الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عاشراً ـ عطب الهدي في الطريق:
قال الحنفية (1): من ساق هدياً فعَطِب (أي هلك)، فإن كان تطوعاً فليس عليه غيره، وإن كان عن واجب، فعليه أن يقيم غيره مُقامه؛ لأن الواجب باق في ذمته حيث لم يقع موقعه، فصار كهلاك الدراهم المعدة للزكاة قبل أدائها.
وإن أصابه عيب كبير، أقام غيره مقامه، لبقاء الواجب في ذمته، وصنع بالمعيب ما شاء.
وإذا عطبت البدنة في الطريق (أي قاربت العطب): فإن كان تطوعاً نحرها، وصَبَغ نعلها (أي قلادتها) بدمها، وضرب بقلادتها المصبوغة بدمها صفحتها (أي أحد جانبيها)، ولم يأكل منها صاحبها، ولا غيره من الأغنياء، ليعلم الناس أنه هدي، فيأكل منه الفقراء دون الأغنياء.
وإن كانت البدنة واجبة، أقام غيرها مُقامها، وصنع بها ما شاء؛ لأنها ملكه كسائر أملاكه.
وقال المالكية (2): إذا عطب هدي التطوع قبل محله، ينحره، ويخلي بينه وبين الناس، ولا يأكل منه، فإن أكل منه، فعليه بدله.
وأما ولد الهدي المولود: فإن ولد قبل التقليد فيستحب نحره، ولا يجب حمله إلى مكة. وإن ولد بعد التقليد أو الإشعار، فيجب حمله إلى مكة على غير أمه، إن لم يمكن سوقه.
وكذلك قال الشافعية (3): إن عطب الهدي وخاف أن يهلك، نحره وغمس
(1) الكتاب: 219/ 1.
(2)
الشرح الكبير: 91/ 2 - 92.
(3)
المهذب: 1/ 632، المجموع: 278/ 8، 281 - 289.
نعله التي قلده إياها في دمه، وضرب به صفحته وتركه موضعه، ليعلم من مر به أنه هدي، فيأكله. لما روى أبو قبيصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالهدي، ثم يقول:
فإن كان تطوعاً: فله أن يفعل به ماشاء من بيع وذبح وأكل وإطعام لغيره، وتركه وغير ذلك؛ لأنه ملكه، ولا شيء في كل ذلك.
وإن كان منذوراً: لزمه ذبحه، فإن تركه حتى هلك، لزمه ضمانه، كما لو فرط في حفظ الوديعة حتى تلفت.
ولا يجوز للمهدي ولا لسائق هذا الهدي وقائده الأكل منه، بلا خلاف للحديث السابق، ولا يجوز للأغنياء الأكل منه بلا خلاف؛ لأن الهدي مستحق للفقراء، فلا حق للأغنياء منه، ويجوز للفقراء من غير رفقة صاحب الهدي الأكل منه بالإجماع، لحديث ناجية الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بعث معه بهدي، فقال: إن عطب فانحره، ثم اصبغ نعله في دمه، ثم خل بينه وبين الناس» (2). والأصح أنه لا يجوز للفقراء من رفقة صاحب الهدي الأكل منه.
وإذا أتلف المهدي الهدي، لزمه على المذهب ضمانه بأكثر الأمرين من قيمته ومثله، كما لو باع الأضحية المعينة وتلفت عند المشتري.
وإن أتلف الهدي أجنبي، وجبت عليه القيمة، ويشترى بها المثل.
وإذا اشترى هدياً، ثم نذر إهداءه، ثم وجد به عيباً، لم يجز له رده بالعيب، لأنه تعلق به حق الله تعالى، فلا يجوز إبطاله.
(1) رواه مسلم في صحيحه.
(2)
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
نعله التي قلده إياها في دمه، وضرب به صفحته وتركه موضعه، ليعلم من مر به أنه هدي، فيأكله. لما روى أبو قبيصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالهدي، ثم يقول:«إن عطب منها شيء، فخشيت عليه موتاً، فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب صَفْحتها، ولا تطعمها أنت، ولا أحد من رفقتك» (1).
فإن كان تطوعاً: فله أن يفعل به ماشاء من بيع وذبح وأكل وإطعام لغيره، وتركه وغير ذلك؛ لأنه ملكه، ولا شيء في كل ذلك.
وإن كان منذوراً: لزمه ذبحه، فإن تركه حتى هلك، لزمه ضمانه، كما لو فرط في حفظ الوديعة حتى تلفت.
ولا يجوز للمهدي ولا لسائق هذا الهدي وقائده الأكل منه، بلا خلاف للحديث السابق، ولا يجوز للأغنياء الأكل منه بلا خلاف؛ لأن الهدي مستحق للفقراء، فلا حق للأغنياء منه، ويجوز للفقراء من غير رفقة صاحب الهدي الأكل منه بالإجماع، لحديث ناجية الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بعث معه بهدي، فقال: إن عطب فانحره، ثم اصبغ نعله في دمه، ثم خل بينه وبين الناس» (2). والأصح أنه لا يجوز للفقراء من رفقة صاحب الهدي الأكل منه.
وإذا أتلف المهدي الهدي، لزمه على المذهب ضمانه بأكثر الأمرين من قيمته ومثله، كما لو باع الأضحية المعينة وتلفت عند المشتري.
وإن أتلف الهدي أجنبي، وجبت عليه القيمة، ويشترى بها المثل.
وإذا اشترى هدياً، ثم نذر إهداءه، ثم وجد به عيباً، لم يجز له رده بالعيب، لأنه تعلق به حق الله تعالى، فلا يجوز إبطاله.
وإذا أتلف الهدي قبل بلوغ المنسك، أو بعده وقبل التمكين من ذبحه، فلاشيء عليه، لأنه أمانة لم يفرط فيها، كما لو ماتت أو سرقت الأضحية المعينة أو المنذورة المعينة قبل تمكنه من ذبحها يوم النحر.
وإن ذبح الهدي أجنبي بغير إذن صاحبه، أجزأه عن النذر؛ لأن ذبحه لا يحتاج إلى قصده، ويلزم الذابح أرش نقصه: وهو ما بين قيمته حياً ومذبوحاً؛ لأنه لو أتلفه ضمنه، فإذا ذبحه ضمن نقصانه كشاة اللحم.
وإذا ذبح الهدي المعين قبل المنسك، لزم التصدق بلحمه، ولزم البدل في وقته، كما لو ذبح الأضحية المعينة أو المنذورة قبل يوم النحر، يلزم التصدق بلحمها، ولا يجوز له أكل شيء منها، ويلزمه ذبح مثلها يوم النحر بدلاً عنها.
وإذا ولد الهدي أو الأضحية المتطوع بهما، فالولد ملك لصاحبه كالأم، يتصرف فيه بما شاء من بيع وغيره كالأم. وأما ولد المنذور فيتبع الأم بلا خلاف.
ومذهب الحنابلة (3) كالشافعية إجمالاً: إن كان الهدي تطوعاً، وخاف عطبه أو عجز عن المشي وصحبة الرفاق، نحره بموضعه، وخلى بينه وبين المساكين، ولم يبح له أكل شيء منه، ولا لأحد من صحابته، وإن كانوا فقراء.
وليس عليه بدل عنه، لحديث أبي قبيصة السابق.
وإن كان نذراً فعليه البدل، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من أهدى تطوعاً، ثم ضلت، فليس عليه البدل، إلا أن يشاء، فإن كان نذراً فعليه البدل» (4).
فإن أكل صاحب الهدي أو السائق أو رفقته منه، أو باع أو أطعم غنياً أو رفقته
(1) رواه مسلم في صحيحه.
(2)
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(3)
المغني: 3/ 537 - 539.
(4)
رواه الدارقطني عن ابن عمر.
منها، ضمنه بمثله لحماً. وإن أتلفه أو تلف بتفريطه أو خاف عطبه، فلم ينحره حتى هلك، فعليه ضمانه بما يوصله إلى فقراء الحرم. وإن أطعم منه فقيراً أو أمره بالأكل منه، فلا ضمان عليه؛ لأنه أوصله إلى المستحق.
وإن تعيب بفعل آدمي، فعليه ما نقصه من القيمة يتصدق به.