الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس ـ آداب المعتكف ومكروهات الاعتكاف ومبطلاته:
آـ آداب المعتكف
(1):
1 ً - يستحب للمعتكف التشاغل على قدر الاستطاعة ليلاً ونهاراً بالصلاة، وتلاوة القرآن، وذكر الله تعالى نحو لا إله إلا الله، ومنه الاستغفار، والفكر القلبي في ملكوت السموات والأرض ودقائق الحكم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتفسير القرآن ودراسة الحديث، والسيرة، وقصص الأنبياء وحكايات الصالحين، ومدارسة العلم، ونحو ذلك من الطاعات المحضة. وعد المالكية ذلك من شروط الاعتكاف على سبيل الندب، لكنهم مع الحنابلة كرهوا اشتغال المعتكف بعلم ولو شرعياً، تعليماً أو تعلماً إن كثر لا إن قل؛ لأن المقصود من الاعتكاف صفاء القلب بمراقبة الرب، وهو إنما يحصل غالباً بالأذكار وعدم الاشتغال بالناس، والكتابة ولو كان المكتوب مصحفاً، لما فيها من اشتغال عن ملاحظة الرب تعالى، وليس المقصود من الاعتكاف كثرة الثواب، بل صفاء مرآة القلب الذي به سعادة الدارين.
2ً - يسن الصيام للمعتكف عند الجمهور (غير المالكية) الذين لا يشترطونه، والمالكية يشترطون الصوم، والحنفية يشترطونه في الاعتكاف المنذور.
3ً - يندب أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع عند المالكية والشافعية الذين لا يشترطون ذلك، كما اشترطه الحنفية والحنابلة، وأفضل المساجد لذلك: المسجد الحرام ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى.
(1) الدر المختار: 185/ 1، القوانين الفقهية: ص125 ومابعدها، الشرح الصغير: 730/ 1 - 735، المهذب: 194/ 1، المغني: 203/ 3 ومابعدها، كشاف القناع: 422/ 2.
4ً - يند ب الاعتكاف في رمضان، لأنه من أفضل الشهور، لا سيما في العشر الأخير من رمضان بالاتفاق؛ لأن فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر؛ لما بينت وهو ما روي عن عائشة:
«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر» (1).
5ً - يندب مكث المعتكف ليلة العيد إذا اتصل اعتكافه بها، ليخرج منه إلى المصلى، فيوصل عبادة بعبادة، ولما ورد من فضل إحياء هذه الليلة:«من قام ليلتي العيد، محتسباً لله تعالى، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» (2) أي أن الله يثبِّته على الإيمان عند النزع وعند سؤال الملكين وسؤال القيامة.
6ً - يجتنب المعتكف كل مالا يعنيه من الأقوال والأفعال، ولا يكثر الكلام؛ لأن من كثر كلامه كثر سَقَطه، وفي الحديث:«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (3).
ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش، فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف، ففيه أولى، ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك؛ لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظور.
ولا يتكلم المعتكف إلا بخير، ولا بأس بالكلام لحاجته، ومحادثة غيره، فإن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت، فانقلبت، أي رجعت فقام معي ليقلبني ـ وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد ـ فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(1) متفق عليه (نيل الأوطار: 270/ 4).
(2)
رواه ابن ماجه عن أبي أمامة.
(3)
حديث حسن رواه الترمذي وغيره هكذا عن أبي هريرة.