المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة براءة 171 - وأخرج الترمذي وأبو داود عن ابن عباس - الزيادة والإحسان في علوم القرآن - جـ ٨

[محمد عقيلة]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الرابع والأربعون بعد المائةعلم معاني الأدواتالتي يحتاج إليها المفسر

- ‌1 - الهمزة:

- ‌فائدة:إذا دخلت على رأيت امتنع أن يكون من رؤية البصر أو القلب

- ‌2 - أجل:

- ‌3 - أحد:

- ‌4 - إذ:

- ‌فائدة:أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك [قال]: ما كان في القرآن «إن» بكسر الألف فلم يكن، وما كان «إذ» فقد كان

- ‌مسألة:وتلزم «إذ» الإضافة إلى الجملة، إما اسمية

- ‌5 - إذا:

- ‌مسألة في «إذا» الفجائية:

- ‌تنبيهات:الأول: المحققون على أن ناصب {إذا} شرطها، والأكثرون أنه ما في

- ‌6 - إذاً:

- ‌تنبيهات:قال الحافظ السيوطي -رحمه الله تعالى-: سمعت شيخنا العلامة الكافيجي رحمه الله يقول في قوله تعالى: {ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذا لخاسرون} [

- ‌التنبيه الثاني:الجمهور أن {إذا} يوقف عليها بالألف المبدلة من النون، وعليه إجماع القراء، وجوز قوم - منهم المبرد والمازني

- ‌7 - أصبح:

- ‌8 - أف:

- ‌9 - أل:

- ‌مسألة:

- ‌خاتمة:

- ‌10 - «ألا» بالفتح والتخفيف:

- ‌11 - ألا:

- ‌12 - «إلا» بالكسر والتشديد، على أوجه:

- ‌13 - الآن:

- ‌14 - إلى:

- ‌تنبيه:حكى ابن عصفور في شرح أبيات الإيضاح عن ابن الأنباري أن (إلى) تستعمل اسماً

- ‌15 - اللهم:

- ‌16 - أم:

- ‌تنبيهان:الأول: قد ترد «أم» محتملة للاتصال والانقطاع

- ‌فائدة:قال في «المغني»: تكون للتعريف، نقلت عن طيء، وعن حمير، وأنشدوا:

- ‌17 - أما:

- ‌تنبيه:

- ‌18 - وأما (أما) المفتوحة:

- ‌19 - إما:

- ‌20 - إن، بالكسر والتخفيف:

- ‌فائدة:أخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد، قال: كل شيء في القرآن (إن) فهو إنكار

- ‌فائدة:قال بعضهم: وقع في القرآن (إن) بصيغة الشرط وهو غير مراد في ستة مواضع:

- ‌21 - أن:

- ‌22 - إن:بالكسر والتشديد على أوجه:

- ‌23 - أن:

- ‌24 - أنى:اسم مشترك بين الاستفهام والشرط:

- ‌25 - أو:حرف عطف ترد لمعان:

- ‌فائدة:أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: كل شيء في القرآن «أو» مخير

- ‌26 - أولى:في قوله تعالى: {أولى لك فأولى} [القيامة: 34]

- ‌27 - إي:

- ‌28 - أي:

- ‌29 - أي:

- ‌30 - إيا:

- ‌31 - أيان:

- ‌32 - أين:

- ‌33 - الباء المفردة:

- ‌فائدة:اختلف في الباء من قوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} [المائدة: 6]، فقيل:

- ‌34 - بعد، هي و: قبل:

- ‌35 - بل:

- ‌36 - بلى:

- ‌37 - بئس:

- ‌38 - بين:

- ‌40 - تبارك:

- ‌41 - تعال:

- ‌42 - ثم:

- ‌فائدة:أجرى الكوفيون «ثم» مجرى (الفاء والواو) في جواز نصب المضارع المقرون بها بعد فعل الشرط، وخرج عليه قراءة / الحسن: {ومن يخرج من بيته

- ‌43 - ثم:

- ‌44 - جعل:

- ‌45 - حاشى:

- ‌46 - حتى:

- ‌مسألة:متى دل دليل على دخول الغاية التي بعد «إلى» و «حتى» في حكم ما قبلها أو على عدم دخوله، فواضح أنه يعمل به:

- ‌تنبيه:ترد حتى ابتدائية، أي: حرف تبتدأ بعده الجمل، أي: تستأنف فتدخل على الاسمية

- ‌فائدة:إبدال حائها عيناً لغة هذيل، وبها قرأ ابن مسعود - رضي الله تعال عنه

- ‌47 - حسب:

- ‌48 - حيث:

- ‌49 - حين:

- ‌50 - دون:

- ‌51 - ذو:

- ‌52 - رويد:

- ‌53 - رب:

- ‌54 - زعم:

- ‌55 - السين:

- ‌56 - سوف:

- ‌57 - سواء:

- ‌58 - ساء:

- ‌59 - سبحان:

- ‌60 - صار:

- ‌61 - طفق:

- ‌62 - ظن:

- ‌63 - ظل:

- ‌64 - على:

- ‌فائدة:هي في نحو قوله تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} [

- ‌تنبيه:ترد «على» اسماً، فيما ذكره الأخفش، إذا كان مجروراً وفاعل معلقها ضميرين لمسمى واحد

- ‌65 - عن:حرف جر، له معان:

- ‌تنبيه:ترد اسماً إذا دخل عليها «من»، [وجعل منه] ابن هشام: [{ثم لأتيناهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} [

- ‌66 - عسى:

- ‌تنبيه:وردت في القرآن على وجهين:

- ‌67 - علم:

- ‌68 - عند:

- ‌فائدة:قال في «المغني»: وكسر فائها أكثر من ضمها وفتحها

- ‌69 - غير:

- ‌70 - الفاء:

- ‌71 - في:

- ‌حرف القاف

- ‌72 - قبل:

- ‌73 - قد:

- ‌74 - قط:

- ‌75 - الكاف:

- ‌تنبيه:ترد الكاف اسماً بمعنى مثل، [فتكون] في محل إعراب

- ‌مسألة:الكاف في ذلك [أي: في اسم الإشارة وفروعه]، ونحوه حرف خطاب

- ‌76 - كاد:

- ‌فائدة:ترد كاد بمعنى: أراد، ومنه قوله تعالى: {كذلك كدنا ليوسف} [

- ‌77 - كان:

- ‌78 - كأن:

- ‌79 - كأين:

- ‌80 - كذا:

- ‌81 - كل:

- ‌فائدة:وحيث أضيفت إلى منكر وجب في ضميرها مراعاة معناها

- ‌فائدة:وحيث وقعت في حيز النفي -بأن تقدمت عليها أداته أو الفعل المنفي

- ‌مسألة:تتصل ما بـ «كل» نحو: {كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً} [

- ‌82 - كلا وكلتا:

- ‌83 - كلا:

- ‌84 - كم:

- ‌85 - كي:

- ‌86 - كيف:

- ‌87 - اللام:

- ‌88 - [لا]:

- ‌تنبيه:ترد «لا» اسماً بمعنى غير، فيظهر إعرابها فيما بعدها، نحو قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7]

- ‌فائدة:قد تحذف ألفها، وخرج عليه ابن جني، نحو قوله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [الأنفال: 25]

- ‌89 - لات:

- ‌90 - لا جرم:

- ‌91 - لكن:

- ‌92 - لكن:

- ‌93، 94 - لدى، ولدن:

- ‌95 - لعل:

- ‌96 - لم:

- ‌97 - لما:

- ‌98 - لن:

- ‌99 - لو:

- ‌فائدة:أخرج ابن أبي حاتم، من طريق الضحاك، عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: كل شيء في القرآن» «لو» فإنه لا يكون [أبداً]

- ‌فائدة ثانية:تختص «لو» المذكورة بالفعل، وأما نحو قوله تعالى: {قل لو أنتم تملكون} [

- ‌فائدة ثالثة:قال الزمخشري: الفرق بين قولك: لو جاءني زيد لكسوته، [ولو زيد جاءني لكسوته]

- ‌تنبيه:ترد لو شرطية في المستقبل، وهي التي يصلح موضعها «إن»

- ‌100 - لولا:

- ‌فائدة:نقل عن الخليل: أن جميع ما في القرآن من «لولا» فهي بمعني «هلا»

- ‌101 - لوما:بمنزلة: «لولا»

- ‌102 - ليت:

- ‌103 - ليس:

- ‌104 - ما:

- ‌فائدة:حيث وقعت «ما» قبل «ليس» أو «لم» أو «لا» أو بعد «إلا» فهي موصولة

- ‌فائدة [أخرى]:«ما» في قوله تعالى: {ما أغنى عنه ماله وما كسب} [المسد: 2] تحتمل ما في الأولى النافية والاستفهامية، فيكون المعنى على النفي: لم يغن

- ‌105 - ماذا:

- ‌106 - متى:

- ‌107 - مع:

- ‌108 - من:

- ‌فائدة:أخرج ابن أبي حاتم، من طريق السدي، عن ابن عباس، قال: لو أن إبراهيم حين دعا قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، لازدحمت عليه اليهود والنصارى

- ‌109 - من:

- ‌110 - مهما:

- ‌111 - النون:

- ‌112 - التنوين:

- ‌113 - نعم:

- ‌114 - نعم:

- ‌115 - الهاء:

- ‌116 - ها:

- ‌117 - هات:

- ‌118 - هل:

- ‌119 - هلم:

- ‌120 - هنا:

- ‌121 - هيت:

- ‌122 - هيهات:

- ‌123 - هو:

- ‌124 - الواو:

- ‌125 - وي كأن:

- ‌124 - ويل:

- ‌127 - يا:

- ‌تنبيه:ها قد أتيت على شرح معاني الأدوات الواقعة في القرآن على وجه موجز مفيد، محصل للمقصود منه، ولم أبسطه؛ لأن محل البسط والإطناب إنما هو تصانيفنا في فن العربية

- ‌النوع الخامس والأربعون بعد المائةعلم في قواعد مهمةيحتاج المفسر إلى معرفتها

- ‌[قاعدة:

- ‌وفائدته: أن تؤدي كلمة مؤد كلمتين

- ‌قاعدة في الضمائر:[قال الحافظ السيوطي في «الإتقان»]: ألف ابن الأنباري في الضمائر

- ‌مرجع الضمير:

- ‌قاعدة:الأصل عوده على أقرب مذكور

- ‌قاعدة:الأصل توافق الضمائر في المرجع، حذراً من التشتيت

- ‌ضمير الفصل:ضمير بصيغة المرفوع، مطابق لما قبله، تكلماً وخطاباً

- ‌ضمير الشأن والقصة:

- ‌تنبيه:قال ابن هشام: متى أمكن الحمل على غير ضمير الشأن

- ‌قاعدة:قال في «المغني»: إنهم يغلبون على الشيء ما لغيره؛ لتناسب بينهما، أو اختلاط

- ‌قاعدة:جمع العاقلات لا يعود عليه الضمير غالباً إلا بصيغة الجمع، سواء كان للقلة أو للكثرة

- ‌قاعدة:إذا اجتمع في الضمائر مراعاة اللفظ والمعنى بدئ باللفظ، ثم بالمعنى، هذا

- ‌قاعدة في التذكير والتأنيث:التأنيث ضربان: حقيقي وغيره

- ‌قاعدة في التعريف والتنكير:اعلم أن [لكل] منهما مقاماً لا يليق بالآخر

- ‌فائدة:سئل عن الحكمة في تنكير «أحد» وتعريف «الصمد»

- ‌قاعدة أخرى تتعلق بالتعريف والتنكير:

- ‌تنبيه:قال الشيخ بهاء الدين في عروس الأفراح وغيره: [

- ‌قاعدة في الإفراد والجمع:من ذلك السماء والأرض، حيث وقع في القرآن ذكر الأرض فإنها مفردة، ولم تجمع

- ‌فائدة:ألف أبو الحسن الأخفش كتاباً في الإفراد والجمع [في القرآن]

- ‌فائدة:ليس في القرآن من الألفاظ المعدولة إلا ألفاظ العدد

- ‌قاعدة:مقابلة الجمع بالجمع:

- ‌[قاعدة:إنهم يعبرون بالفعل عن أمور:

- ‌قاعدة في الألفاظ التي يظن بها الترادف وليست منه:

- ‌فائدة:قال الراغب: خص دفع الصدقة في القرآن بالإيتاء

- ‌قاعدة في السؤال والجواب:

- ‌تنبيه:قد يعدل عن الجواب أصلاً، إذا كان السائل قصده التعنت

- ‌قاعدة:قيل: أصل الجواب أن يعاد فيه نفس السؤال، ليكون وفقه

- ‌قاعدة:الأصل في الجواب أن يكون مشاكلاً للسؤال، فإن كان جملة اسمية فينبغي أن يكون الجواب كذلك

- ‌فائدة:أخرج البزار عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: ما رأيت قوماً خيراً من أصحاب محمد، ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة كلها في القرآن

- ‌قاعدة في الخطاب بالاسم والخطاب [بالفعل:الاسم يدل على الثبوت والاستمرار، والفعل يدل على التجدد]

- ‌تنبيهات:

- ‌قاعدة في المصدر:قال ابن عطية: سبيل الواجبات الإتيان بالمصدر مرفوعاً

- ‌قاعدة في العطف:هو ثلاثة أقسام:

- ‌تنبيه:ظن ابن مالك أن المراد بالتوهم الغلط، وليس كذلك

- ‌مسألة:اختلف في جواز عطف الخبر على الإنشاء وعكسه، فمنعه البيانيون

- ‌مسألة:اختلف في جواز عطف الاسمية على الفعلية وعكسه، فالجمهور على الجواز

- ‌مسألة:اختلف في جواز العطف على معمولي عاملين، فالمشهور عن سيبويه المنع

- ‌مسألة:اختلف في جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، فجمهور البصريين على المنع، وبعضهم والكوفيون على الجواز

- ‌قاعدة:قال في «المغني»: قد يعطي الشيء حكم ما أشبهه: في معناه: أو في لفظه، أو فيهما.فأما الأول فله صور كثيرة:

- ‌تنبيهان:

- ‌النوع السادس والأربعون بعد المائةعلم تفسير القرآن بالأحاديثالصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفاتحة]

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس عليه السلام

- ‌سورة هود عليه السلام

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة بني إسرائيل

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم عليها السلام

- ‌سورة الحج

- ‌سورة قد أفلح

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة (النمل)

- ‌سورة (القصص)

- ‌سورة (العنكبوت)

- ‌سورة (الروم)

- ‌سورة (لقمان)

- ‌سورة (السجدة)

- ‌سورة (الأحزاب)

- ‌سورة (سبأ)

- ‌سورة (فاطر)

- ‌سورة (يس)

- ‌سورة (الصافات)

- ‌سورة (ص)

- ‌سورة (الزمر)

- ‌سورة (حم: المؤمن) [غافر]

- ‌سورة (حم: السجدة) [فصلت]

- ‌سورة (حم عسق) [الشورى]

- ‌سورة (حم: الزخرف)

- ‌سورة (حم: الدخان)

- ‌سورة (حم: الأحقاف)

- ‌سورة (الفتح)

- ‌سورة (الحجرات)

- ‌سورة (ق)

- ‌سورة (الذاريات)

- ‌سورة (الطور)

- ‌سورة (النجم)

- ‌سورة (القمر)

- ‌سورة (الرحمن)

- ‌سورة (الواقعة)

- ‌سورة (الحديد)

- ‌سورة (المجادلة)

- ‌سورة (الحشر)

- ‌سورة (الممتحنة)

- ‌سورة (الصف)

- ‌سورة (الجمعة)

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة (الطلاق)

- ‌سورة (التحريم)

- ‌سورة (ن)

- ‌سورة (نوح عليه السلام

- ‌سورة (الجن)

- ‌سورة (المزمل)

- ‌سورة (المدثر)

- ‌سورة (القيامة)

- ‌سورة (المرسلات)

- ‌سورة (عم يتساءلون)

- ‌سورة (عبس)

- ‌سورة (إذا الشمس كورت)

- ‌سورة (المطففين)

- ‌سورة (إذا السماء انشقت)

- ‌سورة (البروج)

- ‌سورة (سبح)

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة اقرأ

- ‌سورة القدر

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة أرأيت

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة النصر

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة المعوذتين

الفصل: ‌ ‌سورة براءة 171 - وأخرج الترمذي وأبو داود عن ابن عباس

‌سورة براءة

171 -

وأخرج الترمذي وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى (الأنفال)، وهي من المثاني؟ وإلى (براءة) وهي من المئين فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر {بسم الله الرحمن الرحيم} ، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ قال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان، وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا نزلت عليه الآية، فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت (الأنفال) من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت (براءة) من آخر القرآن نزولاً، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، فلا أكتب سطر:{بسم الله الرحمن الرحيم} ، ووضعتها في السبع الطوال.

172 -

وأخرج البخاري ومسلم عن ابن جبير رحمه الله قال: قلت لابن عباس: سورة (التوبة)؟ فقال: بل هي الفاضحة، ما زالت تنزل:«ومنهم» ، و «منهم» حتى ظنوا أن لا يبقى أحد إلا ذكر فيها، قال: قلت: سورة (الأنفال)؟ قال: نزلت في بدر، قال: قلت: سورة (الحشر)؟ قال: نزلت في بني النضير. وفي رواية: قلت لابن عباس: سورة (الحشر)؟ قال: قل: سورة النضير.

173 -

وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع، في رهط

ص: 327

يؤذنون في الناس يوم النحر: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. وفي رواية: ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم بـ (علي بن أبي طالب)، فأمره أن يؤذن بـ (براءة)، فقال أبو هريرة: فأذن معنا في أهل منى [ببراءة] أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. وفي رواية: يوم الحج الأكبر: يوم النحر، والحج الأكبر: الحج، وإنما قيل: الحج الأكبر، من أجل قول الناس: العمرة: الحج الأصغر، قال: فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج في العام القابل الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع مشرك.

وأنزل الله تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر إلى المشركين: {يا أيها الذين أمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بمد عامهم هذا وإن خفتم عيلة سوف يغنيكم الله من فضله

} الآية [التوبة: 28]، وكان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون، فلما حرم الله على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام، وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عليهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها، فقال الله تعالى:{وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} [التوبة: 28]، ثم أحل في الآية التي تتبعها الجزية، ولم تؤخذ قبل ذلك، فجعلها عوضاً مما منعهم من موافاة المشركين بتجاراتهم، فقال عز وجل: {قاتلوا الزين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر

} الآية [التوبة: 29]، فلما أحل الله عز وجل ذلك للمسلمين: عرفوا أنهم قد عاضهم أفضل مما خافوا ووجدوا عليه، مما كان المشركون يوافون به من التجار. هذه رواية البخاري ومسلم.

وفي رواية أبي داود، قال: بعثني أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، [ويوم الحج الأكبر: يوم النحر، والحج الأكبر: الحج.

وفي رواية النسائي مثل رواية أبي داود، إلى قوله: عريان].

وله في رواية أخرى، قال أبو هريرة: جئت مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة بـ (براءة)، قيل: ما كنتم تنادون؟ قال: كنا

ص: 328

ننادي: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوفن بالبيت عريان، وما كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله - أو أمره - إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر، فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج بعد العام مشرك، فكنت أنادي حتى صحل صوتي.

174 -

وأخرج الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر؟ فقال: «يوم النحر» ، وروي موقوفاً عليه.

175 -

وأخرج الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد سئل: بأي شيء بعثت في الحجة؟ قال: بعثت بأربع: لا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد، فهو إلى مدته، ومن لم يكن له عهد، فأجله أربعة أشهر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يجتمع المشركون والمؤمنون بعد عامهم هذا.

ص: 329

176 -

وأخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها، فقال:«أي يوم هذا» ؟ فقالوا: يوم النحر، فقال:«هذا يوم الحج الأكبر» .

177 -

[وأخرج أبو داود] عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه كان يقول: يوم النحر: يوم الحج الأكبر، يهرق فيه الدم، ويوضع فيه الشعر، ويقضي فيه التفث، وتحل فيه الحرم، أخرجه كذا.

178 -

وأخرج النسائي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من عمرة الجعرانة - بعث أبا بكر على الحج، فأقبلنا معه، حتى إذا كنا بالعرج ثوب بالصبح، ثم استوى ليكبر، فسمع الرغوة خلف ظهره،

ص: 330

فوقف عن التكبير، فقال: هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم[الجدعاء، لقد بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج، فلعله يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم] فنصلي معه، فإذا علي عليها، فقال أبو بكر: أمير أم رسول؟ فقال: لا، بل رسول، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ (براءة)، أقراؤها على الناس في مواقف الحج، فقدمنا مكة فلما كان قبل التروية بيوم قام أبو بكر، فخطب الناس، فحدثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ قام عليَّ رضي الله عنه فقرأ على الناس (براءة) حتى ختمها، ثم كان يوم النحر فأفضنا، فلما رجع أبو بكر خطب الناس، فحدثهم عن إفاضتهم، وعن نحرهم، وعن مناسكهم، فلما فرغ قام عليَّ، فقرأ على الناس (براءة) حتى ختمها، فلما كان يوم النفر الأول، قام أبو بكر، فخطب الناس، فحدثهم كيف ينفرون، وكيف يرمون، يعلمهم مناسكهم، فلما فرغ، قام علي، فقرأ على الناس (براءة) حتى ختمها.

179 -

وأخرج البخاري عن زيد بن وهب رحمه الله قال: كنا عند حذيفة، فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية - يعني: {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} [التوبة: 12]- إلا ثلاثة، ولا بقي من المنافقين إلا أربعة، فقال أعرابي: إنكم أصحاب محمد، تخبروننا أخباراً، لا ندري ما هي؟ تزعمون أن لا منافق إلا أربعة، فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا، ويسرقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفساق، أجل لم يبق منهم إلا أربعة: أحدهم: شيخ

ص: 331

كبير - لو شرب الماء البارد لما وجد برده.

180 -

وأخرج مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم، فزجرهم عمر، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة. ولكن إذا صليت الجمعة دخل فاستفتيته فيما اختلفتم فيه، فأنزل الله عز وجل: {أجعلتم سقاية الحاح وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله

} [التوبة: 19]، إلى آخرها.

181 -

وأخرج الترمذي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال:«يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن» ، وسمعته يقرأ:{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} [التوبة: 31]، قال:«إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه» .

182 -

وأخرج البخاري عن زيد بن وهب رحمه الله قال: مررت بالربذة فإذا بأبي ذر، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام، فاختلفت أنا

ص: 332

ومعاوية في هذه الآية: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله} [التوبة: 34]، فقال (معاوية): نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذلك كلام، فكتب إلى عثمان يشكوني، فكتب إلى عثمان: أن أقدم المدينة، فقدمتها فكثر على الناس، حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت، فكنت قريباً، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا علي حبشياً لسمعت وأطعت.

183 -

وأخرج أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: لما نزلت هذه الآية: {الذين يكنزون الذهب والفضة} [التوبة: 34] كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر: أنا أفرج عنكم، فانطلق، فقال: يا نبي الله، إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال:«إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث، وذكر كلمة لتكون لمن بعدكم» ، فكبر عمر، ثم قال له: ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته.

184 -

وأخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهم قال له أعرابي: أخبرني عن قول الله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} [التوبة: 34]. قال ابن عمر: من كنزها فلم يؤد زكاتها ويل له، هذا كان قبل أن تنزل الزكاة، فلما أنزلت جعلها الله طهراً للأموال.

وفي رواية الموطأ: قال عبد الله بن دينار: سمعت عبد الله بن عمر - وهو يسأل عن الكنز ما هو؟ - فقال: هو المال الذي لا تؤدي منه الزكاة.

ص: 333

185 -

وأخرج الترمذي عن ثوبان رضي الله عنه قال: لما نزلت: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله} [التوبة: 34] كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: أنزلت في الذهب والفضة، فلو علمنا أي المال خير اتخذناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أفضله: لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة صالحة تعين المؤمن على إيمانه» .

186 -

وأخرج أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: {لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله} الآية [التوبة: 44]، نسختها التي في (النور):{إنما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله} ، إلى قوله:{غفور رحيم} [النور: 62].

187 -

وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: لما نزلت آية الصدقة، كنا نحامل على ظهورنا، فجاء رجل

ص: 334

فتصدق بشيء كثير، فقالوا: مراء، وجاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا، فنزلت: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم

} الآية [التوبة: 79].

وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق، فيحامل، فيصيب المد، وإن لبعضهم اليوم لمائة ألف، زاد في رواية: كأنه يعرض بنفسه.

وفي أخرى: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة كنا نتحامل، فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء، فنزلت.

وزاد النسائي بعد قوله: «لمائة ألف» : وما كان له [يومئذ] درهم.

188 -

وأخرج البخاري ومسلم والبخاري عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: لما توفي عبد الله - يعني: ابن أبي [ابن] سلول - جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر، فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله تصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما خيرني الله عز وجل فقال: {استغفر لهم أو لا

ص: 335

تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة} [التوبة: 80]، وسأزيد على السبعين»، قال: إنه منافق، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فأنزل الله عز وجل: {ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره هم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} [التوبة: 84].

زاد في رواية: فترك الصلاة عليهم.

189 -

وأخرج البخاري والترمذي والنسائي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما مات عبد الله بن أبي [ابن] سلول، دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه، فقلت: يا رسول الله، أتصلي على ابن أبي، وقد قال يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ أعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«أخر عني يا عمر» ، فلما أكثرت عليه، قال:«أما إني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها» ، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من (براءة):{ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله، وماتوا وهم فاسقون} [التوبة: 84].

قال: فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ.

وزاد الترمذي: فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره حتى قبضه الله.

190 -

وأخرج الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نزلت هذه

ص: 336

الآية في أهل قباء: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة: 108]، قال: كانوا يستنجون بالماء، فنزلت الآية فيهم.

191 -

وأخرج الترمذي والنسائي عن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه ورضي الله عنه - قال: سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت له: أتستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فذكرت ذلك للنبي، فنزلت:{ما كان للنبي والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113].

192 -

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن ابن شهاب الزهري رحمه الله قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك: أن عبد الله بن كعب، كان قائد كعب من بنيه حين عمي، قال: وكان أعلم قومه وأوعاهم لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال كعب: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط، إلا في [في غزوة] تبوك، غير أني قد تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتب أحداً تخلف عنها، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، حين

ص: 337

تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها، وكان من خبري حين تخلفت عنه في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد، وأستقبل سفراً بعيداً ومفازاً، واستقبل عدواً كثيراً، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، وأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ - يريد بذلك الديوان - قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، فأنا إليها أصعر، فجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض شيئاً، وأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً، والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئاً، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئاً، فلم يزل ذلك يتمادى حتى أسرعوا وتفارط الغزو، فهممت أن أرتحل فأدركهم، فيا ليتني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس - بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يخونني أني لا أرى لي أسوة، إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق، أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوكاً، فقال وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالك؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حسبه براده والنظر في عطفيه، فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت والله

ص: 338

يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيراً، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو على ذلك رأى رجلاً مبيضاً يزول به السراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كن أبا خيثمة» ، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون، قال كعب: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلاً من تبوك حضرني بثي، فطفقت أتذكر الكذب، وأقول: بم أخرج من سخطه غداً؟ وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً زاح عني الباطل، حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدأ، فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً، وكان إذا قدم من سفر بداً بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المنافقون، فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فقبل منهم علانيتهم وبايعهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، حتى جئت، فلما سلمت تبسم المغضب، ثم قال: تعال، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي:«ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ » قلت: يا رسول الله، إني والله لو جلست إلى غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلاً، ولكني والله لقد علمت، لئن حدثتك اليوم حديث صدق تجد علي فيه، إني لأرجو فيه عقبي الله عز وجل وفي رواية: عفو الله -، (والله) ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك» ، فقمت، وثار رجال من بني سلمة، فاتبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنباً قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى

ص: 339

رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون، فقد كان يكفيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، قال: فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي، قال: ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم، لقيه معك رجلان، قالا مثل ما قلت، وقيل لهما مثل ما قيل لك، قال: قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العامري، وهلال بن أمية الواقفي، قال: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدراً، فيهما أسوة، قال: فمضيت حين ذكروهما لي، قال: ونهى رسول الله المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، قال: فاجتنبتا الناس - أو قال: تغيروا لنا - حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا، وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة، وأطوف في الأسواق، فلا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه - وهو في مجلسه - بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام، أم لا؟ ثم أصلي قريباً منه، وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال عليَّ ذلك من جفوة المسلمين، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة - وهو ابن عمي، وأحب الناس إليَّ - فسلمت عليه، فوالله ما رد على السلام، فقلت له: يا أبا قتادة، أنشدك بالله، هل تعلمن أني أحب رسول الله؟ قال: فسكت، فعدت فناشدته، فسكت،

ص: 340

فعدت فناشدته، فقال: الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة، يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ قال: فطفق الناس يشيرون له إليَّ، جاءني، فدفع إليَّ كتاباً من ملك غسان، وكنت كاتباً، فقرأته، فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك، قال حين قرأتها: وهده أيضاً من البلاء، فتيممت بها التنور، فسجرتها، حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي، فإذا [رسول] رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقال: قلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: «لا، بل اعتزلها فلا تقربها» ، قال: وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك، قال: قلت لامرأتي: الحقي بأهلك، فكوني عندهم حتى يقضي الله فى هذا الأمر، قال: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ ضائع، ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال:«لا، ولكن لا يقربنك» ، فقالت: والله ما به حركة إلى شيء، ووالله ما زال يبكي، منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا، قال: فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه؟ قال: فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها، زأنا رجل شاب؟ قال: فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا، قال: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة، على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا: قد ضاقت علي نفسي، وضاقت عليَّ

ص: 341

الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع، يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، قال: فخررت ساجداً، وعلمت أن قد جاء فرج، قال: وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبه الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجل إلي فرساً، وسعى ساع من أسلم قبلي، وأوفى على الجبل، زكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي، فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجاً فوجاً، يهنئوني بالتوبة، ويقولون: ليهينك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره، قال: كان كعب لا ينساها لطلحة، قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- وهو يبرق وجهه من السرور-: «أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك» ، قال: فقلت: أمن عندك يا رسول الله؟ فقال: «بل من عند الله» ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه، حتى كأن وجهه قطعة قمر، قال: وكنا نعرف ذلك، قال: فلما جلست بين يديه، قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أمسك بعض مالك، فهو خير لك» ، قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قال: وقلت: يا رسول الله، إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت، قال: فوالله ما علمت أحداً من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما

ص: 342

أبلاني الله، ووالله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي، قال: فأنزل الله عز وجل: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} ، حتى إذا بلغ:{إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} ، حتى بلغ:{اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 117 - 119]. قال كعب: والله ما أنعم الله عليَّ من نعمة قط- بعد إذ هداني للإسلام- أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، فقال الله {سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} [التوبة: 96، 95]. قال كعب: كنا خلفنا - أيهما الثلاثة - عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا، حتى قضى الله تعالى فيه بذلك، قال الله عز وجل:{وعلى الثلاثة الذين خلفوا} ، وليس الذي ذكر مما خلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.

وفي رواية: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامي وكلام صاحبي، ولم ينه عن كلام أحد من المتخلفين غيرنا، فاجتنب الناس كلامنا، فلبثت كذلك، حتى طال عليَّ الأمر، وما من شيء أهم إلي من أن أموت فلا يصلي عليّ النبي صلى الله عليه وسلم، أو يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون من الناس بتلك المنزلة، فلا يكلمني أحد منهم، ولا يسلم عليّ، ولا يصلي عليّ، قال: فأنزل الله توبتنا على نبيه صلى الله عليه وسلم حين بقي الثلث الأخير من الليل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند أم سلمة، وكانت أم سلمة محسنة في شأني، معنية بأمري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا أم سلمة، تيب على كعب» ، قالت: أفلا أرسل إليه فأبشره؟ قال: [إذا] يحطمكم الناس، فيمنعونكم النوم سائر الليل، حتى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، آذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا.

ص: 343