الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودليلهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يبعث على الناس من يخرُص عليهم كرومهم وثمارهم» وقال عَتَّاب بن أسيد: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُخْرَص العنب، كما يخرص النخل، فتؤخذ زكاته زبيباً، كما تؤخذ صدقة النخل تمراً» (1).
ترك الثلث أو الربع:
ويدخل جميع الثمر في الخرص، ويترك الخارص عند الشافعية والحنابلة الثلث أو الربع توسعة على أرباب الأموال، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث سهل بن أبي حثمة:«إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدَعوا الثلث، فدعوا الربع» (2) ولا يترك عند الحنفية والمالكية شيء؛ لأن في إسناد حديث سهل راوياً لا يعرف حاله، كما قال ابن القطان.
الاكتفاء بخارص واحد:
ويجزئ خارص واحد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رَوَاحة، فيخرُص النخل حين يطيب (3)، ولم يذكر معه غيره، ولأن الخارص يفعل ما يؤديه اجتهاده إليه، فهو كالحاكم والقائف.
شروط الخارص
- شرط الخارص: العدالة أو الأمانة؛ لأن الفاسق لا يقبل قوله، والحرية والذكورة؛ لأن الخرص ولاية، وليس الرقيق والمرأة من أهلها. ولابد أن يكون عالماً بالخرص؛ لأن الخرص اجتهاد، والجاهل بالشيء ليس من أهل الاجتهاد فيه.
صفة الخرص
- صفة الخرص تختلف باختلاف الثمر: فإن كان نوعاً واحداً، فإنه يطيف بكل نخلة أو شجرة، وينظركم في الجميع رطباً أو عنباً، ثم يقدر
(1) روى الحديث الأول الترمذي وابن ماجه عن عَتّاب بن أسيد، وروى الثاني أبو داود والترمذي (نيل الأوطار: 143/ 4).
(2)
رواه الخمسة إلا ابن ماجه (المرجع السابق) وأخرجه أيضاً ابن حبان والحاكم وصححاه.
(3)
رواه أحمد وأبو داود عن عائشة (المرجع السابق).
ما يجيء منها تمراً. وإن كان أنواعاً، خرص كل نوع على حدته؛ لأن الأنواع تختلف، فمنها ما يكثر رطبه ويقل تمره، ومنها ما يكون بالعكس، وهكذا العنب.
فإذا خرص على المالك وعرَّفه قدر الزكاة، خيره الخارص بين أن يضمن قدر الزكاة، ويتصرف فيها بما شاء من أكل وغيره، وبين حفظها إلى وقت الجداد والجفاف.
فإن اختار حفظها ثم أتلفها بتفريطه، فعليه ضمان نصيب الفقراء بالخرص. وإن أتلفها أجنبي، فعليه قيمة ما أتلف. وإن تلفت بجائحة سماوية، سقط عن الملاك الخرص؛ لأنها تلفت قبل استقرار زكاتها، ويسقط من الزكاة بمقدار التالف، ويزكى الباقي إن لم يتلف الكل، وكان الباقي بمقدار النصاب.
وإن ادعى المالك هلاك الثمار أو تلفها بغير تفريطه، بسبب خفي كالسرقة، أو ظاهر كحريق أو برد أو نهب، صدق قوله بيمينه عند الشافعية، وبغير يمين عند الحنابلة.
خطأ الخارص: إذا أخطأ الخارص التقدير: فزاد أو نقص، يلزم المالك عند الإمام مالك بما قال الخارص، زاد أو نقص، إذا كانت الزكاة متقاربة؛ لأنه حكم واقع لا نقض له (1).
وقال الشافعية (2): إن ادعى المالك حيف الخارص أو غلطه بما يبعد، أي لا يقع عادة من أهل المعرفة بالخرص كالربع مثلاً، لم يقبل قوله إلا ببينة. وإن كان بمحتمل، قبل في الأصح، وحط عنه ما ادعاه؛ لأنه أمين، فوجب الرجوع إليه في دعوى نقصه عند كيله؛ لأن الكيل يقين، والخرص تخمين، فالإحالة عليه أولى.
(1) الأموال: ص 494 ومابعدها.
(2)
مغني المحتاج: 388/ 1.