وأنا بين أظهركم، وأنتم بعدي أشد اختلافا".
صحيح: رواه عبد الرزاق (20818) -ومن طريقه إسحاق بن راهويه في مسنده كما في المطالب (4355) -، والطبراني في الكبير (3/ 146 - 147) من حديث معمر، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان أنه سمع حسين بن علي، فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه أبو داود (4332) بإسناد صحيح عن جابر بن عبد اللَّه قال: "فقدنا ابن صياد يوم الحرة". ويوم الحرة كان سنة ثلاث وستين في عهد يزيد بن معاوية.
وأما ما رُوي عن ابن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يمكث أبو الدجال وأمه ثلاثين عاما، لا يولد لهما ولد، ثم يولد لهما غلام أعور أضر شيء، وأقله منفعة، تنام عيناه، ولا ينام قلبه" ثم نعت لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبويه، فقال:"أبوه طوال ضرب اللحم كأن أنفه منقار وأمه فرصاخية طويلة اليدين" فقال أبو بكرة: فسمعنا بمولود في اليهود بالمدينة فذهبت أنا والزبير بن العوام حتى دخلنا على أبويه فإذا نعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيهما فقلنا هل لكما ولد؟ فقالا: مكثنا ثلاثين عاما لا يولد لنا ولد ثم ولد لنا غلام أضر شيء وأقله منفعة تنام عيناه ولا ينام قلبه قال: فخرجنا من عندهما فإذا هو منجدل في الشمس في قطيفة له وله همهمة فتكشف عن رأسه فقال" ما قلتما؟ قلنا: وهل سمعت ما قلنا؟ قال: نعم تنام عيناي ولا ينام قلبي. فهو منكر.
رواه الترمذيّ (2248)، وأحمد (20418) كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره.
وقال الترمذيّ: "حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة".
وتعقبه ابن كثير بقوله: "بل منكر جدًّا، واللَّه أعلم".
وفي إسناده علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف.
وتكلم ابن حجر في الفتح (13/ 226) وحاصله أن أبا بكرة أسلم سنة ثمان من الهجرة، ولم يمكث المدينة إلا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، فمتى أدرك زمان مولد ابن صياد بالمدينة، وقد جاء