الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب ـ وقال الحنابلة: تجب الزكاة في الذمة بحلول الحول، وإن تلف المال فرط أو لم يفرط، وإذا حال الحول على مال ولم يؤد زكاته، وجب أداؤها لما مضى.
وفرع الشافعية أيضاً على مبدأ تعلق الزكاة بالعين دون الذمة: أنه إذا باع المالك مال الزكاة بعد وجوبها فيه، سواء أكان تمراً أم حباً أم ماشية أم نقداً أم غيره، قبل إخراجها، كان البيع باطلاً في قدر فرض الزكاة، وقدر الفرض للمساكين، فلا يجوز بيعه بغير إذنهم؛ لأنهم شركاء فيه.
وأجاز الحنفية والحنابلة بيع مال الزكاة، على أن يضمن البائع قدر الزكاة.
2 - دفع القيمة في الزكاة:
أـ قال الحنفية (1) تفريعاً على مبدئهم أن الواجب في الزكاة جزء من النصاب إما صورة ومعنى، أو معنى فقط: يجوز دفع القيمة في الزكاة، وكذا في العشر والخراج وزكاة الفطرة والنذر والكفارة غير الإعتاق، وتعتبر القيمة يوم الوجوب عند الإمام أبي حنيفة، وعند الصاحبين: يوم الأداء، وفي السوائم يوم الأداء بالاتفاق بينهم، ويُقوَّم الواجب في البلد الذي فيه المال، فإن كان في مفازة ففي أقرب الأمصار إليه. ودليلهم أن الواجب أداء جزء من النصاب من حيث المعنى، وهو المالية، وأداء القيمة مثل أداء الجزء من النصاب من حيث إنه مال، ولأن في ذلك تيسيراً على المزكي، وتوفيراً لحرية الفقير في التصرف بالمال بحسب الحاجة.
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء (2)، فغضب على المصدِّق (العامل)، وقال: ألم أنهكم عن أخذ كرائم أموال الناس (3)؟ فقال:
(1) البدائع: 25/ 2، الدر المختار: 29/ 2، اللباب: 147/ 1، فتح القدير: 507/ 1.
(2)
أي مُشرفة السنام عاليته، فالكوماء، هي الناقة العظيمة السنام.
(3)
ورد النهي عن ذلك في حديث ابن عباس عند الجماعة بلفظ «فإياك وكرائم أموالهم» (نيل الأوطار: 114/ 4).
أخذتها ببعيرين من إبل الصدقة، وفي رواية: ارتجعتها، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ البعير ببعيرين يكون باعتبار القيمة (1).
ب ـ وقال الجمهور (2): لا يجزئ إخراج القيمة في شيء من الزكاة؛ لأن الحق لله تعالى، وقد علقه على ما نص عليه، فلا يجوز نقل ذلك إلى غيره، كالأضحية لما علقها على الأنعام، لم يجز نقلها إلى غيرها. وبعبارة أخرى: إن الزكاة قربة لله تعالى، وكل ما كان كذلك، فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالى. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«في أربعين شاة شاة، وفي مئتي درهم خمسة دراهم» وهو وارد بياناً لمجمل قوله تعالى: {وآتوا الزكاة} [البقرة:277/ 2] فتكون الشاة المذكورة هي الزكاة المأمور بها، والأمر يقتضي الوجوب، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن:«خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقرة من البقر» (3) وهو نص يجب التزامه، ولا يتجاوز عنه إلى القيمة؛ لأنه يكون أخذاً من غير المأمور به في الحديث، ولأن مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص، فلم يجزئه، كما لو أخرج الرديء مكان الجيد، وهذا كله يدل على أن الزكاة واجبة في العين.
قال الشافعية: لا يجوز أخذ القيمة في الزكاة إلا في خمس مسائل: زكاة التجارة، والجُبران (وهو شاتان أوعشرون درهماً في الإبل في حال عدم وجود الواجب)، وفي حالة إخراج الشاة عن الإبل دون الخمسة والعشرين، علماً بأن
(1) رواه أحمد والبيهقي.
(2)
الشرح الكبير: 502/ 1، بداية المجتهد: 260/ 1، المهذب: 150/ 1، شرح المجموع: 401/ 5 ومابعدها،253/ 6، تحفة الطلاب للأنصاري: ص95، كشاف القناع: 226/ 2، المغني: 65/ 2 - 66.
(3)
رواه أبو داود وابن ماجه (نيل الأوطار: 152/ 4).