الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - بل:
حرف إضراب إذا تلاها جملة، ثم تارة تكون بمعنى الإضراب للإبطال لما قبلها، نحو قوله تعالى:{وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون} [الأنبياء: 26]، أي: بل هم عباد، {أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق} [المؤمنون: 70]، وتارة تكون بمعنى الانتقال من غرض لآخر، نحو قوله تعالى:{ولدينا كتاب ينطق بالحق [وهم لا يظلمون] بل قلوبهم في غمرة من هذا} [المؤمنون: 62، 63]، فما قبل «بل» فيه على حاله، وكذا قوله تعالى:{قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحيوة الدنيا} [الأعلى: 14 - 16]، وذكر ابن مالك في «شرح كافيته»: أنها لا تقع في القرآن إلا على هذا الوجه، ووهمه ابن هشام، قال السيوطي: وسبق ابن مالك إلى هذا صاحب «الوسيط» ، ووافقه ابن الحاجب، فقال في شرح المفصل: إبطال الأول، وإثباته للثاني إن كان في الإثبات من باب الغلظ فلا يقع مثله في القرآن.
أما إذا تلاها مفرد فهي حرف عطف، ولم يقع في القرآن كذلك.
36 - بلى:
حرف أصلي الألف، وقيل الأصل:(بل)، والألف زائدة، وقيل: هي للتأنيث بدليل إمالتها.
ولها موضعان:
أحدهما: أن تكون رداً لنفي يقع قبلها، نحو قوله تعالى: {ما كنا نعمل
من سوء بلى} [النحل: 28]، أي: عملتم، {لا يبعث الله من يموت بلى} [النحل: 38]، أي: يبعثهم، {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن} [التغابن: 7]، {ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأمين سبيل} [آل عمران: 75]، ثم قال:«بلى» ، أي: عليهم سبيل، {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصرى} [البقرة: 111]، ثم قال:«بلى» ، أي: يدخلها غيرهم، {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً ت معدودة} [البقرة: 80]، ثم قال:«بلى» أي: تمسهم ويخلدون فيها.
الثاني: أن تقع جواباً لاستفهام دخل على نفي، فتفيد إبطاله، سواء كان الاستفهام حقيقياً، نحو: أليس زيد قائماً؟ فتقول: بلى.
أو توبيخياً، نحو قوله تعالى:{أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى} [الزخرف: 80]، {أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى} [القيامة: 3، 4].
أو تقريرياً، نحو:{ألست بربكم قالوا بلى} [الأعراف: 172]، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - وغيره: لو قالوا: نعم، كفروا، ووجهه: أن نعم تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب، فكأنهم [قالوا]: لست ربنا، بخلاف بلى، فإنها لإبطال النفي، فالتقدير: أنت ربنا.
ونازع السهيلي وغيره: بأن الاستفهام التقريري خبر موجب، ولذلك امتنع سيبويه من جعل (أم) متصلة في قوله تعالى:{أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذي} [الزخرف: 51، 52]؛ لأنها لا تقع بعد الإيجاب، وإذا ثبت أنه إيجاب فنعم بعد الإيجاب تصديق له، انتهى. قال ابن هشام: ويشكل
عليهم أن «بلي» لا يجاب بها [الإيجاب باتفاق لكن في كتب الحديث ما يقتضي أنه يجاب بها الاستفهام] المجرد من النفي، ففي صحيح البخاري في كتاب «الأيمان» [أنه] عليه السلام قال [لأصحابه: أترضون] أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: (بلى)، وفي «صحيح مسلم» في كتاب الهبة:[أيسرك] أن يكونوا كل في البر / سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن، وفيه أيضاً: أنه عليه الصلاة والسلام قال: أنت الذي لقيتني بمكة؟ فقال له المجيب: بلى، وليس لهؤلاء الجماعة أن يحتجوا بذلك؛ لأنه قليل فلا يتخرج عليه التنزيل، انتهى كلام / ابن هشام [في «المغني»].
أقول: ما ذهب إليه السهيلي ومن تبعه في غاية الحسن؛ لأن من المعلوم المقرر أن الاستفهام التقريري والتوبيخي في معنى النفي، وليس من أدوات النفي، والنفي إذا دخل على النفي صار إثباتاً فينحل المعنى. [«ألست بربكم»]؟ قالوا: بلى، مجيبين [بالإثبات]، فكلام السهيلي متجه، [وما نقل] عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -[لم يثبت]، والحاصل: أن [بلى إذا كانت للنفي الخالص] أفادت إبطاله، نحو:{زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي} [التغابن: 7]، أي: يبعثون، [وقوله تعالى:{ألم يأتيكم نذير قالوا بلى} [الملك: 8، 9]، فهو مثل:{ألست بربكم} [الأعراف: 172]، وبلى