الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محرماً؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز، وتأخيره عنه لا يجوز، فالاحتياط فعل ما لا شك فيه. وإن لم يحاذ ميقاتاً مما سبق، أحرم على مرحلتين (89 كم) من مكة، إذ لا ميقات أقل مسافة من هذا القدر.
حكم الداخل إلى مكة بعد أن حج واعتمر:
قال الشافعية (1): من حج واعتمر حجة الإسلام وعمرته، ثم أراد دخول مكة لحاجة لا تتكرر، كزيارة أوتجارة أو رسالة، أو كان مكياً مسافراً، فأراد دخولها عائداً من سفره، فهل يلزمه الإحرام بحج أو عمرة؟ فيه تفصيل:
أـ إن دخلها لقتال بغاة أو قطاع طريق أو غيرهما من القتال الواجب أوالمباح، أو دخلها خائفاً من ظالم أو غريم يمسه، وهو معسر لا يمكنه الظهور لأداء النسك إلا بمشقة ومخاطرة، لم يلزمه الإحرام بلا خلاف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح بغير إحرام (2)؛ لأنه كان لا يأمن أن يقاتل.
ب ـ يستحب لكل داخل إلى مكة لا يتكرر دخوله الإحرام، ويكره الدخول بغير إحرام، فمن دخل مكة لحاجة لا تتكرر كالتجارة والزيارة وعيادة المريض، فالأصح عند الشافعية أنه يستحب له الإحرام، ولا يجب مطلقاً. وقال مالك وأحمد: يلزمه، وقال أبو حنيفة: إن كانت داره في الميقات أو أقرب إلى مكة، جاز دخوله بلا إحرام، وإلا فلا.
جـ ـ من كان يتكرر دخوله كالحطاب والحشاش والصياد والسقّاء والبريد والسائقين ونحوهم، يجوز دخوله بغير نسك، لما روى ابن عباس: «لا يدخل أحد
(1) المجموع: 10/ 7 - 16، المهذب: 195/ 1، الدر المختار: 212/ 2 ومابعدها، الشرح الصغير: 24/ 2، المغني: 268/ 3 وما بعدها.
(2)
رواه مسلم والنسائي عن جابر (نيل الأوطار: 300/ 4).
مكة إلامحرماً، ورخص للحطابين» (1) ولأن في إيجاب الإحرام على هؤلاء مشقة.
وأما أهل الحرم: فلا إحرام عليهم بالدخول إلى مكة بلا خلاف، كما لا تشرع تحية المسجد لمن انتقل من موضع منه إلى موضع آخر منه.
ومن أراد دخول الحرم ولم يرد دخول مكة، فحكمه حكم دخول مكة، على التفصيل والخلاف السابق.
وإذا وجب الإحرام لدخول الحرم، فدخل بغير إحرام، عصى، ولا يلزمه القضاء عند الشافعية على المذهب، خوفاً من التسلسل، قال بعض الشافعية: كل عبادة واجبة إذا تركها لزمه القضاء أو الكفارة إلا الإحرام لدخول مكة، وإمساك يوم الشك إذا ثبت أنه من رمضان، فمن ترك مع أنه يجب عليه إمساكه، لم يلزمه قضاء الإمساك ولا الكفارة.
وقال أبو حنيفة: يلزمه القضاء؛ إذ يجب قضاء كل الواجبات.
د ـ من لا يكلف الحج كالعبد والصبي والكافر إذا أعتق العبد أو بلغ الصبي أو أسلم الكافر، وأرادوا الإحرام: فإنهم عند الحنابلة والمالكية يحرمون من موضعهم ولا دم عليهم؛ لأنهم أحرموا من الموضع الذي وجب عليهم الإحرام معه، فأشبهوا المكي ومن قريته دون الميقات إذا أحرم منها.
ويجب على جميعهم الدم عند الشافعية؛ لأن كل واحد منهم ترك الواجب عليه.
وقال الحنفية: لا دم على الكافر الذي يسلم، والصبي الذي يبلغ، وأما العبد فعليه دم.
(1) رواه ابن أبي شيبة، وفيه راو ضعيف (المرجع السابق، نصب الراية: 15/ 3).