الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا سردها مرتبة على حروف المعجم، وقد أفرد هذا النوع بالتصنيف خلائق [من] المتقدمين، كالهروي في «الأزهية» ، والمتأخرين، كابن أم قاسم في «الجنى الداني» .
أقول: من أحسن من تكلم [في] الحروف المفردة والأدوات ابن هشام في «المغني» ، فقد أتى في أول كتاب «المغني» منها بجملة نفيسة، وهي أفضل أبواب «المغني» ، وقد نقلت عنه في هذا النوع [شيئاً] مما ذكر، مما ستقف [عليه] إن شاء الله تعالى.
1 - الهمزة:
تأتي على وجهين:
أحدهما: الاستفهام، وحقيقته طلب الإفهام، وهي أصل أدواته.
ومن ثم اختصت بأمور.
أحدها: جواز حذفها.
ثانيها: أنها ترد لطلب التصور والتصديق بخلاف هل، فإنها للتصديق خاصة، وسائر الأدوات للتصور خاصة.
ثالثها: أنها تدخل على الإثبات، نحو قوله تعالى:{أكان للناس عجباً} [يونس: 2]، {ءالذكرين حرم} [الأنعام: 143]، وعلى النفي نحو:{ألم نشرح} [الشرح: 1]، وتفيد حينئذ معنيين:
أحدهما: التذكير والتنبيه، كالمثال المذكور، وكقوله تعالى:{ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} [الفرقان: 45].
والآخر: التعجب من الأمر العظيم، كقوله تعالى:{ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت} [البقرة: 243]، وفي كلا الحالين هي تحذير، نحو:{ألم نهلك الأولين} في [المرسلات: 16].
رابعها: تقديمها على العاطف تنبيهاً على أصالتها في التصدر، نحو:{أوكلما عاهدوا عهداً} [البقرة: 100]، {أفأمن أهل القرى} [الأعراف: 97]، {أثم إذا ما وقع} [يونس: 51]، وسائر أخواتها تتأخر عنه، كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة، نحو:{فكيف تتقون} [المزمل: 17]، {فأين تذهبون} [التكوير: 26]، {فأنى تؤفكون} [الأنعام: 95]، {فهل
يهلك} [الأحقاف: 35]، {فأي الفريقين} [الأنعام: 81]، {فما لكم في المنفقين} [النساء: 188].
خامسها: أنه لا يستفهم بها حتى يهجس في النفس إثبات ما يستفهم عنه، بخلاف (هل) فإنه لا يترجح عنده نفي ولا إثبات، حكاه أبو حيان عن بعضهم.
سادسها: أنها تدخل على الشرط، نحو:{وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون} [الأنبياء: 34]، {أفإين مات أو قتل انقلبتم} [آل عمران: 144] بخلاف غيرها.
وتخرج عن الاستفهام الحقيقي، فتأتي لمعان ثمانية، ذكرها ابن هشام في المغني:
الأول: أن تكون للتسوية، كقوله تعالى:{سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [البقرة: 6]، والمعنى سواء عليهم الإنذار وعدمه، وضابط هذه الهمزة أنها التي يحل المصدر محلها هي وما دخلت عليه، سواء وقعت بعد «سواء» أو بعد «ما أبالي» ، و «ما أدري» ، و «ليت شعري» ، وما أشبه ذلك.
الثاني: أن تكون الهمزة للإنكار الإبطالي، نحو قوله تعالى:{أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً} [الإسراء: 40]، معناها يقتضي أن ما بعدها غير واقع، وأن مدعيه كاذب.
الثالث: الإنكار التوبيخي، نحو:{قال أتعبدون ما تنحتون} [الصافات: 95]، وهو يقتضي أن ما بعده واقع، وأن فاعله ملوم.