الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَزَلَت هَذِه الآيَةُ على رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 1، 2]. قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لِجِبريلَ: "ما هَذِه النَّحيرَة الَّتِي أمَرَنِي بها رَبِّى عز وجل؟ ". قالَ: إنَّها لَيسَت بنَحيرَةٍ، ولَكِنَّه يأْمُرُكَ إذا تَحَرَّمْتَ لِلصَّلاةِ أن تَرفَعَ يَدَيكَ إذا كَبَّرتَ، وإِذا رَكَعتَ، وإِذا رَفَعتَ رأْسَكَ مِنَ الرُّكوعِ، فإِنَّها صَلاتُنا وصَلاةُ المَلائكَةِ الَّذينَ في السَّمَواتِ السَّبعِ. قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "رَفْعُ الأيدِى مِنَ الاستِكانَةِ الَّتِى قالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}
(1)
[المؤمنون: 76] ". وقَد رُوِى هذا، والاعتِمادُ على ما مَضَى وباللَّهِ التَّوفيقُ.
بابُ مَن لم يَذكُرِ الرَّفعَ إلا عندَ الافتِتاحِ
2564 -
أخبرَنا أبو زكريا يَحيَى بنُ إبراهيمَ بنِ محمدِ بنِ يَحيَى، حدَّثَنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بنُ سليمانَ، أخبرَنا الشافعيُّ، أخبرَنا سُفيانُ، عن يَزيدَ بنِ أبي زيادٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي لَيلَى، عن البَراءِ بنِ عازِبٍ قال: رأَيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا افتَتَحَ الصَّلاةَ رَفَعَ يَدَيهِ. قالَ سُفيانُ: ثم قَدِمْتُ الكوفَةَ فلَقِيتُ يَزيدَ، فسَمِعتُه يُحَدِّثُ بهَذا، وزادَ فيه: ثم لا يَعودُ. فظَنَنتُ أنَّهُم لَقَّنوه. قالَ سُفيانُ: هَكَذا سَمِعتُ يَزيدَ يُحَدِّثه، ثم سَمِعتُه بَعدُ يُحَدِّثُه هَكَذا، ويَزيدُ فيه: ثم لا يَعودُ. قالَ الشافعيُّ رحمه الله: وذَهَبَ سُفيانُ إلى أن يُغَلِّطَ يَزيدَ في هذا الحَديثِ، يقولُ: كأَنَّه لُقِّنَ هذا الحَرفَ
(1)
الحاكم 2/ 537، 538. قال الذهبي: إسرائيل صاحب عجائب وأصبغ شيعى متروك عند النسائي. وقال الذهبي في المهذب 1/ 524: الأصبغ متروك، وإسرائيل اتهمه ابن حبان، وهذا خبر منكر جدًّا. وقال ابن حجر: إسناده ضعيف جدًّا. التلخيص الحبير 1/ 273.
فتَلَقَّنَه، [ولَم يَكُنْ سُفيانُ يرى يَزيدَ بالحِفظِ]
(1)
.
2565 -
كَذَلِكَ أخبرَنا أبو سعيدٍ يَحيَى بنُ محمدِ بنِ يَحيَى الإِسفَرايينِيُّ، أخبرَنا أبو بَحرٍ محمدُ بنُ الحسنِ البَربَهارِىُّ، حدَّثَنا بِشْرُ بنُ موسَى، حدَّثَنا الحُمَيدِيُّ، حدَّثَنا سُفيانُ، حدَّثَنا يَزيدُ بنُ أبى زيادٍ بمَكَّةَ. فذكَرَ هذا الحديثَ، لَيسَ فيه: ثم لا يَعودُ. قالَ سُفيانُ: فلمَّا قَدِمتُ الكوفَةَ سَمِعتُه يُحَدِّثُ به فيَقولُ فيه: ثم لا يَعودُ. فظَنَنتُ أنَّهُم لَقَّنوه. وقالَ لي أصحابُنا: إنَّ حِفظَه قَد تَغَيَّرَ، أو قالوا: قَد ساءَ
(2)
. قالَ الحُمَيدِيُّ: قُلنا لِقائلِ هذا يَعنِى لِلمُحتَجِّ بهَذا: إنَّما رواه يَزيدُ، ويَزيدُ يَزيدُ.
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو الحسنِ ابنُ عَبدُوسٍ، حدَّثَنا عثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ قالَ: سأَلتُ أحمدَ بنَ حَنبَلٍ عن هذا الحَديثِ فقالَ: لا يَصِحُّ عنه هذا الحَديثُ
(3)
. قال: وسَمِعتُ يَحيَى بنَ مَعيني يُضَعِّفُ يَزيدَ بنَ أبى زيادٍ
(4)
. قالَ أبو سعيدٍ الدّارِمِيُّ: ومِمَّا يُحَقِّقُ قَولَ سُفيانَ بنِ عُيَينَةَ أنَّهُم لَقَّنوه هَذِه الكَلِمَةَ، أنَّ سُفيانَ الثَّورِيَّ وزُهَيرَ بنَ مُعاويَةَ وهُشَيمًا
(5)
وغَيرَهُم مِن أهلِ
(1)
في د، م:"ولم يكن يذكر سفيان يزيد بالحفظ".
والحديث عند المصنف في المعرفة (776). والشافعي في اختلاف الحديث ص 178.
(2)
الحميدي (724)، وعنه البخاري في رفع اليدين (74).
(3)
معرفة علوم الحديث للحاكم ص 80، 81.
(4)
معرفة علوم الحديث للحاكم ص 80، 81، وابن معين في تاريخه (250، 878 - برواية الدارمي). ينظر الكامل لابن عدى 7/ 2729.
(5)
أخرجه أحمد (18702)، والبخاري في رفع اليدين (76)، وأبو داود (751) من طريق الثوري به.
العِلمِ، لم يَجيئوا بها، إنَّما جاءَ بها مَن سمِع مِنه بأخَرَةٍ.
قالَ الشيخُ رحمه الله: والَّذِى يُؤَكِّدُ ما ذَهَبَ إليه هَؤُلاءِ ما:
2566 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدَّثَنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ إسحاقَ الفَقيهُ، أخبرَنا أبو مُسلِمٍ إبراهيمُ بنُ عبدِ اللَّهِ (ح) وأَخبرَنا أبو سَعدٍ المالينِىُّ، أخبرَنا أبو أحمدَ ابنُ عَدِىٍّ الحافظُ، حدَّثَنا الفَضلُ بنُ الحُبابِ قالا: حدَّثَنا إبراهيمُ بنُ بَشّارٍ، حدَّثَنا سُفيانُ، حدَّثَنا يَزيدُ بنُ أبى زيادٍ بمَكَّةَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي لَيلَى، عن البَراءِ بنِ عازِبٍ قالَ: رأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا افتَتَحَ الصَّلاةَ رَفَعَ يَدَيه، وإذا أرادَ أن يَركَعَ، وإِذا رَفَعَ رأسَه مِنَ الرُّكوعِ. قالَ سُفيانُ: فلَمّا قَدِمْتُ الكوفَةَ سَمِعتُه يقولُ: يَرفَعُ يَدَيه إذا افتَتَحَ الصَّلاةَ، ثم لا يَعودُ. فظَنَنتُ أنَّهُم لَقَّنوه
(1)
. وكَذَلِكَ رواه عبدُ الكَريمِ بنُ الهَيثَمِ الدَّيرَعاقولِيُّ عن إبراهيمَ بنِ بَشّارٍ.
قالَ الشيخُ: وقَد رَوَى هذا الحديثَ محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي لَيلَى، عن أخيه عيسَى، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي لَيلَى، عن البَراءِ قالَ فيه: ثم لا يَعودُ
(2)
. وقيل: عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن الحَكَمِ، عن ابنِ أبي لَيلَى
(3)
.
(1)
الكامل لابن عدى 7/ 2730. وقال الذهبي 1/ 525: هذا حديث منكر جدًّا، وإبراهيم بن بشار له أوابد، هذا منها.
(2)
أخرجه الطحاوي في شرح المعاني 1/ 224 من طريق محمد بن عبد الرحمن به.
(3)
أخرجه أحمد في العلل عقب (708)، وسحنون في المدونة 1/ 69، وابن أبي شيبة (2452)، والطحاوى في شرح المعاني 1/ 224 من طريق محمد بن عبد الرحمن به.
وقيل: عنه، عن يَزيدَ بنِ أبي زيادٍ، عن ابنِ أبي لَيلَى
(1)
. ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي لَيلَى لا يُحتَجُّ بحَديثِه
(2)
، وهو أسوأُ حالًا عندَ أهلِ المَعرِفَةِ بالحَديثِ مِن يَزيدَ بنِ أبي زيادٍ.
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو الحسنِ ابنُ عَبدوسٍ، حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ. فذكَر فصلًا في تَضعيفِ حَديثِ يَزيدَ بنِ أبي زيادٍ، ثم قالَ: ولَم يَروِ هذا عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي لَيلَى أحَدٌ أقوَى مِن يَزيدَ.
2567 -
أخبرَنا أبو طاهِرٍ الفَقيهُ، أخبرَنا أبو حامِدِ ابنُ بلالٍ، أخبرَنا محمدُ بنُ إسماعيلَ الأحمَسِىُّ، حدَّثَنا وكيع، عن سُفيانَ، عن عاصِمٍ يَعنِى ابنَ كُلَيبٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ الأسوَدِ، عن عَلقَمَةَ قالَ: قالَ عبدُ اللَّهِ يَعنى ابنَ مَسعودٍ: لأُصَلّيَنَّ بكُم صَلاةَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قالَ: فصَلَّى فلَم يَرفَعْ يَدَيه إلا مَرَّةً واحِدَةً
(3)
.
2568 -
وأَخبرَنا أبو علىٍّ الرُّوذْبارِيُّ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ داسَةَ، حدَّثَنا أبو داودَ، حدثنا عثمانُ بنُ أبى شَيبَةَ، حدَّثَنا ابنُ إدريسَ، عن عاصِمِ بنِ كُلَيبٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ الأسوَدِ، عن عَلقَمَةَ قالَ: قالَ عبدُ اللَّهِ: عَلَّمَنا
(1)
أخرجه أحمد في العلل عقب (708) من طريق ابن أبي ليلى به.
(2)
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن الكوفى الفقيه قاضى الكرفة، ينظر الكلام عليه في: التاريخ الكبير 1/ 162، والجرح والتعديل 7/ 322، والمجروحين 2/ 242، وتهذيب الكمال 25/ 622، وسير أعلام النبلاء 6/ 310، قال ابن حجر في التقريب 2/ 184: صدوق سيئ الحفظ جدًّا.
(3)
أخرجه أحمد (3681)، وأبو داود (748)، والترمذي (257)، والنسائي (1057) من طريق وكيع به. وقال الترمذي: حسن. وصححه الألبانى في صحيح أبي داود (683).
رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ، فكَبَّرَ ورَفَعَ يَديْه، فلَمّا رَكَعَ طَبَّقَ يَديْه بَينَ رُكبَتَيهِ. قالَ: فبَلَغَ ذَلِكَ سَعدًا، فقالَ: صَدَقَ أخِى، قَد كُنّا نَفعَلُ هذا، ثم أُمِرنا بهَذا. يَعنِى الإمساكَ على الرُّكبَتَينِ
(1)
.
قالَ الشيخُ: فإِن كان الحَديثُ على ما رواه عبدُ اللَّهِ بنُ إدريسَ فقَد يَكونُ عادَ لِرَفعِهِما فلَم يَحكِه، وإِن كان على ما رواه الثَّورِىُّ ففِى حَديثِ ابنِ إدريسَ دِلالَةٌ على أنَّ ذَلِكَ كان في صَدرِ الإِسلامِ، كما كان التَّطبيقُ في صَدرِ الإِسلامِ، ثم سُنَّت بَعدَه السُّنَنُ، وشُرِّعَت بَعدَه الشَّرائعُ، حَفِظَها مَن حَفِظَها وأَدّاها، فوَجَبَ المَصيرُ إلَيها، وبِاللَّهِ التَّوفيقُ.
2569 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدَّثَنى أبو بكرٍ محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ الجَرّاحِيُّ بمَروَ، حدَّثَنا يَحيَى بنُ ساسُويَه
(2)
، حدَّثَنا عبدُ الكَريمِ السُّكَّرِىُّ، حدَّثَنا وهبُ بنُ زَمعَةَ، أخبرَنا سُفيانُ بنُ عبدِ المَلِكِ قالَ: سَمِعتُ عبدَ اللَّهِ بنَ المُبارَكِ يقولُ: لم يَثبُتْ عِندِى حَديثُ ابنِ مَسعودٍ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَديْه أوَّلَ مَرَّةٍ ثم لم يَرجِعْ. وقَد ثَبَتَ عِندِى حَديثُ رَفعِ اليَدَينِ، ذكَره عُبَيدُ اللَّهِ ومالِكٌ ومَعمَرٌ وابنُ أبي حَفصَةَ، عن الزُّهرِىِّ، عن سالِمٍ، عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(3)
. قالَ: وأُراه واسِعًا. ثم قالَ عبدُ اللَّهِ: كأَنِّى أنظُرُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو
(1)
أبو داود (747). وأخرجه أحمد (3974)، والبخاري في رفع اليدين (72)، والنسائي (1030)، وابن خزيمة (595) من طريق ابن إدريس به. وقال البخاري: هذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود. وقال الذهبي 1/ 525: مجموع الطريقين عن عاصم يوضح أن ذلك كان في صدر الإسلام.
(2)
في س: "سامويه"، وفي م:"شاسويه".
(3)
أخرجه أبو عوانة (1579) من طريق ابن المبارك وعبيد اللَّه ومعمر وابن أبي حفصة به. والخطيب =
يَرفَعُ يَديْه في الصَّلاةِ؛ لِكَثرَةِ الأحاديثِ وجَودَةِ الأسانيدِ
(1)
.
2570 -
قالَ الشيخُ: ورواه محمدُ بنُ جابِرٍ، عن حَمّادِ بنِ أبي سليمانَ، عن إبراهيمَ، عن عَلقَمَةَ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ قالَ: صَلَّيتُ خَلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأَبِى بكرٍ وعُمَرَ، فلَم يَرفَعوا أيديَهُم إلا عندَ افتِتاحِ الصَّلاةِ. أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدَّثَنا محمدُ بنُ صالِحِ بنِ هانِئٍ، حدَّثَنا إبراهيمُ بنُ محمدِ بنِ مَخلَدٍ الضَّريرُ، حدَّثَنا إسحاقُ بنُ أبى إسرائيلَ، حدَّثَنا محمدُ بنُ جابِرٍ. فذَكَرَه
(2)
.
أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الفَقيهُ قالَ: قال عليُّ بنُ عمرَ الحافظُ: تَفَرَّدَ به محمدُ بنُ جابِرٍ - وكانَ ضَعيفًا - عن حَمّادٍ، عن إبراهيمَ. وغَيرُ حَمّادٍ يَرويه عن إبراهيمَ مُرسَلًا عن عبدِ اللهِ مِن فِعلِه غَيرَ مَرفوعٍ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو الصَّوابُ
(3)
.
قالَ الشيخُ: وكَذَلِكَ رواه حَمّادُ بنُ سلمةَ، عن حَمّادِ بنِ أبي سليمانَ، عن إبراهيمَ، عن ابنِ مَسعودٍ مُرسَلًا مَوقوفًا
(4)
.
2571 -
ورَوَى أبو بكرٍ النَّهشَلِيُّ، عن عاصِمِ بنِ كُلَيبٍ، عن أبيه، عن
= في تاريخ بغداد 3/ 260 من طريق ابن المبارك به.
(1)
المصنف في المعرفة (782). وأخرجه الترمذي عقب (256) من طريق وهب دون قوله: وقد ثبت عندى.
(2)
أخرجه ابن حبان في المجروحين 2/ 270، والدارقطني 1/ 295، والمصنف في المعرفة (783) من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل به.
(3)
الدارقطني 1/ 295.
(4)
أخرجه الطبراني (9300) من طريق حماد بن سلمة به.
عليٍّ رضي الله عنه، أنَّه كان يَرفَعُ يَدَيه في التَّكبيرَةِ الأُولَى مِنَ الصَّلاةِ، ثم لا يَرفَعُ في شَئٍ مِنها. أخبرَناه محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو الحسنِ العَنَزِىُّ
(1)
، حدَّثَنا عثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ، حدَّثَنا أحمدُ بنُ يونُسَ، حدَّثَنا أبو بكرٍ النَّهشَلِيُّ. فذَكَرَه
(2)
. قالَ عثمانُ الدَّارِمِيُّ: فهَذا قَد رُوِى مِن هذا الطَّريقِ الواهِى عن عَلِىٍّ
(3)
. وقَد رَوَى عبدُ الرحمنِ بنُ هُرمُزَ الأعرَجُ، عن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ أبى رافِعٍ، عن عليٍّ، أنَّه رأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَرفَعُهُما عندَ الرُّكوعِ، وبَعدَ ما يَرفَعُ رأْسَه مِنَ الرُّكوعِ
(4)
. فلَيسَ الظَّنُّ بعَلِىٍّ رضي الله عنه أنَّه يَختارُ فِعلَه على فِعلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. ولَكِن لَيسَ أبو بكرٍ النَّهشَلِيُّ مِمَّن يُحتَجُّ برِوايَتِه، أو تَثبُتُ به سُنَّةٌ لم يأْتِ بها غَيرُه
(5)
.
قالَ الزَّعفَرانِيُّ: قالَ الشافعيُّ في القَديمِ: ولا يَثبُتُ عن عليٍّ وابنِ مَسعودٍ. يَعنِى ما رَوَوه عَنهُما مِن أنَّهُما كانا لا يَرفَعانِ أيديَهُما في شَئٍ مِنَ الصَّلاةِ إلا في تكبيرَةِ الافتِتاحِ. قالَ الشافعيُّ رحمه الله: وإِنَّما رواه عاصِمُ بنُ
(1)
في م: "العنبرى" خطأ. وهو أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس العنزى النيسابورى الطرائفى، ارتحل إلى عثمان بن سعيد الدارمي فأكثر عنه، وحدث عنه الحاكم وقال: كان صدوقًا. السير 15/ 519، 520.
(2)
المصنف في المعرفة (779). وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل (5825) من طريق أحمد بن يونس به. وابن أبي شيبة (2454)، وأحمد في العلل (717) من طريق أبى بكر النهشلى به.
(3)
قال الذهبي 1/ 526: بل طريقه جيد.
(4)
تقدم تخريجه في (2560).
(5)
أبو بكر النهشلي، اختلف في اسمه، فقيل: اسمه عبد اللَّه بن قطاف، وقيل غير ذلك. ينظر الكلام عليه في: الجرح والتعديل 9/ 334، والمجروحين 3/ 145، وتهذيب الكمال 33/ 156، وقال ابن حجر في التقريب 2/ 401: صدوق رمى بالإرجاء. وقال الذهبي 1/ 526: قد روى له مسلم والنسائي، ويجوز أن عليًّا عليه السلام يترك رفعهما لبيان الجواز.
كُلَيبٍ، عن أبيه، عن عَلِىٍّ. فأَخَذَ به، وتَرَكَ ما رَوَى عاصِمٌ، عن أبيه، عن وائلِ بنِ حُجرٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيه
(1)
. كما رَوَى ابنُ عمرَ
(2)
، ولَو كان هذا ثابِتًا عن علىٍّ وعَبدِ اللَّهِ كان يُشبِهُ أن يَكونَ رآهُما مَرَّةً أغْفَلا فيه رَفْعَ اليَدَينِ، ولَو قالَ قائلٌ: ذَهَبَ عَنهُما حِفظُ ذَلِكَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وحَفِظَه ابنُ عمرَ لَكانَت له الحُجَّةُ
(3)
.
2572 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ إسحاقَ الفَقيهُ، أخبرَنا محمدُ بنُ أحمدَ بنِ النَّضرِ، حدثنا مُعاويَةُ بنُ عمرٍو، حدَّثَنا زائدَةُ، عن حُصينٍ (ح) وأَخبرَنا أبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الفَقيهُ، أخبرَنا عليُّ بنُ عمرَ الحافظُ، أخبرَنا الحسينُ بنُ إسماعيلَ وعُثمانُ بنُ محمدِ بنِ جَعفَرٍ قالا: حدَّثَنا يوسُفُ بنُ موسَى، حدَّثَنا جَريرٌ، عن حُصَينِ بنِ عبدِ الرحمنِ قالَ: دَخَلنا على إبراهيمَ فحَدَّثَه عمرُو بنُ مُرَّةَ قال: صَلَّينا في مَسجِدِ الحَضرَميِّينَ، فحَدَّثَنِى عَلقَمَةُ بنُ وائلٍ، عن أبيه، أنَّه رأَى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيه حينَ يَفتَتِحُ الصَّلاةَ، وإِذا رَكَعَ. فقالَ إبراهيمُ: ما أرَى أباه رأَى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلا ذاكَ اليَومَ الواحِدَ، فحَفِظَ ذَلِكَ، وعَبدُ اللَّهِ لم يَحفَظْ ذَلِكَ مِنه. ثم قالَ إبراهيمُ: إنَّما رَفعُ اليَدَينِ عندَ افتِتاحِ الصَّلاةِ
(4)
. لَفظُ حَديثِ جَريرٌ.
(1)
تقدم في (2338).
(2)
تقدم في (2335، 2343).
(3)
ذكره المصنف في المعرفة عقب (783) عن الشافعي.
(4)
الدارقطني 1/ 291. وأخرجه الطبراني 22/ 12 (8) عن محمد بن النفر به. والطحاوى في شرح المعانى 1/ 224 من طريق حصين به.
قالَ أبو بكرِ ابنُ إسحاقَ الفَقيهُ: هَذِه عِلَّةٌ لا تَسوَى سَماعَها
(1)
؛ لأَنَّ رَفعَ اليَدَينِ قَد صَحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم عن الخُلَفاءِ الرّاشِدينَ، ثم عن الصَّحابَةِ والتّابِعينَ، ولَيسَ في نِسيانِ عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ رَفعَ اليَدَينِ ما يوجِبُ أنَّ هَؤُلاءِ الصَّحابَةَ رضي الله عنهم لم يَرَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيه؛ قَد نَسِىَ ابنُ مَسعودٍ مِنَ القُرآنِ ما لم يَختَلِفِ المُسلِمونَ فيه بَعدُ، وهِىَ المُعَوِّذَتانِ، ونَسِىَ ما اتَّفَقَ العُلَماءُ كُلُّهُم على نَسخِه وتَركِه مِنَ التَّطبيقِ، ونَسِىَ كَيفيَّةَ قيامِ اثنَينِ خَلفَ الإمامِ، ونَسِىَ ما لم يَختَلِفِ العُلَماءُ فيه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصُّبحَ يَومَ النَّحرِ في وقتِها، ونَسِىَ كَيفيَّةَ جَمْعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعَرَفَةَ، ونَسِىَ ما لم يَختَلِفِ العُلَماءُ فيه مِن وضعِ المِرفَقِ والسّاعِدِ على الأرضِ في السُّجودِ، ونَسِىَ كَيفَ كان يَقرأُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3]. وإِذا جازَ على عبدِ اللَّهِ أن يَنسَى مِثلَ هذا في الصَّلاةِ خاصَّةً، كَيفَ لا يَجوزُ مِثلُه في رَفعِ اليَدَينِ؟!
أخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ أبي عمرٍو، حدَّثَنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بنُ سليمانَ قالَ: قُلتُ لِلشّافِعِىِّ: ما مَعنَى رَفعِ اليَدَينِ عندَ الرُّكوعِ؟ فقالَ: مِثلُ مَعنَى رَفعِهِما عندَ الافتِتاحِ، تَعظيمًا للَّهِ، وسُنَّةً مُتَّبَعَةً يُرجَى فيها ثوابُ اللَّهِ عز وجل، ومِثلُ رَفعِ اليَدَينِ على الصَّفا والمَروَةِ وغَيرِهِما
(2)
.
(1)
في التاج 38/ 239 (س وى): ولا يسوى، كيرضى، لغة قليلة أنكرها أبو عبيدة وحكاها غيره، وفى المصباح: وفى لغة قليلة: سَوِى درهما يسواه. اهـ. وينظر المصباح المنير ص 112 (س وى).
(2)
الأم 7/ 201.
2573 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أخبرَنا الحسنُ بن حَليمٍ الصّائغُ بمَروَ، حدثنا أبو الموَجِّهِ، أخبرَنِى أبو نَصرٍ محمدُ بنُ أبى الخَطّابِ السُّلَمِيُّ وكانَ رجلًا صالِحًا قالَ: أخبرَنِي عليُّ بنُ يونُسَ، حدَّثَنا وكيعٌ قال: صَلَّيتُ في مَسجِدِ الكوفَةِ، فإِذا أبو حَنيفَةَ قائمٌ يُصَلِّى، وابنُ المُبارَكِ إلى جَنبِه يُصَلِّى، فإِذا عبدُ اللَّهِ يَرفَعُ يَدَيه كُلَّما رَكَعَ وكُلَّما رَفَعَ، وأبو حَنيفَةَ لا يَرفَعُ، فلمَّا فرَغوا مِنَ الصَّلاةِ قالَ أبو حَنيفَةَ لِعَبدِ الله: يا أبا عبدِ الرحمنِ، رأَيتُكَ تُكثِرُ رَفعَ اليَدَينِ، أرَدتَ أن تَطيرَ؟! فقالَ له عبدُ اللَّهِ: يا أبا حَنيفَةَ قَد رأَيتُكَ تَرفَعُ يَدَيكَ حينَ افتَتَحتَ الصَّلاةَ، فأَرَدتَ أن تَطيرَ؟! فسَكَتَ أبو حَنيفَةَ. قالَ وكيعٌ: فما رأَيتُ جَوابًا أحضَرَ مِن جَوابِ عبدِ اللهِ لأبِى حَنيفَةَ
(1)
.
2574 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدَّثَنى أبو سعيدٍ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ رُمَيحٍ، حدَّثَنا أبو نَصرٍ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ عبدِ اللَّهِ المَروَزِىُّ بمَروَ، حدَّثَنا محمدُ بنُ سعيدٍ الطَّبَرِيُّ، حدَّثَنا سليمانُ بنُ داودَ الشّاذَكونِيُّ قالَ: سَمِعتُ سُفيانَ بنَ عُيَينَةَ يقولُ: اجتَمَعَ الأوزاعِىُّ والثَّورِيُّ بمِنًى، فقالَ الأوزاعِىُّ لِلثَّورِيِّ: لِمَ لا تَرفَعُ يَدَيكَ في خَفْضِ الرُّكوعِ ورَفعِهِ؟ فقالَ الثَّورِىُّ: حدَّثَنا يَزيدُ بنُ أبى زيادٍ. فقالَ الأوزاعِيُّ: أروِى لَكَ عن الزُّهرِيِّ عن سالِمٍ عن أبيه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتُعارِضُنِى بيَزيدَ بنِ أبي زيادٍ، ويَزيدُ رجلٌ ضَعيفُ الحَديثِ، وحَديثُه مُخالِفٌ لِلسُّنَّةِ؟! قالَ: فاحمارَّ وجهُ سُفيانَ الثَّورِيِّ، فقالَ
(1)
أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (518)، وابن حبان في الثقات 8/ 45 من طريق وكيع بنحوه. وذكره البخاري في رفع اليدين (100) عن ابن المبارك.