الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الواقعة في القرآن مجلدين، وأصل وضع الضمير للاختصار، ولهذا قام قوله:{أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً} [الأحزاب: 35] مقام خمس وعشرين كلمة، لو أتى بها مظهرة، وكذا قوله تعالى:{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} [النور: 31]، قال مكي: ليس في كتاب الله آية اشتملت على ضمائر أكثر منها، فإن فيها خمسة وعشرين ضميراً، ومن ثم لا يعدل إلى المنفصل [إلا بعد تعذر المتصل]، بأن يقع في الابتداء، نحو قوله تعالى:{إياك نعبد} [الفاتحة: 5]، أو بعد {إلآ} نحو قوله تعالى:{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} [الإسراء: 23].
مرجع الضمير:
لا بد له من مرجع يعود إليه.
ويكون: ملفوظاً [به] سابقاً مطابقاً، نحو قوله تعالى:{ونادى نوح ابنه} [هود: 42]، {وعصى ءادم ربه} [طه: 121]، {إذا أخرج يده لم يكد يراها} [النور: 40].
أو متضمناً له، نحو قوله تعالى:{اعدلوا هو أقرب للتقوى» [المائدة: 8]، فإنه عائد على العدل المتضمن له {اعدلوا} ، {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} [النساء: 8]، أي: القوم؛ لدلالة القسمة عليه.
أو دالاً عليه بالالتزام، نحو قوله تعالى:{إنا أنزلناه} [القدر: 1]، أي: القرآن؛ لأن الإنزال يدل عليه التزاماً، نحو قوله تعالى:{فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع المعروف وأداء إليه} [البقرة: 178]، ف «عفى» يستلزم عافياً أعيد عليه الهاء من «إليه» .
أو متأخراً لفظاً لا رتبة مطابقاً، نحو قوله تعالى:{فأوجس في نفسه خيفه موسى} [طه: 67]، {ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون} [القصص: 78]، {فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان} [الرحمن: 39].
أو رتبة أيضاً في باب ضمير الشأن والقصة، ونعم، وبئس، والتنازع.
أو متأخراً دالاً بالالتزام، نحو قوله تعالى:{فلولا إذا بلغت الحلقوم} [الواقعة: 83]، {كلا إذا بلغت التراقي} [القيامة: 26]، أضمر الروح أو النفس؛ لدلالة الحلقوم والتراقي عليها، نحو قوله تعالى:{حتى توارت بالحجاب} [ص: 32]، أي: الشمس؛ لدلالة الحجاب عليها.
وقد يدل عليه السياق فيضمر ثقة بفهم السامع، نحو قوله تعالى:{كل من عليها فان} [الرحمن: 26]، {ما ترك على ظهرها} [فاطر: 45]، أي: الأرض أو الدنيا، {ولأبويه} [النساء: 11]، أي: الميت، ولم يتقدم له ذكر.
وقد يعود على لفظ المذكور دون معناه، نحو قوله تعالى: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره» [فاطر: 11]، أي: عمر معمر آخر.
وقد يعود على بعض ما تقدم، نحو قوله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم} [إلى قوله: فإن كن نساء} [النساء: 11]، {وبعولتهن أحق بردهن [البقرة: 228]]، بعد قوله تعالى:{والمطلقات} [البقرة: 228]، فإنه خاص بالرجعيات، والعائد عليه [عام] فيهن وفي غيرهن.
وقد يعود على المعنى كقوله تعالى في آية الكلالة: {فإن كانتا اثنتين} [النساء: 176]، ولم يتقدم لفظ مثنى يعود عليه، قال الأخفش: لأن الكلالة تقع على الواحد والاثنين والجمع، فثنى الضمير الراجع إليها حملاً على المعنى، كما يعود الضمير [جمعاً على](من)[حملا] على معناها.
قد يعود على لفظ شيء، والمراد به الجنس من ذلك [الشيء]، قال الزمخشري: كقوله تعالى: {إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما} [النساء: 135]، أي: بجنسي الفقير والغني؛ لدلالة (غنياً أو فقيراً}) على الجنسين، لو رجع إلى المتكلم به لوحده.
وقد يذكر شيئان، ويعاد الضمير إلى أحدهما، والغالب كونه الثاني، نحو قوله تعالى:{واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة} [البقرة: 45]، فأعيد الضمير للصلاة، وقيل: للاستعانة المفهومة من «استعينوا» ، {جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل} [يونس: 5]، أي: القمر؛ لأنه الذي يعلم به الشهور، {والله ورسوله أحق أن يرضوه} [التوبة: 62]، أراد أن يرضوهما، فأفرد؛ لأن الرسول هو داعي العباد، والمخاطب لهم شفاها، ويلزم من رضاه رضا ربه تعالى.
وقد يثنى الضمير ويعود على أحد المذكورين، نحو قوله تعالى:{يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} [الرحمن: 22]، وإنما يخرج من أحدهما.
وقد يجيء الضمير متصلاً بشيء وهو لغيره، نحو قوله تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} يعني: آدم، ثم قال:{ثم جعلناه نطفة} [المؤمنون الآيتان: 12، 13]، فهذه لولده؛ لأن آدم لم يخلق من نطفة، [قلت]: هذا هو باب الاستخدام، ومنه:[لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}، ثم قال: {قد سألها} [المائدة الآيتان: 101، 102]، أي: أشياء أخرى مفهومة من لفظ «أشياء» السابقة.
وقد يعود الضمير على ملابس ما هو له، نحو قوله تعالى:{إلا عشية أو ضحاها} [النازعات: 46]، أي: ضحي يومها، لا ضحى العشية نفسها؛ لأنه لا ضحى لها.
وقد يعود على غير مشاهد محسوس، والأصل خلافه، نحو قوله تعالى:{وإذا قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون} [البقرة: 117]، فضمير «له» عائد على