الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السيوطي]: وألفت في جوابه تأليفاً مودعاً في الفتاوى، وحاصله أن ذلك أجوبة:
أحدها: أنه نكر للتعظيم، والإشارة إلى أن مدلوله، وهو الذات المقدسة [غير] ممكن تعريفها والإحاطة بها.
الثاني: أنه لا يجوز إدخال «أل» عليه كغير، وكل، وبعض، وهو فاسد، فقد قرئ شاذاً:{قل هو الله الأحد الله الصمد} [الإخلاص: 1، 2]، حكى هذه القراءة أبو حاتم في كتاب الزينة عن جعفر بن محمد.
الثالث: وهو مما خطر لي أن (هو) مبتدأ، والله خبر، وكلاهما معرفة، فاقتضى الحصر، فعرف الجزءان [في]{الله الصمد} ، لإفادة الحصر ليطابق الجملة الأولى، واستغني عن تعريف «أحد» فيها لإفادة الحصر دونه، فأتى به على أصله من التنكير، على أنه خبر ثان، [وإن] جعل الاسم الكريم مبتدأ، و «أحد» خبره، ففيه من ضمير الشأن ما فيه من التفخيم والتعظيم، فأتي بالجملة الثانية على نحو الأولى، بتعريف الجزأين للحصر تفخيماً وتعظيماً.
قاعدة أخرى تتعلق بالتعريف والتنكير:
إذا ذكر الاسم مرتين، فله أربعة أحوال: لأنه إما أن يكونا معرفتين،
أو نكرتين، أو الأول نكرة، والثاني معرفة، أو بالعكس.
فإن كانا معرفتين، فالثاني هو الأول غالباً، دلالة على المعهود الذي هو [في] الأصل في اللام أو الإضافة، نحو قوله تعالى:{اهدنا السراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} [الفاتحة: 6، 7]، {فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص} [الزمر: 2، 3]، {وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً ولقد علمت الجنة} [الصافات: 158]، {وقهم السيئات ومن تق السيئات} [غافر: 9]، {لعلى أبلغ الأسباب أسباب السماوات} [غافر: 36، 37].
وإن كانتا نكرتين فالثاني غير الأول غالباً، وإلا لكان المناسب هو التعريف، بناء على كونه معهوداً سابقاً، نحو قوله تعالى:{الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة} [الروم: 54]، فإن المراد بالضعف الأول: النطفة، وبالثاني: الطفولية، وبالثالث: الشيخوخة.
وقال ابن الحاجب في قوله تعالى: {غدوها شهر وروحها شهر} [سبأ: 12]: الفائدة في إعادة لفظ الشهر الإعلام بمقدار زمن الغدر، وزمن الرواح، والألفاظ التي تأتي مبينة للمقادير لا يحسن فيها الإضمار، ولو أضمر فالضمير إنما يكون لما تقدم باعتبار خصوصيته، فإذا لم يكن له، وجب العدول عن الضمير إلى الظاهر.
وقد اجتمع القسمان في قوله تعالى: {فإن مع اليسر يسراً إن مع العسر يسراً} [الشرح: 4، 5]، فالعسر الثاني هو الأول، واليسر الثاني غير الأول؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الآية:«لن يغلب عسر يسرين» .
وإن كان الأول نكرة والثاني معرفة، فالثاني هو الأول، حملاً على العهد، نحو قوله تعالى:{وأرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول} [المزمل: 15، 16]،