الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويثنى ويجمع، وهذه [اللفظة] من بين أخواتها جوز فيها ذلك من غير الألف واللام.
وقال الكرماني في الآية المذكورة: لا يمتنع كونها معدولة عن الألف واللام مع كونها وصفاص لنكرة، لأن ذلك مقدر من وجه غير مقدر من وجه.
قاعدة:
مقابلة الجمع بالجمع:
تارة تقتضي مقابلة كل فرد عن هذا بكل فرد من هذا، كقوله تعالى:{واستغشوا ثيابهم} [نوح: 7]، أي: استغشى كل منهم ثوبه، {حرمت عليكم أمهاتكم} [النساء: 23]. أي: على كل من المخاطبين أمه، {يوصيكم الله في أولدكم} [النساء: 11] أي: كل في أولاده، {والوالدات يرضعن أولادهن} [البقرة: 233]، أي: كل واحدة ترضع ولدها.
وتارة يقتضي ثبوت الجمع لكل فرد من أفراد المحكوم عليه، نحو قوله تعالى:{فاجلدوهم ثمنين جلدة} [النور: 4]، وجعل منه الشيخ عز الدين في قوله تعالى:{وبشر الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنت} [البقرة: 25].
وتارة يحتمل الأمرين، فيحتاج إلى دليل يعين أحدهما.
وأما مقابلة الجمع بالمفرد:
فالغالب ألا يقتضي تعميم المفرد، وقد يقتضيه كما في قوله تعالى:{وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: 184]، والمعنى: على كل واحد لكل يوم طعام مسكين، {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة} [النور: 4]، لأن على كل واحد منهم ذلك.
[قاعدة:
إنهم يعبرون بالفعل عن أمور:
أحدها: وقوعه، وهو الأصل.
الثاني: مشارفته: نحو {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن} [البقرة: 231]، أي: فشارفن انقضاء العدة، {والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجاً وصية لأزوجهم} [البقرة: 240] أي: والذين يشارفون الموت وترك الأزواج يوصون وصية، {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية} [النساء: 9] أي: لو شارفوا أن يتركوا، وقد مضت في فصل لو، ونظائر لها، ومما لم يتقدم ذكره قوله:
إلى ملك كاد الجبال لفقده تزول وزوال الراسيات من الصخر
الثالث: إرادته، وأكثر ما يكون ذلك بعد أداة الشرط، نحو {فإذا قرأت القرءان فاستعذ} [النحل: 98]، {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} [المائدة: 6]، {إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن} [آل عمران: 47]، {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} [المائدة: 42]، {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} [النحل: 126]، {إذا تنجيتم فلا تنتجوا بالإثم والعدوان} [المجادلة: 9]، {إذا نجيتم الرسول فقدموا} الآية {المجادلة: 12}، {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1]، وفي «الصحيح»: إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل.
ومنه في غيره: {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من [المسلمين} [الذاريات: 35، 36]، أي: فأردنا] الإخراج، {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة [اسجدوا لآدم} [الأعراف: 11]، لأن ثم للترتيب، ولا يمكن هذا مع الحمل على الظاهر، فإذا حمل: خلقنا وصورنا على إرادة الخلق والتصوير لم يشكل، وقيل: هما على حذف مضافين، أي:
خلقنا أباكم، ثم صورنا أباكم، ومثله {وكم من قرية أهلكنها فجاءها بأسنا} [الأعراف: 4]، أي: أردنا إهلاكها، {ثم دنا فتدلى} [النجم: 8]، أي: أراد الدنو من صلى الله عليه وسلم، فتدلى: فتعلق في الهواء، وهذا أولى من قول من ادعى القلب في هاتين الآيتين، وأن التقدير: وكم من قرية جاءها بأسنا فأهلكناها، ثم تدلى فدنا، وقال:
فارقنا من قبل أن نفارقه
…
لما قضى من جماعنا وطرا
أي: أراد فراقنا.
وفي كلامهم عكس هذا، وهو التعبير بإرادة الفعل عن إيجاده، نحو:{ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله} [النساء: 150]، بدليل أنه قوبل بقوله صلى الله عليه وسلم {ولم يفرقوا بين أحد منهم} [النساء: 152].
والرابع: القدرة عليه: نحو {وعدا علينا إنا كنا فعلين} [الأنبياء: 104]، أي: قادرين على الإعادة، وأصل ذلك أن الفعل يتسبب عن الإرادة والقدرة، وهم يقيمون السبب مقام المسبب، وبالعكس، فالأول نحو:{ونبلوا أخباركم} [محمد: 31]، لأن الابتلاء: الاختبار، / وبالاختبار يحصل العلم، وقوله تعالى:{هل يستطيع ربك} الآية [المائدة: 112]، في قراءة غير الكسائي {يستطيع} بالغيبة، و {ربك} بالرفع. معناه: هل يفعل ربك؟ فعبر عن الفعل الاستطاعة، لأنها شرطه، أي: هل ينزل ربك مائدة إن دعوته؟ ومثله: {فظن أن لن نقدر عليه} [الأنبياء: 87]، أي: لن نؤاخذه، فعبر عن المؤاخذة بشرطها، وهو القدرة عليها، وأما قراءة الكسائي، فتقديرها: هل تستطيع سؤال ربك؟ فحذف المضاف، أو هل تطلب طاعة ربك في إنزال المائدة؟ أي: استجابته.
ومن الثاني: {فاتقوا النار} [البقرة: 24]، أي: فاتقوا العناد الموجب للنار.