الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في الإيضاح: اعلم أن الصوم من أعظم أركان الدين وأوثق قوانين الشرع المتين، به قهر النفس الأمارة بالسوء، وإنه مركب من أعمال القلب، ومن المنع عن المآكل والمشارب والمناكح عامة يومه، وهو أجمل الخصال، غير أنه أشق التكاليف على النفوس (1)، وقد مدحه الله بآية {إن المسلمين والمسلمات}
…
{والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات} [الأحزاب:35/ 33].
المطلب الثاني ـ فضل رمضان وليلة القدر:
رمضان سيد الشهور، فيه بدأ نزول القرآن، وهو شهر الطاعة والقربة والبر والإحسان، وشهر المغفرة والرحمة والرضوان، فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وبه عون المؤمن على أمر دينه وطلب إصلاح دنياه، وهو موسم تكثر فيه مناسبات إجابة الدعاء.
وقد ورد في السنة النبوية ما يدل على فضل رمضان وفضل الصوم فيه.
من ذلك ما يأتي:
1ً - «سيد الشهور شهر رمضان، وسيد الأيام يوم الجمعة» (2)«ولو يعلم العباد ما في شهر رمضان لتمنى العباد أن يكون شهر رمضان سنة» (3). وروى الطبراني عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً وقد حضر رمضان:
(1) حاشية ابن عابدين: 109/ 2.
(2)
رواه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن مسعود، وفيه انقطاع (مجمع الزوائد: 140/ 3).
(3)
رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي من طريقه عن أبي مسعود الغفاري، وفي راو من سنده كلام (الترغيب والترهيب: 102/ 2، مجمع الزوائد: 141/ 3).
2ً - «إذا جاء رمضان فتِّحت أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين» (1).
3ً - «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفِّرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (2).
وفي رواية للترمذي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ربكم يقول: «كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضِعْف، والصوم لي وأنا أجزي به، والصوم جُنَّة (4) من النار، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وإن جَهِل على أحدكم جاهل وهو صائم، فليقل: إني صائم، إني صائم» .
(1) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة (الترغيب والترهيب: 97/ 2).
(2)
رواه مسلم عن أبي هريرة (الترغيب والترهيب: 92/ 2).
(3)
رواه مسلم عن أبي هريرة. والخلوف: تغير رائحة الفم (الترغيب والترهيب: 81/ 2).
(4)
الجُنة: ما يستر ويقي مما يخاف منه، ومعنى الحديث: إن الصوم يستر صاحبه، ويحفظه من الوقوع في المعاصي.
5ً - «من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه» (1) أي من أحيا لياليه بصلاة التراويح أوغيرها بالذكر والاستغفار وتلاوة القرآن تصديقاً لما وعده الله على ذلك من أجر، محتسباً ومدخراً أجره عند الله تعالى لا غيره، بخلوص عمله لله، لم يشرك به غيره، غفرت له ذنوبه غير حقوق العباد، فتتوقف على إبراء الذمة، أو المسامحة.
6ً - عن سلمان رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، قال: «يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوّعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه.
وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد في رزق المؤمن فيه، من فطَّر فيه صائماً، كان مغفرة لذنوبه وعتقَ رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء.
قالوا: يا رسول الله، ليس كلُّنا يجدُ ما يفطر الصائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة، أو على شَرْبة ماء، أو مَذْقة (2) لبن.
وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار.
(1) متفق عليه عند البخاري وغيره (أصحاب الكتب الستة) عن أبي هريرة. واحتساباً: أي طلباً لوجه الله تعالى وثوابه. والاحتساب من الحَسْب كالاعتداد من العد، أي يعتد عمله.
(2)
مزيج خليط.