الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهم منعها، ولا يؤمن عليهم المأثم في كتمانها، من غير أن يكون ذلك فرضاً عليهم.
رابعاً ـ النصاب الذي يبدأ به زكاة الزرع والثمر:
قال أبو حنيفة
(1): النصاب ليس بشرط لوجوب العشر، فيجب العشر في كثير الخارج وقليله، لعموم قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم، ومما أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة:267/ 2] وقوله عز وجل: {وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام:141/ 6] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما سقته السماء ففيه العشر، وما سقي بغَرْب أو دالية، ففيه نصف العشر» (2) من غير تفصيل بين القليل والكثير. ولأن سبب الوجوب وهي الأرض النامية بالخارج لا يميز بين القليل والكثير، وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر لا يحتسب فيه أجر العمال ونفقة الزرع من أدوات الحراثة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بتفاوت الواجب بتفاوت المؤنة (التكاليف)؛ لأنه قال:«ما سقته السماء ففيه العشر وما سقي بغَرْب ففيه نصف العشر» وعلى هذا تكون النفقات على الزارع، وتجب الزكاة في كل الخارج بدون أن تحسم منه النفقات.
و
قال الصاحبان وجمهور الفقهاء
(3): النصاب شرط، فلا تجب فيه الزكاة في شيء من الزروع والثمار حتى تبلغ خمسة أوسق وهي (653 كغ) أو 50
(1) البدائع: 59/ 2، فتح القدير: 2/ 2 ومابعدها.
(2)
رواه أبو مطيع البلخي عن أبان بن عياش عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إسناده لا يساوي شيئاً (نصب الراية: 385/ 2) والغرب: الدلو العظيمة، والدالية: الناعورة يديرها الماء. وأخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَرياً العشر، وفيما سقي بالنضج نصف العشر» والعثري: ما نبت بالمطر أو امتصاص العروق من نهر مجاور، وهو المسمى بالبَعْل في مقابل زرع السَقْي.
(3)
القوانين الفقهية: ص105، الشرح الصغير: 608/ 1 ومابعدها، الشرح الكبير: 447/ 1 ومابعدها، مغني المحتاج: 382/ 1 ومابعدها، المغني: 690/ 2،695 - 699، المجموع:439/ 5.
كيلة مصرية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» (1) والوسق ستون صاعاً، وهذا حديث خاص بهذه الزكاة، يجب تقديمه، وتخصيص عموم أدلة أبي حنيفة، كما خصص قوله:«في سائمة الإبل الزكاة» بقوله في نهاية هذا الحديث: «ليس فيما دون خمسة ذَوْد صدقة» ،وقوله:«في الرِّقة العشر» بقوله «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» ، ولأنه مال تجب فيه الصدقة، فلم تجب في يسيره كسائر الأموال الزكائية، ولأن الصدقة تجب على الأغنياء، ولا يحصل الغنى بدون النصاب، كسائر الأموال الزكائية. وهذا هو الراجح لدي لصحة الحديث.
وإنما لم يعتبر الحول؛ لأنه يكمل نماؤه باستحصاده لا ببقائه، واعتبر الحول في غيره من الزكوات؛ لأنه مظنة لكمال النماء في سائر الأموال. والنصاب معتبر بالكيل، فإن الأوساق مكيلة، وكان الصاع مكيال أهل المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقدره أربعة أمداد، والصاع خمسة أرطال وثلث رطل، والرطل (675غم) وذكر الشافعية والحنابلة أنه يعتبر النصاب تمراً أو زبيباً إن تتمر وتزبب، لحديث مسلم «ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق» وإن لم يتتمر الرطب ولم يتزبب العنب، بأن لم يأت منه تمر ولا زبيب جيدان في العادة، أو كانت تطول مدة جفافه كسنة، اعتبر نصاباً رطباً وعنباً، فيوسق رطباً وعنباً؛ لأن ذلك وقت كماله. فيكمل به نصاب ما يجف من ذلك، وتخرج الزكاة من كل منهما في الحال؛ لأن ذلك أكمل أحوالهما.
ويعتبر الحب خمسة أوسق حال كونه مصفى من تبنه؛ لأنه لا يدخر فيه ولا يؤكل معه.
وأما ما ادخر في قشره كالأَرُزّ والعلس، فنصابه عشرة أوسق، اعتباراً بقشره
(1) رواه الجماعة عن أبي سعيد الخدري (نيل الأوطار: 141/ 4).