الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
364 -
وأخرج الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهم سئل عن هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم} [التغابن: 14]، قال: هؤلاء رجال أسلموا من مكة، وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين، هموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم
…
} الآية.
سورة (الطلاق)
365 -
أخرج مالك في الموطأ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم قرأ: «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن» ، قال مالك رحمه الله: يعني بذلك: أن يطلق في كل طهر مرة.
سورة (التحريم)
366 -
أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن عائشة رضي الله عنهم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلواء، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر، فاحتبس أكثر مما كان يحتبس، فغرت، فسألت عن ذلك؟ فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة من عسل، فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة، فقلت: أما والله، لنحتالن له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي له: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ فإنه سيقول
لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد؟ - زاد في رواية: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح- فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: جرست نحله العرفط، وسأقول ذلك، وقولي أنت يا صفية مثل ذلك، قالت: تقول سودة: فوالله الذي لا إله إلا هو، ما هو إلا أن قام على الباب، فأردت أن أبادئه بما أمرتني فرقاً منك، فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ قال:«لا» ، قالت: فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال: «سقتني حفصة شربة عسل» ، فقالت: جرست نحله العرفط، فلما دار إليّ، قلت له نحو ذلك، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حفصة، قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال:«لا حاجة لي فيه» ، قالت: تقول سودة: والله لقد حرمناه، قلت لها: اسكتي.
وفي رواية قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكث عند زينب بنت جحش، فيشرب عندها عسلاً، قالت: فتواطأت أنا وحفصة، أن أيتنا ما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل له: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما، فقالت ذلك له، فقال: بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش، ولن أعود له، فنزل:{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} [التحريم: 1]، {إن تتوبا إلى الله} [التحريم: 4]: لعائشة وحفصة، {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً} [التحريم: 3]، لقوله: بل شربت عسلاً ولن أعود له، وقد خلفت، فلا تخبري بذلك أحداً. وأخرج النسائي الرواية الثانية.
367 -
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم -
اللتين قال الله عز وجل: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4]، حتى حج عمر، وحججت معه، فلما كان بعض الطريق عدل عمر، وعدلت معه بالإداوة، فتبرز، ثم أتاني، فكسيت على يديه، فتوضأ، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله عز وجل:{إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} ؟ فقال عمر: واعجباً لك يا ابن العباس، قال الزهري: كره والله ما سأله عنه، ولم يكتمه، فقال: هما عائشة وحفصة، ثم أخذ يسوق الحديث، قال: كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، فتغضبت يوماً على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك، فوالله، إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل، فانطلقت، فدخلت على حفصة، فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: نعم، فقالت: أتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم، قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسرت، أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي قد هلكت؟ لا تراجعي رسول الله، ولا تسأليه شيئاً، وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك- يريد عائشة-، وكان لي جار من الأنصار، فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينزل يوماً، وأنزل يوماً، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك، وكنا نتحدث: أن غسان تنعل الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي، ثم أتاني عشاء، فضرب بابي، ثم ناداني، فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم، فقلت: ماذا؟ جاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأهول، طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، قلت: وقد خابت حفصة وخسرت، وقد كنت أظن هذا يوشك أن يكون، حتى إذا صليت الصبح شددت عليَّ ثيابي، ثم نزلت، فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت:
أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أدري، هو هذا معتزل في هذه المشربة، فأتيت غلاماً له أسود، فقلت: استأذن لعمر، فدخل، ثم خرج إليّ، قال: قد ذكرتك له فصمت، فانطلقت حتى إذا أتيت المنبر، فإذا عنده رهط جلوس، يبكي بعضهم، فجلست قليلاً، ثم غلبني ما أجده، فأتيت الغلام، فقلت: ستأذن لعمر، فدخل، ثم خرج إليّ، فقال: قد ذكرتك له فصمت، فخرجت فجلست إلى المنبر، ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام، فقلت: استأذن لعمر، فدخل، ثم خرج، فقال: قد ذكرتك له، فصمت، فوليت مدبراً، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل فقد أذن لك، فدخلت، فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو متكئ على رمال حصير، قد أثر في جنبه، فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إليَّ، فقال: لا، فقلت: الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضبت على امرأتي يوماً، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله أن أزواج رسول الله ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل، فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسرت، أفيأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هي قد هلكت؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، فتبسم أخرى، فقلت: استأنس يا رسول الله، قال:«نعم» ، فجلست، فرفعت رأسي في البيت، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر، إلا أهبة ثلاثة، فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يوسع على أمتك، فقد وسع على فارس والروم، وهم لا يعبدون الله، فاستوي جالساً، ثم قال:«أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» ، فقلت: استغفر لي يا رسول الله، وكان أقسم أن لا
يدخل عليهن شهراً من أجل ذلك الحديث، حين أفشته حفصة إلى عائشة، من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله تعالى.
قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة، قالت: لما مضت تسع وعشرون ليلة، دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدأ بي، فقلت: يا رسول الله، إنك أقسمت أنك لا تدخل علينا شهراً، وإنك دخلت من تسع وعشرين أعدهن؟ فقال:«إن الشهر تسع وعشرون» - زاد في رواية: وكان ذلك الشهر تسعاً وعشرين ليلة- ثم قال: يا عائشة، إني ذاكر لك أمراً، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، ثم قرأ:{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها} حتى بلغ إلى قوله: {عظيماً} [الأحزاب: 29]، قالت عائشة: قد علم والله أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة.
وفي رواية: أن عائشة قالت: لا تخبر نساءك أني اخترتك، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله أرسلني مبلغاً ولم يرسلني متعنتاً» ، هذه رواية البخاري ومسلم والترمذي.
ولمسلم أيضاً نحو ذلك وفيه: وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، وفيه: دخول عمر على عائشة وحفصة، ولومه لهما، وقوله لحفصة: والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك، ولولا أنا لطلقك.
وفيه: قول عمر عند الاستئذان- في إحدى المرات- يا رباح، استأذن لي، فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني أن أضرب عنقها لأضربن عنقها، قال: ورفعت صوتي، وإنه أذن له عند ذلك، وأنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يخبر الناس أنه لم يطلق نساءه، فأذن له، وأنه قام غلى باب المسجد، فنادي بأعلى صوته: لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وأنه قال له- وهو يرى الغضب في وجهه- يا رسول الله، ما يشق عليك من شأن النساء، فإن كنت طلقتهن، فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر، والمؤمنون معك، قال: وقلما تكلمت- وأحمد الله-
بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، فنزلت هذه الآية، آية التخيير:{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن} [التحريم: 5] الآية.
وفيه أنه قال: فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك- وكان من أحسن الناس ثغراً- قال: ونزلت أتشبث بالجذع، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينحدر، ونزل رسول الله كأنما يمشي على الأرض، ما يمسه بيده، فقالت: يا رسول الله، إنما كنت في الغرفة تسعاً وعشرين؟ فقال:«إن الشهر يكون تسعاً وعشرين» ، قال: ونزلت هذه الآية: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 83]، قال: فكنت أنا الذي استنبطت ذلك الأمر، فأنزل الله عز وجل آية التخيير.
وفي رواية للبخاري ومسلم، قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجاً، فخرجن معه، فلما رجعنا- وكنا ببعض الطريق- عدل إلى الأراك لحاجة له، فوقفت له حتى فرغ، ثم سرت معه، فقلت: يا أمير المؤمنين، من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه؟ فقال: تلك حفصة وعائشة، فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع هيبة لك، قال:«فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم، فلسني، فإن كان لي به علم أخبرتك به» ، ثم قال عمر: والله، إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم، قال: فبينا أنا في أمر أتأمره، إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا؟ فقلت لها: ما لك ولما ها هنا؟ فيما تكلفك في أمر أريده! فقالت لي: عجباً لك ابن الخطاب! ! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان؟ فقام عمر، فأخذ رداءه مكانه، حتى دخل على حفصة، فقال لها: يا بنية، إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان؟
فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه، فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله، وغضب رسوله؟ يا بنية، لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها، وحب رسول الله
إياها- يريد عائشة- قال: ثم خرجت، حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها، فكلمتها، فقالت أم سلمة: عجباً لك يا ابن الخطاب! دخلت في كل شيء، تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه؟ قال: فأخذتني والله أخذاً كسرتني به عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها، وكان لي صاحب من الأنصار، إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوف ملكاً من ملوك غسان، ذكر لنا: أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب، فقال: افتح، افتح، فقلت: جاء الغساني؟ فقال: بل أشد من ذلك، اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه، فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة، فأخذت ثوبي فأخرج حتى جئت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة له، يرقى عليها بعجلة، وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس الدرجة، فقلت: قل: هذا عمر بن الخطاب، فأذن لي، قال عمر: فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لعلى حصير، ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظاً مصبوراً، وعند رأسه أهب معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه، فبكيت، فقال:«ما يبكيك؟ » فقلت: يا سول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله! فقال:«أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة» ؟ .
وأخرجه النسائي مجملاً، وهذا لفظه: قال ابن عباس: لم أزل حريصاً أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله عز وجل: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4]، وساق الحديث.
هكذا قال النسائي، ولم يذكر لفظه، وقال: واعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه- من أجل ذلك الحديث، حين أفشته حفصة إلى عائشة- تسعاً وعشرين ليلة، قالت عائشة، وكان قال: ما أنا بداخل عليهن شهراً، من شدة موجدته عليهن حين حدثه الله عز وجل حديثهن، فلما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له عائشة: قد كنت آليت يا رسول الله أن لا تدخل علينا