الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب «ليس» : القاعدة في «من» ونحوه الرجوع من اللفظ إلى المعنى، ومن الواحد إلى المثنى، ومن الواحد إلى الجمع، ومن المذكر إلى المؤنث، نحو قوله تعالى:{ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً} [الأحزاب: 31]، {من أسلم وجهه لله} ، إلى قوله:{ولا خوف عليهم} [البقرة: 112]، أجمع على هذا النحويون، قال: وليس في كلام العرب ولا في شيء من العربية الرجوع من المعنى إلى اللفظ، إلا في حرف واحد، استخرجه ابن مجاهد، وهو قوله تعالى: {ومن يؤمن بالله وعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين
…
}، الآية [الطلاق: 11]، وحد في {يؤمن} ، و {يعمل} ، و {يدخله} ، ثم جمع في قوله:{خالدين} ، ثم وحد في قوله تعالى:{أحسن الله له رزقاً} ، فرجع بعد الجمع إلى التوحيد.
قاعدة في التذكير والتأنيث:
التأنيث ضربان: حقيقي وغيره
.
فالحقيقي لا تحذف تاء التأنيث من فعله غالباً؛ إلا أن وقع فصل، وكلما كثر الفصل حسن الحذف، والإثبات مع التحقيق أولى، ما لم يكن جمعاً.
وأما غير الحقيقي فالحذف فيه مع الفصل أحسن، نحو قوله تعالى:{فمن جاءه موعظة من ربه} [البقرة: 275]، {قد كان لكم ءاية} [آل عمران: 13]، فإن كثر الفصل ازداد حسناً، نحو قوله:{وأخذ الذين ظلموا الصيحة} [هود: 94]، والإثبات أيضاً حسن، نحو:{وأخذت الذين ظلموا الصيحة} [هود: 94]، فجمع بينهما في سورة هود.
وأشار بعضهم إلى ترجيح الحذف، واستدل [عليه] بأن الله قدمه على الإثبات حين جمع بينهما.
ويجوز الحذف [أيضاً] مع عدم الفصل، حيث الإسناد إلى ظاهر، فإن كان إلى ضميره امتنع.
وحيث وقع ضمير أو إشارة بين مبتدأ وخبر، أحدهما مذكر والآخر مؤنث جاز في الضمير والإشارة: التذكير والتأنيث، كقوله تعالى:{قال هذا رحمة من ربي} [الكهف: 98]، فذكر، والخبر مؤنث؛ لتقدم السد، وهو مذكر، وقوله تعالى:{فذانك برهان من ربك} [القصص: 32]، ذكر والمشار إليه اليد والعصا، وهما مؤنثان لتذكير الخبر، وهو {برهانان} .
وكل أسماء الأجناس [يجوز فيها] التذكير حملاً على الأجناس والتأنيث حملاً على الجماعة، كقوله تعالى:{أعجاز نخل خاوية} [الحاقة: 7]، {أعجاز نخل منقعر} [القمر: 20]، {إن البقر تشابه علينا} [البقرة: 70]، وقرئ:«تشابهت» ، {السماء منفطر به} [المزمل: 18]، {إذا السماء انفطرت} [الانفطار: 1]، وجعل منه بعضهم قوله تعالى:{جاءتها ريح عاصف} [يونس: 22]، {ولسليمان الريح عاصفة} [الأنبياء: 81].
وقد سئل: ما الفرق بين قوله تعالى: {فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت علي الضلالة} [النحل: 36]، وقوله تعالى:{فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة} [الأعراف: 30]؟
وأجيب بأن ذلك لوجهين:
لفظي، وهو كثرة حروف الفاصل في الثاني، والحذف مع كثرة الحواجز أكثر.
ومعنوي، وهو: أن «من» في قوله تعالى: {من حقت} راجعة إلى الجماعة، وهي مؤنثة لفظاً بدليل:{ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً} ، ثم قوله تعالى:{ومنهم من حقت عليه الضلالة} [النحل: 36]، أي: من تلك الأمم، ولو قال:«ضلت» لتعينت التاء، والكلامان واحد، وإذا كان معناهما واحداً كان إثبات التاء أحسن من تركها؛ لأنها ثابتة فيما هو معناه، وأما قوله تعالى: {فريقاً هدى
…
}، الآية فالفريق يذكر، ولو قال:«فريق ضلوا» لكان بغير