الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإني لمؤيد رأي الشيخ عبد الرحمن عيسى المذكور آنفاً، مع ملاحظة إيجاب الزكاة على الشركات الصناعية إذا كانت منتوجاتها تجارية، معدّة للبيع أو التصدير، بعد استقطاع قيمة الآلة والبناء، فالمطابع مثلاً تزكي كل ما تنتجه في آخر العام من أوراق وكتب مملوكة لها، كما أنها تزكي أرباحها المستفادة من أجور ما تطبعه لحساب المتعاملين معها، وتحسم قيمة آلة الطباعة وآلة التجليد ونحوهما من مجموع رأس المال.
لكن الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي لم يرتض هذا الرأي وأوجب الزكاة في أسهم الشركات جميعها، صناعية وتجارية، وقال عن تفرقة الشيخ عبد الرحمن عيسى بين نوعي الأسهم: هي نتيجة يأباها عدل الشريعة التي لا تفرق بين متماثلين، ثم استصوب الرأي الثاني للأستاذ الشيخ محمد أبي زهرة ومن وافقه الذي لا يفرق بين نوعي الأسهم تبعاً لنوع شركاتها، ورأى أنه أوفق بالنظر إلى الأفراد، وأيسر في الحساب، ثم قال: بخلاف ما إذا قامت دولة مسلمة، وأرادت جمع الزكاة من الشركات، فقد أرى الاتجاه الأول (رأي الشيخ عيسى) أولى وأرجح، والله أعلم (1).
2 - رأي الأساتذة عبد الوهاب خلاف وعبد الرحمن حسن ومحمد أبو زهرة
(2):
يرى هؤلاء الأساتذة أن الأسهم والسندات ـ الأوراق المالية ـ إذا كانت قد اتخذت للتجارة، فإنها تكون عروضاً تجارية، يجب فيها ما يجب في عروض
(1) فقه الزكاة للقرضاوي: 525/ 1، 528.
(2)
حلقة الدراسات الاجتماعية الثالثة: ص242، بحث الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة، في مجمع البحوث الإسلامية ـ المؤتمر الثاني في القاهرة في أيار «مايو» 1965.
التجارة من زكاة أي 5،2%، وتكون الزكاة ربع العشر من الأصل والنماء، على حسب ما قرره جمهور الفقهاء.
ورجح الدكتور القرضاوي هذا الاتجاه قائلاً: ولعل هذا الاتجاه والإفتاء أوفق بالنظر إلى الأفراد من الاتجاه الأول، فكل مساهم يعرف مقدار أسهمه، ويعرف كل عام أرباحها، فيستطيع أن يزكيها بسهولة، بخلاف الاتجاه الأول وما فيه من تفرقة بين أسهم في شركة، وأسهم في أخرى، فبعضها تؤخذ الزكاة من إيرادها، وبعضها تؤخذ زكاته من الأسهم نفسها بحسب قيمتها، مضافاً إليها الربح، وفي هذا شيء من التعقيد بالنظر إلى الفرد العادي.
ولكني أرى أن الاتجاه الأول هو المقرر فقهاً، وهو الذي جرى عليه العمل منذ ظهور الشركات المساهمة وبدء انتشارها في الأربعينات، ولا تعقيد في الأمر، فالمسلم يعرف أن الالآت الصناعية لا زكاة فيها، فإذا وظف ماله بطريق الأسهم في شركات صناعية، يحسم ما يقابل تلك الالآت، وإذا وظف ماله في أسهم شركات تجارية، زكاها كزكاة الأموال التجارية.
وللأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة رأي قديم فيه تفصيل، ورد في تقرير حلقة الدراسات الاجتماعية لجامعة الدول العربية المنعقدة بدمشق سنة 1952، وهو الرأي الذي أعلنه أيضاً في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية سنة 1965، ومفاده: أن الأسهم والسندات إذا اتخذت للتجارة، أو بغرض المضاربة، وإعادة بيعها في أسواق الأوراق المالية، والكسب من تجارتها، تعتبر من عروض التجارة، ويؤخذ منها الزكاة بتقدير قيمتها في أول العام، وقيمتها في آخره، بنسبة 5،2% ربع العشر من الأصل والنماء متى بلغت نصاباً.
أما إذا كانت بغرض الاستثمار وتوظيف الأموال، لا المضاربة والكسب من