الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما دون النصاب عفو، وما فوقه إلى حد آخر عفو، فلو هلك العفو، وبقي النصاب، بقي كل الواجب، كأن كان له تسع من الإبل، أو مئة وعشرون من الغنم، فهلك بعد الحول من الإبل أربع، ومن الغنم ثمانون، لم يسقط من الزكاة شيء.
7 - ما يأخذه الساعي:
الساعي أو العامل أو المصدِّق: هو الموظف المخصص من الحاكم لجمع الزكاة وجبايتها من المالكين.
فإن كان في المال المزكى كرائم ولئام (1)، وسمان ومهازيل، وصحاح ومراض، وكبار وصغار، وجب الوسط بقدر قيمة المالين، طلباً للتعديل بينهما، وهو عند
الحنفية
أعلى الأدنى وأدنى الأعلى، فلا يؤخذ من خيار الأموال ولا من شرارها، ولا من الأولاد، فإن كانت كلها جياداً فجيد عند الحنفية (2)، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ المتقدم:«فإياك وكرائم أموالهم» وقوله أيضاً: «إن الله تعالى لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشره» (3)، ولأن مبنى الزكاة على المواساة، وأخذ الصحيحة عن المراض مثلاً إخلال بالمواساة، ولأن فيه مراعاة لجانبي المالك والمستحق.
(1) الكرائم: جمع كريمة، وهي الجامعة للكمال الممكن في حقها من غزارة لبن أو جمال صورة أو كثرة لحم أو صوف. واللئام: جمع لئيمة وهي ضد الكريمة.
(2)
البدائع: 32/ 2 - 34، الدر المختار: 30/ 2 ومابعدها، فتح القدير: 506/ 1،510، اللباب: 146/ 1، الشرح الكبير: 434/ 1 - 436، الشرح الصغير: 598/ 1،604، القوانين الفقهية: ص 108، مغني المحتاج: 375/ 1 ومابعدها، المهذب: 147/ 1،150، المغني: 598/ 2 - 604، كشاف القناع: 213/ 2، 219، 223 ومابعدها.
(3)
رواه أبو داود.
وقد فرع الفقهاء بناء على هذا المبدأ تفريعات:
فقال الحنفية (1): ليس للساعي أن يأخذ الجيد ولا الرديء إلا من طريق التقويم برضا صاحب المال. ولا يؤخذ الرُّبَّى (التي وضعت وهي تربي ولدها، يعني قريبة العهد بالولادة)، ولا الماخض (التي قد حان ولادها أي في بطنها ولد)، ولا الأكولة (التي تسمن للأكل).
ويأخذ الساعي الوسط، سواء أكان النصاب من نوع واحد، أم من نوعين كالضأن والمعز، والبقر والجواميس، والعراب والبخت، والوسط: هو أن يكون أدنى من الأرفع، وأرفع من الأدون.
ولا يأخذ الذكر في زكاة الإبل، فتتعين الأنوثة في الواجب في الإبل من جنسها من بنت المخاض وبنت اللبون والحقة والجذعة، ولا يجوز الذكور منها وهو ابن المخاض وابن اللبون والحق والجذع، إلا بطريق التقويم؛ لأن الواجب المنصوص عليه هو الإناث، ودفع القيمة في الزكاة جائز عندهم.
أما في البقر فيجوز فيها الذكر والأنثى، لورود النص بذلك، كما تقدم.
وليس في الصغار والذكور وحدها زكاة، فإذا وجدت الصغار والكبار عدّت مع بعضها، ويجب فيها ما يجب في الكبار وهو المسنة.
وإذا فقد الساعي في مال المالك ما يجب أخذه، بأن وجب عليه سن فلم توجد عنده، أخذ أعلى منها وردّ الفضل (قيمة الزيادة عن المدفوع)، أو أخذ أدنى منها وأخذ الفضل، ولا يقدر عندهم بشيء؛ لأنه بحسب الأوقات غلاء ورخصاً (2).
(1) البدائع، المكان السابق.
(2)
خلافاً للشافعية والحنابلة الذين قدروا الفضل الذي يرد بشاتين أو عشرين درهماً.