الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشوكاني: استدل به على سقوط الكفارة بالإعسار لما تقرر أنها لا تصرف في النفس والعيال، ولم يبين صلى الله عليه وسلم استقرارها في ذمته إلى حين يساره، وهو أحد قولي الشافعي، وجزم به عيسى بن دينار من المالكية، وقال الجمهور: لاتسقط بالإعسار، قالوا: وليس في الخبر ما يدل على سقوطها عن المعسر، بل فيه ما يدل على استقرارها عليه، والذي أذن له في التصرف فيه ليس على سبيل الكفارة (نيل الأوطار: 216/ 4). قال ابن تيمية الجد: وفيه دلالة قوية على الترتيب. وظاهر لفظ الدارقطني: أن المرأة كانت مكرهة.
ويجب قضاء اليوم مع الكفارة. ويجب القضاء على الزوجة الموطوءة إن لم تجب عليها الكفارة.
أنواع الكفارة:
ثلاثة: عتق، وصيام، وإطعام، مثل كفارة الظهار والقتل الخطأ في الترتيب عند الجمهور، فإن عجز عن العتق بأن لم يجد رقبة فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع صومهما أطعم ستين مسكيناً. والإطعام عند المالكية أفضل الخصال، والكفارة واجبة عندهم على التخيير لا على الترتيب (1). قال الشوكاني: في حديث أبي هريرة دليل على أنه يجزئ التكفير بواحدة من الثلاث الخصال. وظاهر الحديث أيضاً أن الكفارة بالخصال الثلاث على الترتيب. قال البيضاوي: لأن ترتيب الخصال بالفاء. وأضاف الشوكاني قائلاً: وقد وقع في الروايات ما يدل على الترتيب والتخيير، والذين رووا الترتيب أكثر، ومعهم الزيادة (2)، فيكون دليل المالكية العمل برواية أخرى فيها التخيير.
والخلاصة: إن الكفارة مرتبة في رأي الجمهور، وقال المالكية: الكفارة واجبة في ثلاثة أنواع على التخيير، إما إطعام ستين مسكيناً وهو الأفضل، وصيام شهرين متتابعين، أوعتق رقبة.
فالعتق: تحرير رقبة مؤمنة عند الجمهور غير الحنفية: سليمة من العيوب أي عيوب فوات منفعة البطش والمشي والكلام والنظر والعقل، قياساً في اشتراط الإيمان على كفارة القتل الخطأ، وقال الحنفية: ولو كانت غير مؤمنة، لإطلاق نص الحديث السابق.
(1) الشرح الصغير: 713/ 1.
(2)
نيل الأوطار: 215/ 4.
والصيام عند العجز عن الرقبة: صيام شهرين متتابعين، ليس فيهما يوم عيد، ولا أيام التشريق، ولا يجزئه الصوم إن قدر على العتق قبل البدء بالصوم، فلو قدر على العتق في أثناء الصوم ولو في آخر يوم، لزمه العتق عند الحنفية، ولم يلزمه عند الجمهور الانتقال عن الصوم إلى العتق، إلا أن يشاء أن يعتق، فيجزئه، ويكون قد فعل الأولى أي يندب له عتق الرقبة. فلو أفطر ولو لعذر إلا لعذر الحيض استأنف عند الحنفية الصوم من جديد، ويستأنف الصوم عند المالكية إن أفطر متعمداً.
ولا يستأنف إن أفطر ناسياً أو لعذر، أو لغلط في العدد. وقال الشافعية: لو أفسد يوماً ولو اليوم الأخير ولو بعذر كسفر ومرض وإرضاع ونسيان نية، استأنف الشهرين، لكن لا يضر الفطر بحيض ونفاس وجنون وإغماء مستغرق؛ لأن كلاً منها ينافي الصوم مع كونه اضطرارياً، وقال الحنابلة: لا ينقطع التتابع بالفطر لمرض أو حيض.
والإطعام عند عدم استطاعة الصوم: إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين عند الجمهور مد من القمح بمد النبي صلى الله عليه وسلم أو نصف صاع من تمر أوشعير، وعند الحنفية: مدان، أو يغذيهم ويعشيهم غداء وعشاء مشبعين، أو غداءين أو عشاءين، أو عشاء وسحوراً. والمدان أو نصف الصاع: هما من بُر أو دقيقه أو سويقه، أو يعطي كل فقير صاع تمر أوصاع شعير أوزبيب أو يعطي عند الحنفية قيمة نصف الصاع من البر، أو الصاع من غيره من غير المنصوص عليه، ولو في أوقات متفرقة، لحصول الواجب.
ولا يجوز للفقير صرف الكفارة إلى عياله، كالزكاة وسائر الكفارات، وأما خبر «أطعمه أهلك» فهو خصوصية، أو أن لغير المكفر الذي تطوع بالتكفير عن