الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويرى
الحنابلة
(1): أنه يلزم الإمساك من أفطر بغير عذر، أو أفطر يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع، أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب، أو الناسي لنية الصوم ونحوهم، بلا خلاف بين العلماء.
ويلزم الإمساك أيضاً على الراجح كل من زال عذره في أثناء النهار، وعليه القضاء، كالصبي والمجنون والكافر، والمريض والمسافر، والحائض والنفساء، إذا زالت أعذارهم في النهار، فبلغ الصبي، وأفاق المجنون، وأسلم الكافر، وصح المريض المفطر، وأقام المسافر، وطهرت الحائض والنفساء. ولهم ثواب إمساك، لاثواب صيام.
فإن بلغ الصغير صائماً بسن، أو احتلام، وقد نوى من الليل، أتم وأجزأ، كنذر إتمام نفل، وإن علم مسافر أنه يقدم غداً أهله، لزمه الصوم.
المبحث السابع ـ ما يفسد الصوم وما لا يفسده:
اختلف الفقهاء في هذا المبحث من ناحيتي الشكل (الصياغة) والموضوع، اختلافاً يقتضي بياناً مستقلاً في كل مذهب على حدة.
الحنفية
(2): ما يفسد الصوم نوعان: نوع يوجب القضاء فقط، ونوع يوجب القضاء والكفارة.
أولاً ـ مايفسد الصوم ويوجب القضاء فقط دون الكفارة:
وهو سبعة وخمسون شيئاً تقريباً، يمكن تصنيفها في ثلاثة أشياء:
(1) المغني: 134/ 3، غاية المنتهى: 320/ 1.
(2)
الدر المختار: 132/ 2 - 153، فتح القدير: 64/ 2 - 77، البدائع، 94/ 2 - 102، اللباب: 165/ 1 - 173، مراقي الفلاح: 109 - 114، تبيين الحقائق: 322/ 1 - 332.
الأول ـ أن يتناول ما ليس بغذاء ولا في معنى الغذاء وهو الدواء: وهو تناول كل شيء لا يقصد به التغذي عادة ولا يميل إليه الطبع، كأن أكل الصائم أرزاً نيئاً، أو عجيناً أو دقيقاً غير مخلوط بشيء يؤكل عادة كالسمن والدبس والعسل والسكر، وإلا وجبت به الكفارة، أو أكل ملحاً كثيراً دفعة واحدة، فإن أكل ملحاً قليلاً، وجبت به الكفارة، أو أكل ثمرة قبل نضجها، أو أكل ما بقي بين أسنانه، وكان قدر الحمصة، فإن كان أقل، فلا يفسد، أو أكل جوزة رطبة.
أو أكل طيناً غير أرمني لم يعتد أكله، أما أكل الطين الأرمني (وهو معروف عند العطارين) فيوجب الكفارة.
أو أكل نواة (بزرة) أو قطناً أو ورقاً، أو جلداً، أو ابتلع حصاة أو حديداً أو تراباً أو حجراً أو درهماً أو ديناراً ونحو ذلك، أو أدخل دخاناً بصنعه، أو أدخل ماء أو دواء في جوفه بواسطة الحقنة في قبل المرأة أو الدبر مطلقاً أو الأنف أو الحلق، أو استعط في أنفه شيئاً (1) أو قطر في أذنه دهناً، لا ماء على الصحيح لعدم سريان الماء، ولضرر الدماغ به، أو دخل حلقه مطر أو ثلج في الأصح، ولم يبتلعه بصنعه.
والخلاصة: اتفق الحنفية على أنه لو أنزل قطرة في قبل المرأة، فسد صومها؛ لأن القطرة كالحقنة. وأما القطرة في إحليل الرجل فلا تفطر في الأظهر، أو على المذهب وهو قول أبي حنيفة ومحمد كما سيأتي في بحث مالا يفسد الصوم ـ رقم11 وقال أبو يوسف: يفطر الصائم.
أو استقاء (تعمد إخراج القيد) من جوفه، أو خرج كرهاً وأعاده بصنعه، إذا
(1) الحقنة: صب الدواء في الدبر أو قبل المرأة، والسعوط: صبه في الأنف.
كان القيء عمداً ملء الفم أو ولو كان أقل من ملء الفم في حالة الإعادة بقدر حمصة منه فأكثر على الصحيح، وكان ذاكراً لصومه، فإن ذرعه (غلبه) القيء، أو كان القيء حال الاستقاءة أقل من ملء الفم، أو كان ناسياً لصومه، أو كان القيء بلغماً لا طعاماً، لم يفطر في جميع هذه الحالات اتفاقاً، والدليل حديث:«من ذرعه القيء، فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض» (1).
الثاني ـ أن يتناول غذاء، أو دواء لعذر شرعي كمرض أو سفر أو إكراه أو خطأ أو إهمال أو شبهة: كأن سبق خطأ ماء المضمضة إلى جوفه، أو داوى جرحاً في رأسه أو بطنه، فوصل الدواء إلى دماغه أو جوفه، أو صب أحد ماء في جوف إنسان نائم، أو أفطرت امرأة خوفاً على نفسها من أن تمرض من الخدمة.
أو أكل أو جامع عمداً لشبهة شرعية بعد أن أكل ناسياً أو جامع ناسياً، أو أكل بعدما نوى نهاراً، ولم يكن قد بيت نيته ليلاً، أو أكل المسافر الذي نوى الصوم ليلاً بعد أن نوى الإقامة، أو أكل أو جامع في حالة السفر بعد أن أصبح مقيماً ناوياً الصوم من الليل، ثم بدأ السفر نهاراً، لشبهة السفر، وإن لم يحل له الفطر.
أو أكل أو شرب أو جامع شاكاً في طلوع الفجر، وهو طالع، ولا كفارة عليه للشبهة؛ لأن الأصل بقاء الليل أو أفطر ظاناً الغروب، والشمس باقية؛ ولا كفارة عليه لغلبة الظن بحدوث الغروب.
ومن جامع قبل طلوع الفجر أو أكل، ثم طلع عليه الفجر، فإن نزع فوراً، أو ألقى ما في فمه، لم يفسد صومه.
الثالث - إذا قضى شهوة الفرج غير كاملة: كأن أنزل المني بوطء ميتة أو بهيمة
(1) رواه الخمسة إلا النسائي عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 204/ 4).