الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيفية الرجوع:
المذهب الصحيح عند الشافعية وباقي المذاهب: أن المودع يخرج ويولي ظهره إلى الكعبة، ولا يمشي قهقرى، كما يفعله كثير من الناس، قالوا: بل المشي قهقرى مكروه، فإنه ليس فيه سنة مروية ولا أثر محكي، وما لا أصل له لا يعرج عليه. قال مجاهد: إذا كدت تخرج من باب المسجد، فالتفت، ثم انظر إلى الكعبة، ثم قل: اللهم لا تجعله آخر العهد.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من حج أو عمرة أو غزو يقول: «آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» .
أخذ شيء من الحرم:
لا يجوز أخذ شيء من تراب الحرم وأحجاره معه إلى بلاده ولا إلى غيره من الحل، ولا يجوز أخذ شيء من طيب الكعبة، لا للتبرك ولا لغيره، ومن أخذ شيئاً من ذلك لزمه رده إليها؛ ولا يجوز قطع شيء من سترة الكعبة ولا نقله ولا بيعه ولا شراؤه ولا وضعه بين أوراق المصحف، ومن حمل من ذلك شيئاً لزمه رده.
ويحرم إتلاف صيد الحرم على الحلال والمحرم وتملكه وأكله.
ويجوز إخراج ماء زمزم من جميع مياه الحرم ونقله إلى جميع البلدان؛ لأن الماء يستخلف، بخلاف التراب والحجر.
ثانياً ـ شروط الطواف أو واجباته:
يشترط لصحة الطواف خمسة شروط عند الحنفية، وسبعة شروط عند المالكية، وثمانية شروط عند الشافعية، وأربعة عشر شرطاً عند الحنابلة:
أما
شروط الطواف عند الحنفية
، فهي ما يلي (1):
(1) البدائع: 128/ 2 - 132، فتح القدير: 180/ 2 - 182.
1ً - نية الطواف: يشترط توافر أصل النية بالطواف دون حاجة لتعيين النية حال وجود الطواف في وقته، فلو لم ينو أصلاً، بأن طاف هارباً، أو طالباً لغريم، لم يجز. والفرق بين الطواف وبين الوقوف بعرفة في اشتراط النية للأول دون الثاني: هو أن الوقوف ركن يقع في حال قيام الإحرام نفسه، فتكفيه النية السابقة وهي نية الحج، كالركوع والسجود في الصلاة. أما الطواف فلا يؤتى به في حال قيام الإحرام نفسه، لأنه يقع به التحلل من الحج، ولا إحرام حال وجود التحلل.
2ً - أن يطوف القادر ماشياً، لا راكباً إلا من عذر: فلو طاف راكباً من غير عذر فعليه الإعادة ما دام بمكة، وإن عاد إلى أهله يلزمه دم، لقوله تعالى:{وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج:29/ 22] والراكب ليس بطائف حقيقة، فأوجب ذلك نقصاً فيه، فوجب جبره بالدم.
3ً - مكانه: أن يقع حول البيت في المسجد، لقوله تعالى:{وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج:29/ 22] والطواف بالبيت هو الطواف حوله، فيجوز الطواف في المسجد الحرام قريباً من البيت أو بعيداً عنه، بشرط أن يكون في المسجد، فلو طاف من وراء زمزم قريباً من حائط المسجد، أجزأه، لوجود الطواف بالبيت. ولو طاف حول المسجد وبينه وبين البيت حيطان المسجد، لم يجز؛ لأن حيطان المسجد حاجزة، فلم يطف بالبيت، لعدم الطواف حوله.
ويطوف من خارج الحطيم؛ لأن الحطيم من البيت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4ً - زمانه: زمان طواف الإفاضة يبدأ حين يطلع الفجر الثاني من يوم النحر، فلا يجوز قبله، وليس لآخره زمان معين موقت به فرضاً، بل جميع الليالي والأيام وقته فرضاً، فلو أخره عن يوم النحر لا شيء عليه، لإطلاق حديث:«افعل ولا حرج» ، لكن عليه لتأخيره عن أيام النحر دم عند أبي حنيفة. وإن رجع إلى أهله رجع إلى مكة بإحرامه الأول، ولا يحتاج إلى إحرام جديد، وعليه دم لتأخيره.
وأما إنه لا يجوز قبل فجر النحر فلأن ليلة النحر وقت ركن آخر وهو الوقوف بعرفة، فلا يكون وقتاً للطواف؛ لأن الوقت الواحد لا يكون وقتاً لركنين.
5ً - مقداره المفروض منه هو أكثر الأشواط: وهو ثلاثة أشواط وأكثر الشوط الرابع، فأما الإكمال إلى سبعة أشواط فواجب، وليس بفرض.
أما الطهارة عن الحدث والجنابة والحيض والنفاس فليست بشرط عند الحنفية لجواز الطواف، وليست بفرض، بل واجبة، حتى يجوز الطواف بدونها، لقوله تعالى:{وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج:29/ 22] أمر بالطواف مطلقاً عن شرط الطهارة، ولايجوز تقييد مطلق الكتاب بخبر الواحد، فيحمل حديث:«الطواف صلاة إلا أن الله تعالى أباح فيه الكلام» (1) على التشبيه، كما في قوله تعالى:{وأزواجه أمهاتهم} [الأحزاب:6/ 33] أي كأمهاتهم، ومعناه الطواف كالصلاة، إما في الثواب، أو في أصل الفرضية.
فإذا طاف من غير طهارة فما دام بمكة تجب عليه الإعادة، لجبر الشيء بجنسه، وإن أعاد في أيام النحر فلا شيء عليه، وإن أخره عنها فعليه دم عند أبي حنيفة. وإن لم يعد ورجع إلى أهله فعليه الدم، غير أنه إن كان محدثاً فعليه شاة لكون النقصان يسيراً، وإن كان جنباً فعليه بدنة، لكون النقصان فاحشاً.
وأما الموالاة في الطواف فليست بشرط عند الحنفية، فلو صلى الطائف صلاة جنازة أو مكتوبة أو ذهب لتجديد الوضوء، ثم عاد، بنى على طوافه، ولا يلزمه الاستئناف، لقوله تعالى:{وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج:29/ 22] مطلقاً عن شرط الموالاة.
(1) رواه ابن حبان والحاكم عن ابن عباس بلفظ: «الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله قد أحل فيه النطق، فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير» وأخرجه الترمذي بلفظ: «الطواف حول البيت مثل الصلاة» (نصب الراية: 57/ 3).