الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني عشر ـ
الفوات
والإحصار:
الفوات:
ما يفوت به الحج
، و
حكم الفوات
(1):
ما يفوت به الحج: من أحرم بالحج مطلقاً فرضاً أو نفلاً، صحيحاً أوفاسداً، ثم فاته الوقوف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر، فقد فاته الحج؛ لأن وقت الوقوف يمتد إليه، ولأن الحج عرفة.
قال ابن جزي المالكي: وكذلك يفوت الحج بفوات أعماله كلها، وإذا أقام بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر، سواء أكان وقف بها أم لم يقف. والعمرة لا تفوت؛ لأنها غير مؤقتة بوقت.
حكم الفوات: قال الحنفية: من فاته الحج وجب عليه أن يتحلل بأفعال العمرة: بأن يطوف ويسعى من غير إحرام جديد لها، ويحلق أو يقصر، ثم يقضي الحج من عام قابل، ولا دم عليه؛ لأن التحلل وقع بأفعال العمرة، فكانت في حق فائت الحج بمنزله الدم في حق المحصَر، فلا يجمع بينهما، فلو كان الفوات سبباً للزوم الهدي للزم المحرم هديان: للفوات والإحصار.
وقال الجمهور: من فاته الحج تحلل بعمرة من طواف وسعي وحلق أوتقصير، وقضى على الفور من عام قابل، ولزمه الهدي في وقت القضاء، وسقط عنه ما بقي من المناسك كالنزول بمزدلفة والوقوف بالمشعر الحرام والرمي والمبيت بمنى.
أما
دليل الفوات:
فهو أن آخر الوقوف آخر ليلة النحر، فمن لم يدرك الوقت حتى طلع الفجر يومئذ، فاته الحج، بلا خلاف بين العلماء؛ لقول جابر:
«لا
(1) البدائع: 220/ 2 ومابعدها، فتح القدير: 303/ 2 ومابعدها، اللباب: 214/ 1 ومابعدها، الشرح الصغير: 130/ 2 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص 142، المهذب: 233/ 1، المغني: 526/ 3 - 530، مغني المحتاج: 537/ 1، حاشية الشرقاوي: 511/ 1 ومابعدها.
يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جَمْع، قال أبو الزبير، فقلت له: أقال رسول الله ذلك؟ قال: نعم» (1)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الحج عرفة، فمن جاءقبل صلاة الفجر ليلة جَمْع، فقد تم حجه» : يدل على فواته بخروج ليلة جمع أي ليلة المزدلفة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من وقف بعرفات بليل فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفات بليل، فليحل بعمرة، وعليه الحج من قابل» (2).
ودليل التحلل بعمرة: هو ما روي عن الصحابة كعمر وابن عمر (3) وغيرهما، ولأنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات، فمع الفوات أولى.
ودليل لزوم القضاء من قابل، سواء أكان الفائت واجباً أم تطوعاً: هو ما روي عن الصحابة: عمر وابنه وابن عباس وابن الزبير ومروان، وقال صلى الله عليه وسلم:«من فاته عرفات فاته الحج، فليحل بعمرة، وعليه الحج من قابل» (4)، ولأن الحج يلزم بالشروع فيه، فيصير كالمنذور، بخلاف سائر التطوعات.
وأما لزوم الهدي عند الجمهور خلافاً للحنفية: فلقول الصحابة المذكورين، ولما روى عطاء: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من فاته الحج فعليه دم، وليجعلها عمرة، وليحج من قابل» (5)، ولأنه حل من إحرامه قبل إتمامه فلزمه هدي، كالمحرم لم يفت حجه، فإنه يحل قبل فواته.
(1) رواه الأثرم بإسناده.
(2)
رواه الدارقطني عن ابن عمر، وضعفه.
(3)
رواه الشافعي في مسنده، وروى مالك في الموطأ بإسناد صحيح عن هبار بن الأسود أن عمر رضي الله عنه أفتى بوجوب القضاء والدم، واشتهر في الصحابة.
(4)
رواه الدارقطني عن ابن عباس.
(5)
رواه النجاد بإسناده.