الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدة أحاديث منهم من جمع ومنهم من فرق.
قال الترمذيّ: "حديث كعب بن مرة هكذا رواه الأعمش، عن عمرو بن مرة، وقد روي هذا الحديث عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، وأدخل بينه وبين كعب بن مرة رجلا".
قلت: رواية سالم بن أبي الجعد عن شرحبيل منقطعة؛ فإنه لم يسمع منه كما قال أبو داود في سننه (3967) وغيره. ورواية سالم بن أبي الجعد عن كعب بن مرة أيضًا منقطعة بينهما رجل لا يعرف من هو؟
وقوله: "احذر" أي لا تزلّ فتزيد أو تنقص، ولم يرد بقوله هذا: واحذر أن لا تكذب لأن الصحابة كلهم عدول، ولم يثبت أن أحدًا منهم كذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
6 - باب ما جاء في الخضاب، وتغيير الشيب
• عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم"
متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (5899)، ومسلم في اللباس (2103) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة وسليمان بن يسار، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "غيّروا الشيب، ولا تشبّهوا باليهود ولا بالنصارى".
صحيح: رواه الترمذيّ (1752)، وأحمد (7545)، وصحّحه ابن حبان (5473) كلهم من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره. واكتفى البعض بذكر اليهود فقط. وإسناده صحيح.
قال الترمذيّ: "حسن صحيح".
• عن جابر قال: أتي بأبي قحافة -أو جاء- عام الفتح، أو يوم الفتح، ورأسه ولحيته مثل الثغام -أو الثغامة، فأمر - أو فأمر به- إلى نسائه، قال:"غيروا هذا بشيء".
وفي رواية: "غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد".
صحيح: رواه مسلم في اللباس والزينة (2102: 78) عن يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو خيثمة (هو زهير بن معاوية)، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.
والرواية الثانية عند مسلم أيضًا (79) عن أبي الطاهر، أخبرنا عبد اللَّه بن وهب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
لكن رواه أحمد (14641) عن حسن (هو ابن موسى الأشيب) وأحمد بن عبد الملك قالا: حدّثنا زهير، عن أبي الزبير، عن جابر قال أحمد في حديثه: حدّثنا أبو الزبير، عن جابر قال: أتي
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأبي قحافة أو جاء عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغام أو مثل الثغامة قال حسن: فأمر به إلى نسائه قال: "غيروا هذا الشيب".
قال حسن: قال زهير: قلت لأبي الزبير: أقال: جنبوه السواد؟ قال: لا.
وهذا إسناد أيضًا صحيح.
ورواه أبو داود الطيالسي (1860) قال: حدّثنا زهير، عن أبي الزبير قال: قلت له: أحدثك جابر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لأبي قحافة: "غيروا، وجنبوه السواد". فقال: لا.
ورواه النسائي (5242)، والحاكم (3/ 245) بإسنادهما عن ابن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بأبي قحافة، ورأسه ولحيته كأنها ثغامة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"غيروا - أو اخضبوا" ولم يذكر فيه: "جنبوه السواد".
فالمحفوظ في حديث جابر عدم ذكر "جنبوه السواد".
ولكن جاء ذكره في حديث أنس الآتي:
• عن محمد بن سيرين قال: سئل أنس بن مالك عن خضاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن شاب إلا يسيرًا، ولكن أبا بكر وعمر بعده خضبا بالحناء والكتم. قال: وجاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، يحمله حتى وضعه بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه" تكرمة لأبي بكر، فأسلم، ولحيته ورأسه كالثغامة بياضا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"غيروهما وجنبوه السواد".
صحيح: رواه أحمد (12635)، وصحّحه ابن حبان (5472)، والحاكم (3/ 244) كلهم من حديث محمد بن سلمة الحراني، عن هشام بن حسان القردوسي، عن محمد بن سيرين، فذكره. وإسناده صحيح.
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "غيروا الشيب ولا تقربوه السواد".
حسن: رواه أحمد (13588) عن قتيبة، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أنس بن مالك، فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن لهيعة؛ فإنه مختلط إلا أن رواية قتيبة وهو ابن سعيد عنه كان قبل اختلاطه، وهذا الحديث لعله مختصر مما سبق من قصة أبي قحافة.
• عن أسماء بنت أبي بكر قالت: دخل بأبي قحافة أبو بكر على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورأسه كأنه ثغامة فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "غيروا هذا من شعره".
حسن: رواه أحمد (26956)، وابن حبان (7208)، والحاكم (3/ 46 - 47)، والبيهقي (9/
121 -
122) كلهم من حديث ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه، عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت: فذكرته في سياق طويل، وقد مضى في موضعه.
قوله: "الثغامة" بالثاء المثلثة المفتوحة والغين قال أبو عبيد: هو نبت أبيض الزهر والثمر، شبّه بياض الشيب به.
وقال ابن الأعرابي: شجرة تبيض كأنها الملح. ذكره النووي في شرح مسلم.
• عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة".
صحيح: رواه أبو داود (4212)، والنسائي (5075)، وأحمد (2470) كلهم من طريق عبيد اللَّه بن عمرو -وهو الرقي- عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره. وإسناده صحيح.
وعبد الكريم هو ابن مالك الجزري الثقة المخرج له في الصحيح، وأخطأ من ظن أنه ابن أبي المخارق المتروك.
• عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن ما غير به هذا الشيبُ الحناء والكتم".
صحيح: رواه أبو داود (4205)، والترمذي (1753)، والنسائي (5078)، وابن ماجه (3622)، وأحمد (21307)، وصحّحه ابن حبان (5474) كلهم من طرق عن عبد اللَّه بن بريدة الأسلمي، عن أبي الأسود، عن أبي ذر قال: فذكره. وإسناده صحيح.
وقال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح، وأبو الأسود الديلي اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان".
• عن أبي مالك الأشجعي قال: سمعت أبي وسألته فقال: كان خضابنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الورس والزعفران.
صحيح: رواه أحمد (15882)، والطبراني في الكبير (8/ 377)، والبزار - كشف الأستار (2975) كلهم من حديث بكر بن عيسى أبي بشر البصري الراسبي، قال: حدّثنا أبو عوانة قال: حدّثنا أبو مالك، فذكره. وإسناده صحيح.
وأبو مالك هو سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي ثقة ضابط لا يختلفون فيه.
قوله: "كان خضابنا" أي في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفيه تقرير من النبي صلى الله عليه وسلم بالخضاب بالورس والزعفران.
• عن عثمان بن عبد اللَّه بن موهب، قال. أرسلني أهلي إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بقدح من ماء -وقبض إسرائيل ثلاث أصابع من قصة- فيه شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مخضبه، فاطلعت في
الجلجل، فرأيت شعرات حمرًا.
صحيح: رواه البخاريّ في اللباس (5896) عن مالك بن إسماعيل، حدّثنا إسرائيل، عن عثمان ابن عبد اللَّه بن موهب، فذكره.
ورواه ابن ماجه (3623)، وأحمد (26535) من وجه آخر عن عثمان بن عبد اللَّه وفيه:"مخضوبا بالحناء والكتم".
ورواه ابن أبي عمر كما في المطالب (2257) عن المقري، ثنا حيوة، أخبرني الوليد أبو عثمان، عن أبي مالك قال: إنه رأى شعرًا من شعر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مصبوغا بالحناء، وليس بشديد الحمرة، قال: وكلنا نغسله بالماء.
وكذلك رواه حيوة عن أبي عقيل قال: إنه رأى شعرًا من شعر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مصبوغا بالحناء، قال: كنا نخضبه بالماء، ونشرب ذلك الماء.
• عن أنس أنه سئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما شانه اللَّه ببيضاء.
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2341: 105) من طرق عن أبي داود، حدّثنا شعبة، عن خليد بن جعفر، سمع أبا إياس، عن أنس، فذكره.
• عن ابن سيرين قال: سئل أنس بن مالك هل خضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه لم يكن رأى من الشيب إلا -قال ابن إدريس: كأنه يقلّله- وقد خضب أبو بكر، وعمر بالحناء والكتم.
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2341: 100) من طرق عن عبد اللَّه بن إدريس الأودي، عن هشام، عن ابن سيرين، قال: فذكره.
• عن ثابت قال: سئل أنس بن مالك عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه فعلت، وقال: لم يختضب. وقد اختضب أبو بكر بالحناء والكتم، واختضب عمر بالحناء بحتا.
متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (5895)، ومسلم في الفضائل (2341: 103) كلاهما من حديث حماد بن زيد، حدّثنا ثابت، فذكره.
واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري مختصرًا.
وقوله: "شمطات" قال ابن الأثير: "الشمط الشيب، والشمطات الشعرات البيض التي كانت في شعر رأسه، يريد قلّتها.
• عن أنس بن مالك، قال: يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته، قال: ولم يختضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إنما كان البياض في عنفقته وفي الصدغين
وفي الرأس نبذ.
متفق عليه: رواه مسلم في الفضائل (2341: 104) عن نصر بن علي الجهضمي، حدّثنا أبي، حدّثنا المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، فذكره.
ورواه البخاريّ في المناقب (3550) عن أبي نعيم، حدّثنا همام، عن قتادة، قالي: سألت أنسا هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، إنما كان شيء في صدغيه.
قوله: "عنفقته" قال ابن الأثير: العنفقة الشعر الذي في الشفة السفلي، وقيل: الشعر الذي بينها وبين الذقن، وأصل العنفقة: خفة الشيء وقلته.
وقوله: "الصدغين" الصدغ ما بين الأذن والعين، ويقال ذلك أيضًا للشعر المتدلي من الرأس في ذلك المكان. الفتح (6/ 572).
• عن محمد بن سيرين، قال: سألت أنس بن مالك أخضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه لم ير من الشيب إلا قليلا.
متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (5894)، ومسلم في الفضائل (2341: 102) كلاهما من حديث وهيب بن خالد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، فذكره.
• عن ابن سيرين، قال: سألت أنس بن مالك هل كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خضب؟ فقال: لم يبلغ الخضاب، كان في لحيته شعرات بيض. قال قلت له: أكان أبو بكر يخضب؟ قال: فقال: نعم، بالحناء والكتم.
صحيح رواه مسلم في الفضائل (2341: 101) عن محمد بن بكار بن الريان، حدّثنا إسماعيل بن زكرياء، عن عاصم الأحول، عن ابن سيرين، فذكره.
نفي أنس يدل على علمه أو تقليله أو اختلاف أوقاته صلى الله عليه وسلم فإنه أحيانا يخضب، وأحيانا يترك.
وحديث ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة، وحديث أم سلمة:"رأيت شعرات حمر" مقدم على حديث أنس.
وأما اختلاف الروايات في قدر شَيْبه فالصحيح أنه كان شيئًا يسيرًا، فمن نفى ذلك أراد أنه لم يكن كثيرًا. انظر للمزيد: كتاب السيرة.
• عن حريز بن عثمان أنه سأل عبد اللَّه بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أرأيت النبي صلى الله عليه وسلم كان شيخا؟ قال: كان في عنفقته شعرات بيض.
صحيح: رواه البخاريّ في المناقب (3546) عن عصام بن خالد، حدّثنا حريز بن عثمان، أنه سأل عبد اللَّه بن بسر، فذكره.
• عن أبي جحيفة قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هذه منه بيضاء -وضع زهير بعض
أصابعه على عنفقته- قيل له: مثل من أنت يومئذ؟ فقال: أبري النبل وأريشها.
متفق عليه: رواه مسلم في الفضائل (2342) من طرق عن زهير أبي خيثمة، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، فذكره.
ورواه البخاريّ في المناقب (3545) من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن وهب أبي جحيفة السوائي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، ورأيت بياضا من تحت شفته السفلى العنفقة.
• عن سماك بن حرب يقول: سمعت جابر بن سمرة سئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان إذا دهن رأسه لم ير منه شيء، وإذا لم يدهن رئي منه.
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2344) عن محمد بن المثنى، حدّثنا أبو داود سليمان بن داود، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب، فذكره.
• عن جابر بن سمرة، يقول: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته، وكان إذا ادهن لم يتبين، وإذا شعث رأسه تبين، وكان كثير شعر اللحية، فقال رجل: وجهه مثل السيف؟ قال: لا، بل كان مثل الشمس والقمر، وكان مستديرًا، ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده.
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2344: 109) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا عبيد اللَّه، عن إسرائيل، عن سماك، أنه سمع جابر بن سمرة، يقول: فذكره.
• عن زيد بن أسلم، أن ابن عمر كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة، فقيل له: لم تصبغ بالصفرة؟ فقال: إني رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصبغ بها، ولم يكن شيء أحب إليه منها، وقد كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته.
حسن: رواه أبو داود (4064)، والنسائي (5086) كلاهما من حديث عبد العزيز يعني ابن محمد، عن زيد بن أسلم، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي إلا أنه توبع. رواه النسائي (5115)، وأحمد (5717) كلاهما من حديث عبد اللَّه بن زيد، عن أبيه بإسناده نحوه. واختصره النسائي.
وعبد اللَّه بن زيد متكلم فيه ولكن لا بأس به في المتابعة.
قوله: "وقد كان يصبغ بها ثيابه. . . " شاذ، والصحيح كما في أول الحديث: اللحية، وعليه يحمل قول عبيد بن جريج في الحديث الذي ورد التصريح عند أحمد (4672) أنه كان يصفّر لحيته.
وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قال -وكان جليسا لهم، وكان أبيض اللحية والرأس قال-: فغدا عليهم ذات يوم وقد حمرهما، قال: فقال له
القوم: هذا أحسن، فقال: إن أمي عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلي البارحة جاريتها نخيلة، فأقسمت علي لأصبغن، وأخبرتني أن أبا بكر الصديق كان يصبغ.
رواه مالك في الشعر (8) عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، فذكره. وإسناده صحيح غير أنه موقوف.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول في صبغ الشعر بالسواد: لم أسمع في ذلك شيئًا معلومًا، وغير ذلك من الصبغ أحب إلي. قال؟ وترك الصبغ كله واسع، إن شاء اللَّه، ليس على الناس فيه ضيق.
قال: وسمعت مالكا يقول: في هذا الحديث بيان أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يصبغ، ولو صبغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأرسلت بذلك عائشة إلى عبد الرحمن بن الأسود.
وفي الباب عن ابن عباس، قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء، فقال:"ما أحسن هذا " قال: فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم، فقال:"هذا أحسن من هذا" قال: فمر آخر قد خضب بالصفرة، فقال:"هذا أحسن من هذا كله"
رواه أبو داود (4211)، وابن ماجه (3627)، والبيهقي (7/ 310) كلهم من طريق محمد بن طلحة، عن حميد بن وهب، عن ابن طاوس، عن طاوس، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل حميد بن وهب القرشي أبي وهب المكي قال البخاري: منكر الحديث، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وحميد مجهول النقل، وجهّله أيضًا ابن المديني.
قلت: هذا الحديث تفرد به ولم يتابع عليه.
وأما ما روي عن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال، فذكر منها:"تغيير الشيب". فهو منكر.
رواه أبو داود (4222)، والنسائي (5088)، وأحمد (3605)، وصحّحه ابن حبان (5682)، والحاكم (4/ 195) كلهم من طريق الركين بن الربيع، يحدث عن القاسم بن حسان، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن ابن مسعود، فذكر الحديث بطوله. وهو قوله: كان نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال: الصفرة -يعني الخلوق- وتغيير الشيب، وجر الإزار، والتختم بالذهب، والتبرج بالزينة لغير محلها، والضرب بالكعاب، والرقى إلا بالمعوذات، وعقد التمائم، وعزل الماء لغير أو غير محله -أو عن محله- وفساد الصبي غير محرمه.
قال أبو داود: "انفرد بإسناد هذا الحديث أهل البصرة".
قلت: عبد الرحمن بن حرملة لم يسمع من ابن مسعود، ولا يعرف من أصحابه إلا بهذا الحديث.
وقال البخاري: "هذا حديث منكر"، ذكره الذهبي في ترجمة قاسم بن حسان، من الميزان، وقال في التاريخ الكبير (5/ 270):"لم يصح حديثه".
وقاسم بن حسان لا يعرف كما قال ابن القطان، وقال الحافظ في التقريب:"مقبول" أي عند
المتابعة، والحديث ليس على شرط الجامع الكامل وإنْ كان لبعض فقراته شواهد صحيحة.
فقه أحاديث الباب:
أحاديث الباب تدل على استحباب الخضاب للرجال.
واختلف السلف في الخضاب بالسواد، فكره قوم لحديث جابر:"تجنبوا السواد" وكان أكثر عمل السلف على هذا، فكانوا يخضبون بالصفرة. منهم ابن عمر، وأبو هريرة، وأبو أمامة، وجرير ابن عبد اللَّه، والمغيرة بن شعبة، وعبد اللَّه بن بسر وغيرهم.
ولم يكرهه قوم فأجازوا الخضاب بالسواد منهم: عثمان، والحسن والحسين ابنا علي، وعقبة ابن عامر، وابن سيرين، وأبو بردة، والزهري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم.
سئل محمد بن علي عن الوسمة فقال: هو خضابنا أهل البيت.
وقال أيوب عن محمد بن سيرين: لا أعلم بخضاب السواد بأسا إلا أن يغر به رجل امرأة.
قال الزهري: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأصباغ، فأحلكها أحب إلينا - يعني أسودها. أخرجه عبد الرزاق (20176) عن معمر، عن الزهري.
وكذلك رخص السلف في تسويد الشعر للنساء.
ذكر عبد الرزاق (2018) عن معمر، عن قتادة قال: رُخّص في صباغ الشعر بالسواد للنساء.
وعن حماد بن سلمة، عن أم شبيب قالت: سألنا عائشة عن تسويد الشعر، قالت: لوددتُ أن عندي شيئًا سودت به شعري.
هذه الآثار ذكرها البغوي في شرح السنة (12/ 93 - 94)، والقاضي عياض، ونقلها عنه النووي في شرح مسلم.
وأما ترك الخضاب فلم ير قوم به بأسا.
قال مالك: ترك الصبغ كله واسع للناس، بل ذهب بعض المالكية إلى كراهية تغيير الشيب لأنه نور كما ورد في الأحاديث، وقد جاء النهي عن تغيير الشيب إلا أنه لم يثبت.
وممن روي عنه من السلف ترك الصبغ: أبو بكر وعمر وعلي، كما روي عنهم خلاف ذلك. قال أبو إسحاق: رأيت عليا على المنبر أبيض الرأس واللحية. أخرجه عبد الرزاق (20188) عن معمر، عن أبي إسحاق.
وقال الحسن: رأيت أبي بن كعب أبيض الرأس واللحية.
وقال عدي بن عدي: رأيت جابر بن عبد اللَّه أبيض الرأس واللحية.
وكان أبو سعيد الخدري لا يخضب وكانت لحيته بيضاء.
وقال جرير بن حازم: رأيت عطاء بن أبي رباح، ورجاء بن حيوة، ومكحولا، والحكم بن عتيبة