الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلاماً يحسن السكوت عليها إما اسماً أو فعلاً.
25 - أو:
حرف عطف ترد لمعان:
الشك من المتكلم، نحو قوله تعالى:{قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم} [الكهف: 20].
والإبهام على السامع، نحو قوله تعالى:{وإنا أو إياكم على هدى أو في ضلال مبين} [سبأ: 24].
التخيير بين المعطوفين، بأن يمتنع الجمع بينهما، والإباحة بأن لا يمتنع الجمع، ومثل الثاني بقوله تعالى:{ولا على أنفسهم أن تأكلوا من بيوتكم [أو بيوت أباءكم] أو بيوت أمهاتكم} الآية [النور: 61]، ومثل الأول بقوله تعالى:{ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: 196]، وقوله تعالى:{فكفراته إطعام عشرة مساكين [من] أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبه} [المائدة: 89]، واستشكل بأن الجمع في الآيتين غير ممتنع، وأجاب ابن هشام بأنه يمتنع بالنسبة إلى وقوع كل كفارة أو فدية، [بل يقع واحد منهن كفارة] أو فدية، والباقي قربة مستقلة خارجة عن ذلك، قال
الحافظ السيوطي -رحمه الله تعالى-: قلت: وأوضح من هذا: التمثيل بقوله تعالى: {أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف} [المائدة: 33]، على قول من جعل الخيرة في ذلك إلى الإمام، فإنه يمتنع عليه الجمع بين هذه الأمور، بل يفعل منها واحداً يؤدي اجتهاده إليه.
والتفصيل [بعد] الإجمال، نحو قوله تعالى:{وقالوا كونوا هوداً أو نصرى تهتدوا} [البقرة: 135]، {قالوا ساحر أو مجنون} [الذاريات: 52]، أي: قال بعضهم: كونوا هوداً، وقال بعضهم: كونوا نصارى، وقال بعضهم: ساحر، وقال بعضهم: مجنون.
والإضراب: كـ «بل» ، وخرج عليه قوله تعالى:{وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} [الصافات: 147]، [يعني: بل يزيدون]، فإن قلت: كيف جاز الإضراب في كلامه تعالى؟ قلت: قال الرضي: إنما جاز لأنه تعالى أخبر عنهم بأنهم مائة ألف، بناء على حرز الناس مع كونه تعالى عالماً أنهم يزيدون، ثم إنه أخذ في التحقيق مضرباً عما يغلط فيه الناس، وكذا قوله تعالى:{كلمح البصر أو هو أقرب} [النحل: 77]، انتهى.
أقول: ويظهر لي وجه غير ما ذكر [الرضي]، وهو أن القرآن العزيز والكلام الإلهي جرى على عادة العرب في كلامهم، فيقصد المتكلم من ابتداء القول الإضراب، ويكون قاصده، ويأتي بالجملة الأولى [فيرتقي إلى] الجملة الثانية ويقصد المبالغة، كما في قوله تعالى:{إلى مائة ألف} [الصافات: 147]، فالقصد أنهم يزيدونه، وذكر الألف لأجل الانتقال والمبالغة في المعنى، مثل:{وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب} [النحل: 77]،
ومثل قوله تعالى: {فهي كالحجارة أو أشد قسوة} [البقرة: 74]، والله أعلم، {فكان قاب قوسين أو أدنى} [النجم: 9]، وقراءة بعضهم:{أوكلما عاهدوا عهداً نبده} [البقرة: 100]، بسكون الواو.
ومطلق الجمع: كالواو /، نحو قوله تعالى:{لعله يتذكر أو يخشى} [طه: 44]، {لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا} (طه: 113].
والتقريب: ذكره الحريري وأبو البقاء، وجعل منه قوله تعالى:{وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب} [النحل: 77]، ورد بأن التقريب مستفاد من غيرها.
ومعنى «إلا» في الاستثناء ومعنى «إلى» ، وهاتان ينصب المضارع بعدهما بأن مضمرة، وخرج عليهما قوله تعالى:{لا جناح علي إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة: 236]، [فقيل: إنه منصوب لا مجزوم بالعطف على تمسوهن] لئلا يصير المعنى: لا جناح عليكم - فيما يتعلق
بمهر النساء - إن طلقتموهن في مدة انتفاء أحد هذين الأمرين، مع أنه إذا انتفى الفرض دون المسيس لزم مهر المثل، وإذا انتفى المسيس دون الفرض لزم نصف المسمى، فكيف يصح رفع الجناح عند انتفاء أحد الأمرين، ولأن المطلقات المفروض لهن قد ذكرن ثانياً بقوله تعالى:{وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: 237]، وترك ذكر الممسوسات لما تقدم من المفهوم، ولو كانت «تفرضوا» مجزوماً لكانت الممسوسات والمفروض لهن مستويات في الذكر، وإذا قدرت «أو» بمعنى «إلا» خرجت المفروض لهن عن مشاركة الممسوسات في الذكر، وكذا إذا قدرت بمعنى «إلى» ، وتكون غاية لنفي الجناح لا لنفي المسيس، وأجاب ابن الحاجب عن الأول: منع كون المعنى مدة انتفاء أحدهما، بل مدة لم يكن واحد منهما، وذلك بنفيهما جميعاً؛ لأنه نكرة في سياق النفي الصريح، وأجاب بعضهم عن الثاني بأن ذكر المفروض لهن إنما كان لتعيين النصف لهن لا لبيان أن لهن شيئاً في الجملة، ومما خرج على هذا المعنى قراءة أبي:«تقاتلونهم أو يسلموا» [الفتح: 16].
تنبيهات:
الأول: لم يذكر المتقدمون لـ «أو» هذه المعاني، بل قالوا: هي لأحد الشيئين أو الأشياء، قال ابن هشام: وهو التحقيق، والمعاني المذكورة مستفادة من القرائن.