الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 - باب أن هذه الأمة يهلك بعضهم بعضا، ويَسبي بعضهم بعضا
• عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه زَوَى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغُ ملكُها ما زَوَى لي منها، وأُعطيتُ الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يُهلِكها بسنة عامة، وأن لا يُسلّط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيحَ بيضتَهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يُرَدُّ، وإني أعطيتُك لأمتك أن لا أُهلكهم بسنةٍ عامّةٍ، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، يستبيحُ بيضتَهم، ولو اجتمع عليهم مَنْ بأقطارِها -أو قال من بين أقطارها- حتى يكون بعضُهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضُهم بعضا".
صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2889) عن أبي الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد، كلاهما عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، فذكره.
ورواه معمر عن أيوب بهذا الإسناد إلا أنه جعله من مسند شداد بن أوس، كما عند أحمد (17115)، والقول قول حماد بن زيد.
قوله: "فرأيت مشارقها ومغاربها" معناه أن الفتوحات الإسلامية تبلغ من أقصى المشارق إلى أقصى المغارب، ويندرج تحت المشارق والمغارب الشمال والجنوب؛ لأن الأصل في كوكب الأرض جهتان: الشرق والغرب، ووجود الشمال والجنوب باعتبار سكانها لا باعتبار تكوينها، ولذا قال تعالى:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: 9] وقال: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] وقال: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} [المعارج: 40].
• عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه تعالى زوَى لي الأرض -أو قال: إن ربي زوى لي الأرض- فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يُهلكها بسنةٍ بعامةٍ، ولا يسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال لي: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، ولا أهلكهم بنشة بعامة، ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها -أو قال بأقطارها- حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضا. وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة. ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائلُ من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائلُ من أمتي الأوثان. وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم
النبيين، لا نبي بعدي. ولا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر اللَّه تعالى".
صحيح: رواه أبو داود (4252)، وأحمد (22395) كلاهما من طريق سليمان بن حرب، حدّثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، فذكره.
ورواه ابن حبان (7238) من طريق قتيبة بن سعيد، عن حماد، به.
ورواه ابن ماجه (3952)، وصحّحه ابن حبان (6714) كلاهما من طريق قتادة، عن أبي قلابة به نحوه بتمامه.
والحديث بعض أجزائه في صحيح مسلم (2889، 1920) كما مضى، وكرّرتُ ذكره لما فيه من زيادات مهمة.
• عن سعد بن أبي وقاص، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية، حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل، فركع فيه ركعتين، وصلينا معه ودعا ربه طويلا، ثم انصرف إلينا فقال صلى الله عليه وسلم:"سألت ربي ثلاثا، فأعطاني ثنتين، ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يُهلك أمتي بالسنة، فأعطانيها، وسألتُه أن لا يُهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألتُه أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها".
صحيح: رواه مسلم في الفغت وأشراط الساعة (2890) عن عبد اللَّه بن نمير، حدّثنا أبي، حدّثنا عثمان بن حكيم، أخبرني عامر بن سعد، عن أبيه، فذكره.
قوله: "مرّ بمسجد بني معاوية" أي مسجد الإجابة.
• عن خَبَّاب بن الأرَتِّ قال: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة فأطالها فقالوا: يا رسول اللَّه! صليتَ صلاة لم تكن تُصليها. قال: "أجل، إنها صلاة رغبةٍ ورهبةٍ، إنّي سألت اللَّه فيها ثلاثًا، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدةً، سألتُه أن لا يُهلك أمتي بسنةٍ فأعطانيها، وسألتُه أن لا يُسلِّط عليهم عدوًّا من غيرهم، فأعطانيها، وسألتُه أن لا يُذيق بعضَهم بأسَ بعضٍ فمنعنيها".
صحيح: رواه الترمذيّ (2175)، والنسائي (1638) كلاهما من حديث الزهري، قال: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، عن عبد اللَّه بن خبَّاب بن الْأَرَتِّ، عن أبيه، فذكر الحديث واللفظ للترمذي.
والكلام عليه مبسوط في قيام الليل.
• عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن جابر بن عَتيك أنه قال: جاءنا عبد اللَّه بن عمر في بني معاوية، وهي قرية من قرى الأنصار، فقال: هل تدرون أين صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من
مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم، وأشرت له إلى ناحية منه، فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعا بهن فيه؟ فقلت: نعم، قال: فأخبِرني بهن فقلت: دعا بأن لا يُظهر عليهم عدوًا من غيرهم، ولا يُهلكهم بالسنين فأعطيهما، ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعها، قال: صدقت، قال ابن عمر: فلن يزال الهرجُ إلى يوم القيامة.
صحيح: رواه مالك في كتاب القرآن (35) عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن جابر بن عتيك، فذكره. وإسناده صحيح.
وهذه رواية يحيى بن يحيى الليثي عن مالك، وقد اختلف في إسناده على مالك اختلافا شديدًا، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (19/ 195) وجزم بأن رواية يحيى هذه أولى بالصواب.
• عن معاذ قال: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة، فأحسن فيها القيام والخشوع والركوع والسجود، قال:"إنها صلاة رغب ورهب، سألت اللَّه فيها ثلاثا، فأعطاني اثنتين، وزوَى عني واحدة، سألتُه أن لا يبعث على أمتي عدوًّا من غيرهم فيجتاحهم فأعطانيه. وسألتُه أن لا يبعث عليهم سنة تقتلهم جوعا فأعطانيه. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردَّها عليَّ".
حسن: رواه أحمد (22108، 22125) من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، فذكره.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل إلا أن له طريقا آخر يتقوى بها.
وهو ما رواه ابن ماجه (3951)، وأحمد (22082)، وصحّحه ابن خزيمة (1218) كلهم من طرق عن الأعمش، عن رجاء الأنصاري، عن عبد اللَّه بن شداد بن الهاد، عن معاذ بن جبل، فذكره. إلا أن فيه:"وسألته أن لا يهلككم غرقا فأعطانيها" وليس فيه: ذكر السنة التي تقتلهم جوعا.
ورجاء الأنصاري لم يرو عنه غير الأعمش، ولم يوثّقه أحد، وقال ابن حجر في التقريب:"مقبول" يعني عند المتابعة، وقد توبع في أصل الحديث.
• عن أم حبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"رأيت ما تلقى أمتي بعدي، وسفكَ بعضهم دماءَ بعضٍ، وسبق ذلك من اللَّه تعالى كما سبق في الأمم قبلهم، فسألتُه أن يولّيني شفاعةً يوم القيامة فيهم، ففعل".
صحيح: رواه أحمد (27410)، والطبراني في الكبير (23/ 222) كلاهما من حديث أبي اليمان، أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن أنس بن مالك، عن أم حبيبة، فذكرته.
ورواه بعضهم عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن أنس، عن أم حبيبة.
قال أحمد: "ليس هذا من حديث الزهري، وإنما هو من حديث ابن أبي حسين". وهو الذي رجّحه الدارقطني في العلل (15/ 271).
• عن أبي بردة قال: دخلت دار زياد فخرجتُ كئيبًا حزينًا فقعدتُ إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لك؟ فقال: رأيت عقوبة شديدة ومثلة. فقال: لا يحزنك ذلك، فإن هذا كائن، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"عقوبة هذه الأمة السيف".
صحيح: رواه ابن أبي عاصم في الديات (63) واللفظ له، وابن أبي شيبة في مسنده (938) كلاهما من طريق يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة، فذكره.
ورواه أبو يعلى (المطالب العالية)(4431) من وجه آخر عن يونس به مقتصرًا على المرفوع. وإسناده صحيح.
وفي الباب عن عوف بن مالك قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لن يجمع اللَّه على هذه الأمة سيفين: سيفًا منها، وسيفًا من عدوها".
رواه أبو داود (4301)، وأحمد (23989) كلاهما من حديث الحسن بن سوار، حدّثنا إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عوف بن مالك، فذكره.
ويحيى بن جابر الطائي ثقة لكن روايته عن عوف منقطعة كما جزم المزي.
وأما ما روي عن ابن عمر قال: أقبل علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشر المهاجرين خمس إذا ابْتُليتُمْ بهن، وأعوذ باللَّه أن تُدركوهُنَّ: لم تظهر الفاحشةُ في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئُونة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطْر من السماء ولولا البهائمُ لم يُمْطَروا. ولم ينقضُوا عهدَ اللَّه وعهدَ رسوله إلا سلط اللَّه عليهم عدوًا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب اللَّه ويتخَيّروا مما أنزل اللَّه إلا جعل اللَّه بأسهم بينهم". ففي إسناده انقطاع.
رواه ابن ماجه (4019) عن محمود بن خالد الدمشقي، حدّثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب، عن ابن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره.
وابن مالك نسب إلى جد أبيه، واسمه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي، وهو ضعيف.
ورواه الحاكم (4/ 540) من طريق أبي معبد حفص بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت مع عبد اللَّه بن عمر فأتاه فتى يسأله، فذكر الحديث بنحوه مع زيادة في أوله وآخره.
وهذا وهمٌ من حفص بن غيلان فإنه وإنْ كان وثّقه بعض الأئمة فقد ضعّفه الآخرون. قال إسحاق بن سيّار النصيبي: "ضعيف الحديث" وقال عبد اللَّه بن سليمان الأشعث ضعيف. وقال أبو