الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحليل الزوجة من حج تطوع:
ذكر الشافعية والحنفية أن للزوج تحليل زوجته، كما له منعها ابتداء من حج أو عمرة تطوع أو فرض في الأظهر لم يأذن فيه، لئلا يتعطل حقه من الاستمتاع، كما له أن يخرجها من صوم النفل، وإن أذن لها، لم يجز لرضاه بالضرر. وتحليلها في الحال من غير ذبح هدي عند الحنفية، ومع الهدي عند الشافعية. والمراد بتحليله إياها: أن يأمرها بالتحلل، وتحللها كتحلل المحصر. فإن لم يأمرها، لم يجز لها التحلل. وليس للزوج تحليل الرجعية أو البائن، بل يحبسها للعدة، فإن انقضت عدتها أتمت عمرتها أو حجها إن بقي الوقت، وإلا تحللت بعمرة، ولزمها القضاء ودم الفوات.
ثانياً ـ أحكام الإحصار:
يتعلق بالمحصر أحكام، لكن الأصل فيه حكمان: أحدهما ـ جواز التحلل عن الإحرام، والثاني ـ وجوب قضاء ما أحرم به بعد التحلل.
أما جواز التحلل من الإحرام وهو الحكم الأول: فيقتضي بيان
معنى التحلل
ودليل جوازه، وما يتحلل به، ومكان وزمان ذبح الهدي.
أما معنى التحلل: فهو فسخ الإحرام والخروج منه بالطريق الموضوع له شرعاً. وأما دليل جوازه فقوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} [البقرة:196/ 2] وفيه إضمار، ومعناه: فإن أحصرتم عن إتمام الحج والعمرة، وأردتم أن تحلوا، فاذبحوا ما تيسر من الهدي، إذ الإحصار نفسه لا يوجب الهدي.
وأما ما يتحلل به: فإن أمكنه الوصول إلى البيت، تحلل بعمل عمرة، وإن تعذر عليه ذلك ذبح الهدي، فيبعث عند الحنفية بالهدي أو بثمنه ليشتري به هدياً، فيذبح عنه، وما لم يذبح لا يحل، سواء عند الحنفية شرط الشخص عند الإحرام الإحلال بغير ذبح عند الإحصار أو لم يشترط.
والهدي: بدنة أو بقرة أو شاة.
ورأي الجمهور: أن من أحصر تحلل بهدي، سواء أكان حاجاً أم معتمراً أم قارناً، للآية السابقة:{فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} [البقرة:196/ 2] والآية نزلت بالحديبية حين صدّ المشركون النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت، وكان معتمراً، فنحر ثم حلق، وقال لأصحابه:«قوموا فانحروا، ثم احلقوا» (1).
وإن كان قارناً فعليه عند الشافعية والحنابلة دم واحد، وعند الحنفية دمان، بناء على أصل أن القارن عند الحنفية محرم بإحرامين، فلا يحل إلا بهذين، وعند الآخرين محرم بإحرام واحد، ويدخل إحرام العمرة في الحجة، فيكفيه دم واحد.
فإن لم يكن مع المحصر هدي، وعجز عنه، انتقل عند الحنابلة إلى صوم عشرة أيام: ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، لأنه دم واجب للإحرام، فكان له بدل كدم التمتع والطيب واللباس، ويبقى على إحرامه حتى يصوم أو ينحر الهدي؛ لأنهما أقيما مقام أفعال الحج، فلم يحل قبلهما. وانتقل عند الشافعية في الأصح إلى الإطعام، فتقوَّم الشاة دراهم، ويخرج بقيمتها طعاماً، فإن عجز صام عن كل مد يوماً، وإذا انتقل إلى الصوم، له التحلل في الحال في الأظهر.
وقال الحنفية والمالكية: ليس للهدي الواجب بالإحصار بدل؛ لأنه لم يذكر في القرآن.
والتحلل عند الشافعية والحنابلة يكون بثلاثة أشياء: ذبح، ونية التحلل بالذبح، وحلق أو تقصير، لحديث «إنما الأعمال بالنيات» ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق يوم الحديبية، وفعله في النسك دال على الوجوب.
(1) رواه البخاري وأحمد عن ابن عمر (نيل الأوطار: 9/ 5).