الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويسن صوم المُحرَّم، وهو أفضل الصيام بعد رمضان، وآكده عاشوراء وهو كفارة سنة (1)، ثم تاسوعاء، ولا يكره إفراد العاشر بالصوم. ويسن صوم أيام عشر ذي الحجة، وهي أفضل من العشر الأخير من رمضان، وآكده يوم عرفة، وهو كفارة سنتين، والمراد كفارة الصغائر، فإن لم تكن رُجي تخفيف الكبائر، فإن لم تكن فرفع درجات.
ولا يستحب صيام يوم عرفة لمن كان بعرفة من الحاج، بل فطره أفضل، لما روت أم الفضل بنت الحارث «أنها أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن، وهو واقف على بعيره بعرفة، فشرب» (2)، وأخبر ابن عمر أنه «حج مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، فلم يصمه أحد منهم» ولأنه يُضعف عن الدعاء، فكان تركه أفضل.
ويكره إفراد رجب بالصوم، لما تقدم سابقاً في الصوم المكروه. ولا يكره إفراد شهر غير رجب بالصوم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «كان يصوم شعبان ورمضان» أي أحياناً، إذ لم يداوم على غير رمضان.
هل يلزم التطوع بالشروع فيه
؟ للفقهاء نظريتان في هذا الموضوع، الأولى للحنفية والمالكية، والثانية للشافعية والحنابلة:
(1) وينبغي فيه التوسعة على العيال، قال إبراهيم بن محمد بن المنتشر، وكان أفضل أهل زمانه، أنه بلغه «من وسع على عياله يوم عاشوراء، وسَّع الله عليه سائر سنته» .
(2)
متفق عليه.
قال الفريق الأول (1): من دخل في صوم التطوع أو في صلاة التطوع، لزمه إتمامه، فإن أفسده قضاه وجوباً، كما أنه إذا سافر عمداً فأفطر لسفره، فعليه القضاء، لأن المؤدى قربة وعمل صار لله تعالى، فتجب صيانته بالمضي فيه عن الإبطال، ولا سبيل إلى صيانة ما أداه إلا بلزوم الباقي، وإذا وجب المضي وجب القضاء، ولأن الوفاء بالعقد مع الله واجب، وحله حرام في كل عبادة يتوقف أولها على آخرها، لقوله تعالى:{ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد:33/ 47] وقال مالك: لا ينبغي أن يفطر من صام متطوعاً، إلا من ضرورة، وبلغني أن ابن عمر قال: من صام متطوعاً، ثم أفطر من غير ضرورة، فذلك الذي يلعب بدينه، وقياساً على النذر، فإن النفل ينقلب واجباً بالنذر، ويجب أداؤه، لكن ذكر الحنفية أنه إذا شرع متطوعاً في خمسة أيام: يومي العيدين وأيام التشريق، فلا يلزمه قضاؤها في ظاهر الرواية.
وقال الفريق الثاني (2): من دخل في تطوع غير حج وعمرة كأن شرع في صوم أو صلاة أو اعتكاف أو طواف أو وضوء أو قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها، أو التسبيحات عقب الصلاة، فلا يلزمه إتمامه، وله قطعه، ولا قضاء عليه، ولا مؤاخذة في قطعه لكن يستحب له إتمامه، لأنه تكميل العبادة، وهو مطلوب، ويكره الخروج منه بلا عذر، لظاهر قوله تعالى:{ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد:33/ 47] وللخروج من خلاف من أوجب إتمامه، ولما فيه من تفويت الأجر.
(1) اللباب شرح الكتاب: 171/ 1 ومابعدها، فتح القدير: 85/ 2، 105، الدر المختار: 164/ 2، شرح الرسالة لابن أبي زيد القيرواني: 296/ 1، فواتح الرحموت: 114/ 1، كشف الأسرار: 632/ 1.
(2)
مغني المحتاج: 437/ 1، 448، كشاف القناع: 400/ 2، المغني: 151/ 3 ومابعدها، شرح المحلي على جمع الجوامع: 69/ 1، غاية الوصول للأنصاري: ص 12، أصول الفقه الإسلامي للمؤلف، 1ص 79 ومابعدها، ط ثانية بدار الفكر.