الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث ـ مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية:
وفيه مطلبان:
المطلب الأول ـ وقت الحج والعمرة:
1 - وقت الحج:
للحج وقت معين، أشار إليه القرآن الكريم في آية:{يسألونك عن الأهلة قل: هي مواقيت للناس والحج} [البقرة:189/ 2] وقوله تعالى: {الحج أشهرٌ معلومات} [البقرة:179/ 2] أي معظمه في أشهر معلومات.
وأشهر الحج عند المالكية (1): هي الأشهر الثلاثة كلها: وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة (2)، فهي كلها محل للحج، لعموم قوله سبحانه:{الحج أشهرٌ معلومات} [البقرة:197/ 2] فوجب أن يطلق على جميع أيام ذي الحجة؛ لأن أقل الجمع ثلاثة. ويبتدئ وقت الإحرام من أول شوال في أول ليلة عيد الفطر، ويمتد لفجر يوم النحر (الأضحى)، فمن أحرم قبل فجر الأضحى بلحظة، وهوبعرفة، فقد أدرك الحج، وبقي عليه طواف الإفاضة والسعي بعدها؛ لأن الركن عندهم الوقوف بعرفة ليلاً، وقد حصل.
ويكره الإحرام قبل بدء شوال، لكنه ينعقد ويصح عندهم، كما يكر هـ الإحرام قبل مكانه المخصص له الآتي بيانه. والسبب في صحة الإحرام قبل ميقاته الزماني والمكاني: أنه وقت كمال، لا وقت وجوب.
(1) بداية المجتهد:315/ 1، الشرح الصغير: 17/ 2 ومابعدها، الشرح الكبير: 21/ 2 ومابعدها.
(2)
قال عمر وابنه وابن عباس: «أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة» .
ويجزئ تأخر طواف الإفاضة إلى آخر شهر ذي الحجة.
فالمدة من بدء شوال لما قبيل فجر يوم الأضحى: وقت لجواز ابتداء الإحرام بالحج. ومن طلوع فجر الأضحى لآخر ذي الحجة: وقت لجواز التحلل من الحج. والأفضل لأهل مكة الإحرام من أول ذي الحجة على المعتمد.
وأشهر الحج عند الحنفية والحنابلة (1): شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، لما روي عن العبادلة الأربعة (ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يوم الحج الأكبر: يوم النحر» (2)، فكيف يجوز أن يكون يوم الحج الأكبر ليس من أشهره؟ ولأن يوم النحر فيه ركن الحج، وهو طواف الزيارة، وفيه كثير من أفعال الحج، كرمي جمرة العقبة والنحر والحلق والطواف والسعي والرجوع إلى منى، ولأن الحج يفوت بمضي عشر ذي الحجة، ومع بقاء الوقت لا يتحقق الفوات.
وهذا يدل على أن المراد من قوله تعالى: {الحج أشهرٌ معلومات} [البقرة:197/ 2] شهران وبعض الثالث، لا كله. وما بعد عشر ذي الحجة ليس من أشهره؛ لأنه ليس بوقت لإحرامه ولا لأركانه، فهو كالمحرَّم.
ولا يمتنع التعبير بلفظ الجمع عن شيئين وبعض الثالث، كالقروء الثلاثة يحتسب منها الطهر الذي طلقها فيه، وقوله تعالى في الآية السابقة:{فمن فرض فيهن الحج} أي في أكثرهن.
فإن قدم الإحرام بالحج على هذه الأشهر، جاز إحرامه، وانعقد حجاً، ولا ينقلب عمرة، لعموم قوله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة:196/ 2]
(1) فتح القدير: 220/ 2 ومابعدها، الكتاب مع اللباب: 198/ 1، المغني: 271/ 3، 295، كشاف القناع: 472/ 2.
(2)
رواه أبو داود، وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر:«هذا يوم الحج الأكبر» .