الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبناء عليه يجوز في رأي الحنفية توكيل الذمي غير المسلم بأداء الزكاة للفقراء؛ لأن المؤدي في الحقيقة هو المسلم. ولو قال الموكل: هذا تطوع أوعن كفارتي، ثم نواه عن الزكاة قبل دفع الوكيل، صح. وللوكيل أن يدفع الزكاة لولده الفقير أو زوجته الفقيرة إذا لم يأمره بالدفع إلى شخص معين، ولا يجوز له أن يأخذ الزكاة لنفسه إلا إذا قال له الموكل: ضعها حيث شئت.
وإن أمره بالدفع إلى شخص معين، فدفعها الوكيل لغيره، فيه قولان عند الحنفية: قول بأنه لا يضمن، كمن نذر أن يتصدق على فلان معين، له أن يتصدق على غيره، وقول رجحه ابن عابدين: يضمن؛ لأن الوكيل يستمد سلطته بالتصرف من الموكل، وقد أمر بالدفع إلى فلان، فلا يملك الدفع إلى غيره، كمن أوصى لزيد بكذا، ليس للوصي الدفع إلى غيره.
ثالثاً ـ شرط المال المؤدى:
يشترط أن يكون المؤدى مالاً متقوماً على الإطلاق، سواء أكان عند الحنفية (1) منصوصاً عليه أم لا، من جنس المال الذي وجبت فيه الزكاة أم من غير جنسه، والأصل عندهم أو القاعدة: أن كل مال يجوز التصدق به تطوعاً، يجوز أداء الزكاة منه، ومالا فلا. وعليه: لو أعطى الفقير سلعة من السلع كقماش أوخبز أوسكر أو سمن أو حذاء، ناوياً الزكاة صح. وعند غير الحنفية: يتعين أداء المنصوص عليه، وقد بحث الموضوع في إخراج القيمة في الزكاة.
رابعاً ـ نقل الزكاة لبلد آخر غير بلد المزكي:
القاعدة العامة أن تفرَّق صدقة كل قوم فيهم، لحديث معاذ المتقدم: «خذها
(1) البدائع: 41/ 2.
من أغنيائهم وردها في فقرائهم»، والمعتبر عند الحنفية والشافعية والحنابلة في زكاة المال: المكان الذي فيه المال، والمعتبر في صدقة الفطر: المكان الذي فيه المتصدق اعتباراً بسبب الوجوب فيهما، وللفقهاء تفصيل في نقل الزكاة من بلد إلى آخر (1).
قال الحنفية: يكره تنزيهاً نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر إلا أن ينقلها إلى قرابته المحاويج ليسد حاجتهم، أو إلى قوم هم أحوج إليها أوأصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو إلى طالب علم، أو إلى الزهاد، أو كانت معجلة قبل تمام الحول، فلا يكره نقلها. ولو نقلها لغير هذه الأحوال جاز؛ لأن المصرف مطلق الفقراء.
وقال المالكية: لا يجوز نقل الزكاة لبلد لمسافة القصر، فأكثر، إلا لمن هو أحوج إليها، ويجوز نقلها لمن هو دون مسافة القصر (89 كم)؛ لأنه في حكم موضع الوجوب، ويتعين تفرقتها فوراً بموضع الوجوب: وهو في الحرث (الزرع والثمر) والماشية: الموضع الذي جبيت منه، وفي النقود وعروض التجارة: موضع المالك، حيث كان، ما لم يسافر، ويوكل من يخرج عنه ببلد المال.
وقال الشافعية: الأظهر منع نقل الزكاة، ويجب صرفها إلى الأصناف في البلد الذي فيه المال، لحديث معاذ المتقدم، فإن لم توجد الأصناف في البلد الذي وجبت فيه الزكاة، أو لم يوجد بعضهم، أو فضل شيء عن بعض وجد منهم، نقلت إلى أقرب البلاد لبلد الوجوب.
وقال الحنابلة: المذهب أنه لا يجوز نقل الصدقة من بلد مال الزكاة إلى بلد
(1) الدر المختار: 93/ 2 - 95، الفتاوى الهندية: 178/ 1، الكتاب مع اللباب: 158/ 1، فتح القدير: 28/ 2 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص111، الشرح الصغير: 667، أحكام القرآن لابن العربي: 963/ 2، المجموع: 237/ 6، مغني المحتاج: 118/ 3، بجيرمي الخطيب: 318/ 2، المهذب: 173/ 1، المغني: 671/ 2 - 674.