الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك خريما، فجعل يأخذ شفرة يقطع بها شعره إلى أنصاف أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه.
قال: فأخبرني أبي قال: دخلت بعد ذلك على معاوية، فإذا عنده شيخ جمته فوق أذنيه، ورداؤه إلى ساقيه، فسألت عنه، فقالوا: هذا خريم الأسدي.
قال: ثم مر بنا يوما آخر، ونحن عند أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، فقال سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم؛ فإن اللَّه عز وجل لا يحب الفحش، ولا التفحش".
حسن: رواه أبو داود (4089)، وأحمد (17622)، والحاكم (4/ 183)، والبيهقي في الشعب (5793) كلهم من حديث هشام بن سعد، قال: حدّثنا قيس بن بشر التغلبي قال: أخبرني أبي -وكان جليسا لأبي الدرداء- قال: فذكره.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد".
وإسناده حسن، من أجل بشر التغلبي والد قيس، وهو بشر بن قيس التغلبي وهو "صدوق" كما قال الحافظ. ولم يظهر من ترجمته في تهذيبه أي جرح فيه.
ومن أجل ابنه قيس وهو من رجال الصحيح قال فيه أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسا.
وأما ما رواه أحمد (18899) عن عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن شمر، عن خريم رجل من بني أسد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لولا أن فيك اثنتين كنت أنت". قال: إن واحدة تكفيني، قال:"تسبل إزارك، وتوفر شعرك" قال: لا جرم، واللَّه لا أفعل. فهو ضعيف.
وشمر هو ابن عطية الأسدي لم يدرك خريما كما في تهذيب الكمال، وله طرق أخرى لا يسلم منها شيء.
11 - باب حلق الشعر كله، والنهي عن القزع
• عن عبد اللَّه بن جعفر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم، ثم أتاهم، فقال:"لا تبكوا على أخي بعد اليوم" ثم قال: "ادعوا لي بني أخي" فجيء بنا كأنا أفرخ، فقال:"ادعوا لي الحلاق"، فأمره فحلق رؤوسنا.
صحيح: رواه أبو داود (4192)، والنسائي (5227) كلاهما من حديث وهب بن جرير، حدّثنا أبي، قال: سمعت محمد بن أبي يعقوب، يحدث عن الحسن بن سعد، عن عبد اللَّه بن جعفر، فذكره. وإسناده صحيح.
ومن هذا الطريق رواه أحمد (1750) مطولا، وهو مذكور في موضعه.
• عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال:"احلقوه كله، أو اتركوه كله"
صحيح: رواه أبو داود (4195)، والنسائي (5048)، وأحمد (5615) كلهم عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (19564) - حدّثنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره. وإسناده صحيح.
وساق مسلم هذا الإسناد (2120) ولم يذكر لفظه، وإنما أحال على اللفظ المذكور قبله.
• عن عبيد اللَّه بن حفص، أن عمر بن نافع، أخبره، عن نافع، مولى عبد اللَّه: أنه سمع ابن عمر يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينهى عن القزع.
قال عبيد اللَّه: قلت: وما القزع؟ فأشار لنا عبيد اللَّه قال: إذا حلق الصبي، وترك ها هنا شعرة وها هنا وها هنا، فأشار لنا عبيد اللَّه إلى ناصيته وجانبي رأسه.
قيل لعبيد اللَّه: فالجارية والغلام؟ قال: لا أدري، هكذا قال: الصبي. قال عبيد اللَّه: وعاودته، فقال: أما القصة والقفا للغلام فلا بأس بهما، ولكن القزع أن يترك بناصيته شعر، وليس في رأسه غيره، وكذلك شق رأسه هذا وهذا.
متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (5920) من طريق ابن جريج قال: أخبرني عبيد اللَّه بن حفص به، فذكره. هذا لفظ البخاري.
قوله: "فأشار لنا عبيد اللَّه" فيه حذف تقديره فأشار لنا عبيد اللَّه ناقلا من كلام عمر بن نافع أنه قال: القزع إذا حلق الصبي، وترك ههنا شعرة وههنا وههنا.
وقوله في الإشارة الثانية: "فأشار لنا عبيد اللَّه إلى ناصيته وجانبي رأسه" من كلام عبد اللَّه نفسه. قاله العيني (22/ 58).
وقد يكون التفسير لنافع كما في صحيح مسلم (2120) عن زهير بن حرب، حدثني يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه، أخبرني عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، قال: قلت لنافع: وما القزع؟ قال: "يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض".
فالسائل قد يكون عمر بن نافع ابنه، وقد يكون عبيد اللَّه، ويكون سؤاله في وقت آخر، وجمع الراوي الحديث وتفسيره في سياق واحد.
وقد جاء تفسير الحديث من عبيد اللَّه نفسه كما رواه أحمد (4973) عن محمد بن بشر، عن عبيد اللَّه، عن عمر بن نافع، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن القزع. قال عبيد اللَّه: والقزع الترقيع في الرأس.
فكان عبيد اللَّه بن عمر يعزو التفسير إلى نافع مرة، ويعزوه إلى نفسه أخرى.
قال النووي: "القزع" -بفتح القاف والزاي- وهذا الذي فسره به نافع أو عبيد اللَّه هو الأصح،