الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإنسية، لا في الخيل والرقيق والبغال والحمير والظباء، وأوجب أبو حنيفة الزكاة في الخيل، خلافاً للصاحبين، فإنهما قالا: لا زكاة في الخيل، وبرأيهما يفتى.
ثانياً ـ شروط وجوب زكاة الحيوان:
اشترط الفقهاء لوجوب زكاة الحيوان خمسة شروط، على خلاف في بعضها، وهي ما يأتي (1):
1ً - أن تكون الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم إنسية، لا وحشية، أما المتولد بين الإنسي والوحشي، كالمتولد من الشاة والظبي أو المتولد من البقر الأهلي والوحشي: فلا زكاة فيه عند الشافعية وفي المشهور عند المالكية؛ لأن الأصل عدم الوجوب، ولا نص ولا إجماع في ذلك إذ لا يطلق عليه اسم الشاة، وهو متولد من وحشي، فأشبه المتولد من وحشيين.
وقال الحنابلة: تجب فيه الزكاة كالمتولد بين سائمة ومعلوفة.
وقال الحنفية: إن كانت الأم أهلية، وجبت فيه الزكاة ويكمل به النصاب، وإلا فلا؛ لأن ولد البهيمة يتبع أمه (2).
2ً - أن تكون الأنعام بالغة نصاباً شرعياً على النحو المبين في السنة، كما سيوضح في زكاة كل نوع.
(1) الدر المختار:30/ 2 ومابعدها، فتح القدير:494/ 1 - 502،509، الشرح الصغير: 590/ 1 - 594، القوانين الفقهية: ص107 ومابعدها، مغني المحتاج: 368/ 1 ومابعدها،378 - 380، المهذب:142/ 1 - 150، المغني: 575/ 2 - 577،591 - 596،604،625، كشاف القناع:212/ 2.
(2)
البدائع:30/ 2 وما بعدها، الشرح الكبير مع الدسوقي:432/ 1، مغني المحتاج: 369/ 1، المغني:595/ 2.
3ً، 4ً - أن يحول عليها حول كامل في ملك صاحبها: بأن يمضي على تملكها عام كامل من بدء الملكية، ويبقى الملك فيها جميع الحول، فلو لم يمض الحول في ملكه، لم تجب عليه الزكاة، لحديث:«لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» (1)، ولأنه لا يتكامل نماء المال قبل تمام الحول، وذلك إلا في النتاج فإنه يتبع الأمهات في الحول.
ولو زال الملك عن الماشية في الحول عن النصاب أو بعضه، ببيع أو غيره، فعاد بشراء أوغيره، أو بادل بمثله مبادلة صحيحة لا للتجارة، كإبل بإبل، أو بجنس آخر كإبل ببقر، استأنف الحول أي بدأ حولاً جديداً لانقطاع الحول الأول بما فعله، فصار ملكاً جديداً، فلا بد من حول جديد للحديث المتقدم.
5ً - كونها سائمة أي راعية في معظم الحول، لا معلوفة، ولا عاملة في حرث ونحوه، وهذا شرط عند الجمهور غير المالكية، لحديث:«في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون» (2) وحديث «وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة: شاة» (3) وتقاس البقر على الإبل والغنم.
والسائمة عندالحنفية والحنابلة: هي التى ترعى العشب المباح في البراري في أكثر العام، بقصد الدر أو النسل أو التسمين، فإن أسامها (رعاها) للذبح أو الحمل أو الركوب أو الحرث، فلا زكاة فيها. وإن أسامها للتجارة ففيها زكاة التجارة. ولا يضر العلف اليسير؛ لأن للأكثر حكم الكل. ولو علفها نصف السنة أو أكثر من نصفها، فلا زكاة فيها.
(1) رواه أبو داود، وللترمذي عن ابن عمر:«من استفاد مالاً، فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول» (سبل السلام: 129/ 2).
(2)
رواه أبو داود وغيره، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، والراوي بهز بن حكيم عن أبيه (سبل السلام: 126/ 2).
(3)
رواه البخاري في حديث أنس عن أبي بكر المتقدم.
أما إن سامت (رعت) بنفسها بدون أن يقصد مالكها ذلك، فلا زكاة فيها عند الحنفية، وفيها الزكاة عند الحنابلة.
والسائمة عند الشافعية: أن يرسلها صاحبها للمرعى في كلأ مباح في جميع الحول أو في الغالبية العظمى منه، ولا يضر علف يسير تعيش بدونه بلا ضرر بيِّن كيوم أو يومين؛ لأن الماشية تصبر اليومين ولا تصبر الثلاثة غالباً، فإن علفت معظم العام، أو في مدة لا تعيش بدونه، أو تعيش في تلك المدة ولكن بضرر بيِّن، فلا تجب زكاتها، لوجود المؤنة (النفقة والمشقة).
ولو سامت بنفسها، أوبفعل الغاصب أو المشتري شراء فاسداً، أو كانت عوامل في حَرْث ونَضْح (حمل الماء للشرب) ونحوه، فلا زكاة في الأصح، لعدم إسامة المالك، وإنما اعتبر قصده دون قصد الاعتلاف؛ لأن السوم يؤثر في وجوب الزكاة، فاعتبر فيه قصده، والاعتلاف يؤثر في سقوطها، فلا يعتبر قصده؛ لأن الأصل عدم وجوبها. وبذلك يشترط عند الشافعية: أن يكون كل السوم من المالك، فلا زكاة فيما سامت بنفسها أو أسامها غير المالك.
ومذهب المالكية (1): أن الزكاة تجب في الأنعام، سواء أكانت سائمة (راعية) أم معلوفة، أم عوامل، لعموم حديث أبي بكر المتقدم في الإبل:«في كل خمس شاة» .
ومنشأ الخلاف بين الرأيين كما بين ابن رشد: معارضة المطلق للمقيد، ومعارضة دليل الخطاب للعموم، ومعارضة القياس لعموم اللفظ، أما المطلق فحديث:«في كل أربعين شاة شاة» وأما المقيد فحديث «في سائمة الغنم الزكاة»
(1) القوانين الفقهية: ص108، بداية المجتهد:244/ 1، الشرح الكبير: 432/ 1، الشرح الصغير:592/ 1.