الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتصل بها الأداء. وكذلك لو أحرم الابن بالحج عن أحد أبويه، صح وإن لم يكن معيناً، ثم يعين أحدهما؛ لأن الإحرام ليس من الأداء، بل هو شرط جواز أداء أفعال الحج.
وإن أمره أحدهما بحجة، وأمره الآخر بعمرة: فإن أذنا له بالجمع وهو القران، فجمع، جاز. وإن لم يأذنا له بالجمع، فجمع، جاز عند الكرخي، ولم يجز عند القدوري وهو الأرجح؛ لأنه خالف؛ لأنه أمره بسفر ينصرف كله إلى الحج، وقد صرفه إلى الحج والعمرة، فصار مخالفاً.
جزاء المخالفة:
إذا فعل المأمور بالحج ما يوجب الدم (ذبح شاة مثلاً) أو غيره، فهو عليه. ولو قرن عن الآمر بأمره، فدم القران عليه. والحاصل: أن جميع الدماء المتعلقة بالإحرام في مال الحاج، إلا دم الإحصار خاصة، فإنه في مال المحجوج عنه؛ لأنه هو الذي أدخل الحاج في هذه العهدة، فكان من جنس النفقة والمؤنة، وذلك من مال المحجوج عنه.
فإن جامع الحاج القائم بالحج عن غيره قبل الوقوف بعرفة، فسد حجه، ويمضي فيه، والنفقة في ماله، ويضمن ما أنفق من مال المحجوج عنه قبل ذلك، وعليه القضاء من مال نفسه.
وـ من حج عن غيره، فمرض في الطريق، لم يجز له أن يدفع النفقة إلى من يحج عن الميت إلا أن يكون أذن له في ذلك؛ لأنه مأمور بالحج، لا بالإحجاج.
ز ـ لو أحج رجلاً يؤدي الحج، ويقيم بمكة، جاز؛ لأن فرض الحج، صار مؤدىً بالفراغ عن أفعاله. والأفضل أن يحج، ثم يعود إليه، لأنه كلما كانت النفقة أكثر، كان الثواب للآمر أكثر وأوفر.
وإذا فرغ المأمور بالحج من الحج، ونوى الإقامة خمسة عشر يوماً فصاعداً، أنفق من مال نفسه؛ لأن نية الإقامة قد صحت، فصار تاركاً للسفر، فلم يعد مأذوناً بالإنفاق من مال الآمر، ولو أنفق ضمن؛ لأنه أنفق مال غيره بغير إذنه.
فإن أقام أياماً بمكة من غير نية الإقامة: فإن أقام إقامة معتادة كثلاثة أيام، فالنفقة في مال المحجوج عنه، وإن زاد على المعتاد، فالنفقة من ماله.
والإقامة للتجارة والإجارة لا يمنعان جواز الحج، ويجوز حج التاجر والأجير والمكاري، لقوله عز وجل:{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم} [البقرة:198/ 2].
وقال الحنابلة (1):
أـ إذا أمره بحج، فتمتع أو اعتمر لنفسه من الميقات، ثم حج: فإن خرج إلى الميقات فأحرم منه بالحج، جاز ولا شيء عليه، وهو مذهب الشافعي أيضاً؛ لأنه إذا أحرم من الميقات، فقد أتى بالحج صحيحاً من ميقاته. وإن أحرم بالحج من مكة، فعليه دم لترك ميقاته، ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام الحج فيما بين الميقات ومكة؛ لأن إخلاله كان بما يجبره الدم، فلم تسقط نفقته، كما لو تجاوز الميقات غير محرم، فأحرم دونه.
ب ـ وإن أمره بالإفراد، فقرن، لم يضمن شيئاً عند الحنابلة والشافعية، وهو رأي الصاحبين، خلافاً لرأي أبي حنيفة المتقدم؛ لأنه مخالف. ودليلهم أنه أتى بما أمر به وزيادة، فصح ولم يضمن، كما لو أمره بشراء شاة بدينار فاشترى شاتين تساوي إحداهما ديناراً.
(1) المغني: 234/ 3 - 236.
ثم إن كان أمره بالعمرة بعد الحج، ففعلها، فلا شيء عليه، وإن لم يفعل رد من النفقة بقدرها.
جـ ـ وإن أمره بالتمتع، فقرن، وقع عن الآمر عند الحنابلة والشافعية؛ لأنه أمر بهما، وإنما خالف في أنه أمره بالإحرام بالحج من مكة، فأحرم به من الميقات، ولا يرد شيئاً من النفقة.
وإن أفرد، وقع عن الأصيل أيضاً، ويرد نصف النفقة؛ لأنه أخل بالإحرام بالعمرة من الميقات، وقد أمره به، وإحرامه بالحج من الميقات زيادة لا يستحق به شيئاً.
د ـ إن أمره بالقران، فأفرد أو تمتع، صح،،ووقع النسكان عن الآمر، ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام النسك الذي تركه من الميقات.
هـ ـ إن استنابه رجلان: أحدهما للحج والآخر للعمرة، وأذنا له في القران، ففعل، جاز؛ لأنه نسك مشروع. وإن قرن من غير إذنهما، صح ووقع عنهما، خلافاً للحنفية، ويرد من نفقة كل واحد منهما نصفها؛ لأنه جعل السفر عنهما بغير إذنهما، وقد أتى بما أمر به، وإنما خالف في صفته، لا في أصله، فأشبه من أمر بالتمتع فقرن.
وإن أذن أحدهما دون الآخر، رد على غير الآمر نصف نفقته وحده.
ودم القران على النائب إذا لم يؤذن له فيه، لعدم الإذن في سببه. ويكون الدم على من وكلاه، إن أذنا، لوجود الإذن في سببه. فإن أذن أحدهما دون الآخر، فعلى الآذن نصف الدم، ونصفه على النائب.
وـ إن أمر بالحج، فحج، ثم اعتمر لنفسه، أو أمره بعمرة، فاعتمر، ثم حج عن نفسه، صح، ولم يرد شيئاً من النفقة؛ لأنه أتى بما أمر به على وجهه.