الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني ـ البلاغ: وهو أن يدفع إليه المال ليحج عنه، فإن احتاج إلى زيادة، أخذها من المستأجر، وإن فضل شيء رده إليه.
وإذا أوصى الميت أن يحج عنه من ماله، وكان صَرُورة (لم يحج)، نفذت الوصية من ثلث ماله، وإن لم يوص سقط عنه.
وينوي الأجير الحج لمن حج عنه، ويجوز أن يكون الأجير على الحج لم يحج حجة الفريضة عندهم وعند الحنفية، خلافاً للشافعية والحنابلة، كما سأبيِّن في الشروط.
خامساً ـ شروط الحج عن الغير:
اشترط
الحنفية (1) عشرين شرطاً للحج عن الغير أذكرها مع آراء الفقهاء الآخرين:
1 -
نية النائب عن الأصيل عند الإحرام؛ لأن النائب يحج عن الأصيل لاعن نفسه، فلا بد من نيته، والأفضل أن يقول بلسانه: أحرمت عن فلان، ولبيت عن فلان، فيقول مثلاً: نويت الحج عن فلان وأحرمت به لله تعالى، ولبيك عن فلان، كما إذا حج عن نفسه، ولو نسي اسمه فنوى عن الأصيل صح، وتكفي نية القلب. وهذا الشرط متفق عليه .....
2 -
أن يكون الأصيل عاجزاً عن أداء الحج بنفسه، وله مال. فإن كان قادراً على الأداء، بأن كان صحيح البدن، وله مال، لا يجوز حج غيره عنه. وهذا
(1) الدر المختار ورد المحتار:327/ 2 - 333، فتح القدير:317/ 2 - 321، البدائع:212/ 2 ومابعدها، الشرح الصغير:15/ 2، الشرح الكبير:18/ 2، القوانين الفقهية: ص128، شرح المحلي: 90/ 2، كتاب الإيضاح: ص17،18، المهذب: 1/ 199، المجموع: 7/ 98، مغني المحتاج: 1/ 470وما بعدها، المغني: 3/ 230،243 - 245، كشاف القناع: 2/ 462 وما بعدها .....
باتفاق الجمهور غير المالكية، أما المالكية فلم يجيزوا الحج عن الحي مطلقاً، وعليه: لا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه إجماعاً.
وأجاز الكل الحج عن الميت، لكن إذا أوصى عند الحنفية والمالكية، أو وإن لم يوص عند الآخرين، ويجب الحج عنه إن كان قادراً ومات مفرطاً عند الشافعية والحنابلة.
3 -
أن يستمر العجز كالحبس والمرض إلى الموت: وهذا باتفاق الحنفية والشافعية؛ فلو زال العجز قبل الموت، لم يجزئه حج النائب؛ لأن جواز الحج عن الغير ثبت بخلاف القياس لضرورة العجز الذي لا يرجى برؤه، فيتقيد الجواز به.
وقال الحنابلة: يجزئه؛ لأنه أتى بما أمر به، فخرج عن العهدة، كما لو لم يزل عذره.
4 -
وجوب الحج: فلو أحج الفقير أو غيره ممن لم يجب عليه الحج عن الفرض، لم يجز حج غيره، وإن وجب بعد ذلك.
5 -
وجود العذر قبل الإحجاج: فلو أحج صحيح غيره، ثم عجز، لا يجزيه. وهذان الشرطان مفهومان بداهة.
6 -
أن تكون النفقة من مال الأصيل، كلها أو أكثرها عند الحنفية، إلا الوارث إذا تبرع بالحج عن مورثه، تبرأ ذمة الميت، إذا لم يكن قد أوصى بالإحجاج عنه.
فإن تطوع النائب بالحج من مال نفسه، لم يقع عند الحنفية عن الميت، وكذا إذا أوصى الميت المورث أن يحج عنه بماله، ومات، فتطوع عنه وارثه بمال نفسه، لايجزئ الميت؛ لأن الفرض تعلق بماله، فإذا لم يحج بماله، لم يسقط عنه الفرض.
وأجاز الشافعية والحنابلة التطوع بالحج من الوارث أو الأجنبي عن الغير مطلقاً، سواء أوصى الميت أم لم يوص أو لم يأذن الوارث للأجنبي، كمن يتبرع بقضاء دين غيره.
7 -
أن يحرم من الميقات على النحو الذي طالب به الأصيل: فلو اعتمر، وقد أمره بالحج، ثم حج من مكة، لا يجوز، ويضمن، أي لو أمره بالإفراد بالحج، فتمتع بالعمرة، لم يقع حجه عنه، ويضمن باتفاق الحنفية، ولو أمره بالإفراد فقرن بالحج والعمرة فهو مخالف ضامن للنفقات عند أبي حنيفة، ويجوز ذلك عند الصاحبين عن الأصيل استحساناً.
وإن أوصى الميت بالحج، وحدد المال أو المكان، فالأمر على ما حدده وعينه، وإن لم يحدد شيئاً فيحج عنه من بلده قياساً لا استحساناً، والعمل على القياس.
وقال الشافعية: يجب على النائب الحج من ميقات الأصيل؛ لأن الحج يجب من الميقات. ولو أمره بالإفراد فقرن عن الآمر، فيقع ذلك عن الآمر كما قال الصاحبان. أما إذا أمره بالإفراد فتمتع عن الآمر، لم يقع حجه عنه، ولايجوز ذلك عن حجة الإسلام، كما قال الحنفية. وسوى المالكية بين القران والتمتع إذا فعلا، وكان الإفراد يجزئ، إن كان الشرط من الوصي لا الأصيل
وقال الحنابلة: يجب على النائب الحج من بلد الأصيل؛ لأن الحج واجب على العاجز أو الميت من بلده، فوجب أن ينوب عنه منه؛ لأن القضاء يكون على وفق الأداء، كقضاء الصلاة والصيام. وكذلك الحكم في حج النذر والقضاء. وصحح الحنابلة الحج عن الأصيل في كل الحالات إفراداً وقراناً وتمتعاً، ويرجع على الأجير بفرق أجرة المسافة، أو توفير الميقات. فإن كان للأصيل وطنان، استنيب من أقربهما. وإن خرج الشخص للحج، فمات في الطريق، حج عنه من
حيث مات؛ لأنه أسقط بعض ما وجب عليه، فلم يجب ثانياً. وكذلك إن مات نائبه، استنيب من حيث مات كذلك.
ولو أحرم شخص بالحج، ثم مات، صحت النيابة عنه فيما بقي من النسك؛ سواء أكان إحرامه لنفسه أم لغيره؛ لأنها عبادة تدخلها النيابة، فإذا مات بعد فعل بعضها، قضى عنه باقيها كالزكاة.
فإن لم يخلف الميت تركة تفي بالحج من بلده، حج عنه من حيث تبلغ.
وإن أوصى ميت بحج تطوع، فلم يف ثلثه بالحج من بلده، حج به من حيث بلغ، أو يعان به في الحج. ويستناب عن الميت ثقة بأقل ما يوجد، إلا أن يرضى الورثة بزيادة، أو يكون قد أوصى بشيء، فيجوز ما أوصى به ما لم يزد على الثلث.
8 -
الأمر بالحج: شرط الحنفية أن يأمر الأصيل بالحج عنه، فلا يجوز الحج عن الغير بغير إذنه، إلا الوارث، فإنه يجوز أن يحج عن المورث بغير إذنه، وتبرأ ذمة الميت إذا لم يكن أوصى بالحج عنه، ودليلهم حديث الخثعمية السابق. وفي نطاق المشيئة الإلهية: لو حج عنه أجنبي تسقط عنه حجة الإسلام إن شاء الله تعالى؛ لأنه إيصال للثواب، وهو لا يختص بأحد من قريب أو بعيد، قال أبو حنيفة: يجزيه إن شاء الله، وبعد الوصية يجزيه من غير المشيئة
9 -
وشرط الحنفية أيضاً عدم اشتراط الإجرة، فلا يجوز كما تقدم عندهم الاستئجار على الحج، فلو استأجر رجلاً، بأن قال: استأجرتك على أن تحج عني بكذا، لم يجز حجه عنه والمعتمد أنه يقع عنه، وإنما يقول: أمرتك أن تحج عني، بلا ذكر إجارة. وأجاز الجمهور كما بينا الاستئجار على الحج.