الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس ـ مصرفها أو من يأخذها:
اتفق الفقهاء (1) على أن مصرف زكاة الفطر هو مصارف الزكاة المفروضة؛ لأن صدقة الفطر زكاة، فكان مصرفها مصرف سائر الزكوات؛ ولأنها صدقة، فتدخل في عموم قوله تعالى:{إنما الصدقات للفقراء والمساكين} [التوبة:60/ 9] ولا يجوز دفعها إلى من لا يجوز دفع زكاة المال إليه، ولا يجوز عند الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) دفعها إلى ذمي؛ لأنها زكاة، فلم يجز دفعها إلى غير المسلمين، كزكاة المال، ولا خلاف في أن زكاة المال لا يجوز دفعها إلى غير المسلمين، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على ألا يجزئ أن يعطى من زكاة المال أحد من أهل الذمة.
وقال الحنفية: صدقة الفطر كالزكاة في المصارف وفي كل حال، إلا في جواز الدفع إلى الذمي مع الكراهة، وعدم سقوطها بهلاك المال، لكن الفتوى على قول أبي يوسف وهو عدم جواز صرفها للذمي، كزكاة الأموال، للحديث المتقدم في الزكاة:«صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم» .
وعليه: تدفع صدقة الفطر بالاتفاق لكل حر مسلم فقير، غير هاشمي لشرفه وتنزهه عن أوساخ الناس، لكن في الوقت الحاضر تعطى الزكوات للهاشمي لانقطاع موردهم من بيت المال.
فإن لم يقدرالمسلم إلا على بعض الصاع ـ بعض الفطرة، أوبعض ما وجب عليه إن وجب أكثر من فطرة، أخرجه وجوباً، محافظة على الفطرة بقدر الإمكان،
(1) الدر المختار ورد المحتار: 107/ 1 - 108، بداية المجتهد: 273/ 1، القوانين الفقهية: ص 112، الشرح الصغير:677/ 1 ومابعدها، المهذب: 170/ 1، حاشية الباجوري: 291/ 1، المغني: 74/ 3، 78، 79، مغني المحتاج: 405/ 1.
ويبدأ بنفسه، ثم بمن يعول، ويقدم ممن يعول عند الجمهور الزوجة لأن نفقتها آكد، والأظهر عند المالكية والحنابلة تقديم الوالد على الولد، ودليل الترتيب قوله عليه السلام:«ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول» (1) ولأن الفطرة تنبني على النفقة، فكما يبدأ بنفسه في النفقة، فكذلك في الفطرة.
ويقدم عند الشافعية نفسه ثم زوجته، ثم ولده الصغير، ثم الأب، ثم الأم، ثم الولد الكبير، لخبر مسلم:«ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك» .
ويجوز أن يعطي من أقاربه من يجوز أن يعطيه من زكاة ماله، ولا يعطي منها غنياً، ولا ذا قربى تجب عليه نفقته، ولا أحداً ممن منع أخذ زكاة المال. ويجوز صرفها في الأصناف الثمانية؛ لأنها صدقة، فأشبهت صدقة المال.
وظاهر المذهب الشافعي أنه يجب دفعها للأصناف الثمانية، وفيه عسر، واختار بعض الشافعية صرفها إلى واحد، ولا بأس بتقليده في زماننا هذا، كما قال الباجوري، وقال بعضهم: لو كان الشافعي حياً لأفتى به.
وأجازالفقهاء دفع صاع واحد لمساكين يقتسمونه، وأباح غير الشافعي دفع آصع متعددة لواحد من الفقراء، ودفع كل شخص فطرته إلى مسكين أو مساكين، أي إن الجمهور أجازوا إعطاء الواحد ما يلزم الجماعة، والجماعة ما يلزم الواحد، أي دفع صدقة جماعة إلى مسكين واحد، لكن لا خلاف بين الفقهاء في إعطاء
(1) هذا مجموع حديثين: الشق الأول منه رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن جابر، والثاني مروي عن حكيم بن حزام عند الطبراني، وعن طارق المحاربي عند النسائي (نيل الأوطار: 321/ 6، 327).
الجماعة ما يلزم الواحد؛ لأنه صرف صدقته إلى مستحقها، فبرئ منها كما لو دفعها إلى واحد.
أما إعطاء الواحد صدقة الجماعة: فإن الشافعي أوجب تفرقة الصدقة على ستة أصناف، ودفع حصة كل صنف إلى ثلاثة منهم، كما ذكر في مصارف الزكاة. والراجح رأي الجمهور؛ لأنها صدقة لغير معين، فجاز صرفها إلى واحد، فيجوز أن يأخذ الواحد زكاة أكثر من واحد.