الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما حج التطوع وغيره من الأسفار التي لا تجب، فليس للمرأة أن تخرج إليه مع امرأة، بل ولا مع النسوة الخلص، لكن لو تطوعت بحج، ومعها محرم، فمات، فلها إتمامه، ولها الهجرة من بلاد الكفر وحدها.
السابع ـ إمكان المسير: وهو أن يبقى من وقت الحج بعد القدرة بأنواعها ما يكفي لأدائه. وتعتبر الاستطاعة عند دخول وقته وهو شوال إلى عشر ذي الحجة، فلا يجب الحج إذا عجز في ذلك الوقت.
و
قال الحنابلة
(1): الاستطاعة المشترطة: هي القدرة على الزاد والراحلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة، فوجب الرجوع إلى تفسيره:«سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة» (2) روى ابن عمر: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، مايوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة» (3).
واتفق الشافعية في الأصح والحنابلة على أنه لا يلزم الحج إذا بذل المال ولد أو أجنبي، ولا يجب قبوله، لما في قبول المال من المنة.
ورأى الحنابلة كالشافعية أن من تكلف الحج ممن لا يلزمه، وأمكنه ذلك من غير ضرر يلحق بغيره، مثل أن يمشي ويكتسب بصناعة ونحوها، ولايسأل الناس، استحب له الحج، لقوله تعالى:{يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر} [الحج:27/ 22] فقدم الرجال أي المشاة، ولأن في ذلك مبالغة في طاعة الله عز وجل، وخروجاً من الخلاف. ويكره الحج لمن حرفته السؤال.
والزاد المشروطة عند الحنابلة كالشافعية: وهو ما يحتاج إليه في ذهابه
(1) المغني:218/ 3 - 222، كشاف القناع:450/ 2 - 454.
(2)
رواه الدارقطني عن جابر وابن عمر وابن عمرو وأنس وعائشة رضي الله عنهم.
(3)
رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
ورجوعه، من مأكول ومشروب وكسوة، ويلزمه شراؤه بثمن المثل، أو بزيادة يسيرة لا تجحف بماله.
ويلزمه حمل الزاد والماء وعلف البهائم إن لم يجده في طريقه، فإن وجده في المنازل المعتادة، لم يلزمه حمله؛ لأن هذا يشق عليه ولم تجر العادة به.
ويشترط أيضاً القدرة على وعاء الزاد والماء؛ لأنه لا بد منه.
ويعتبر الزاد مع قرب المسافة وبعدها إن احتاج إليه؛ لأنه لا بد منه، فإن لم يحتج إليه لم يعتبر.
وأما الراحلة أو المركوب: فيشترط أن تكون صالحة لمثله، إما بشراء أو بكراء لذهابه ورجوعه، وأن يجد ما يحتاج إليه من آلتها التي تصلح لمثله. ويطلب وجود الراحلة مع بعد المسافة فقط عن مكة، ولو قدر على المشي، لأن الاستطاعة هي الزاد والراحلة، وبعد المسافة: ما تقصر فيه الصلاة، أي مسيرة يومين معتدلين، ولا تعتبر الراحلة فيما دون مسافة القصر، من مكي وغيره بينه وبين مكة دون المسافة، ويلزمه المشي للقدرة على المشي فيها غالباً، ولأن مشقتها يسيرة، ولا يخشى فيها المشي للقدرة على المشي فيها غالباً، ولا يخشى فيها عطب إذا حدث انقطاع بها، إلا مع عجز لكبر ونحوه كمرض، فتعتبر الراحلة، حتى فيما دون المسافة للحاجة إليها إذن. ولا يلزمه السير حبواً وإن أمكنه لمزيد مشقته.
ويشترط أن يكون الزاد والراحلة فاضلاً عما يحتاج إليه لنفقة عياله الذين تلزمه مؤونتهم في مضيه ورجوعه، دون ما بعد رجوعه؛ لأن النفقة متعلقة بحقوق الآدميين، وهم أحوج، وحقهم آكد، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت» (1).
(1) رواه أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمرو.
وأن يكون ذلك فاضلاً عما يحتاج هو وأهله إليه من مسكن وخادم وما لابد منه، وأن يكون فاضلاً عن قضاء دينه؛ لأن قضاء الدين من حوائجه الأصلية، ويتعلق به حقوق الآدميين، فهو آكد.
وإن احتاج إلى الزواج وخاف على نفسه العنت (الإثم والأمر الشاق) قدم التزويج، لأنه واجب عليه ولا غنى به عنه، فهو كنفقته، وإن لم يخف قدم الحج؛ لأن الزواج تطوع، فلا يقدم على الحج الواجب.
ومن له عقار يحتاج إليه لسكناه، أو سكنى عياله، أو يحتاج إلى أجرته، لنفقة نفسه أو عياله، أو بضاعة متى نقصها اختل ربحها، لم يكفهم، أو سائمة يحتاجون إليها، لم يلزمه الحج، فإن كان له من ذلك شيء فاضل عن حاجته، لزمه بيعه في الحج. وإن كان له كتب يحتاج إليها، لم يلزمه بيعها في الحج، وإن كانت مما لا يحتاج إليها، باع منها ما يكفيه للحج.
وإن كان له دين على مليء باذل له يكفيه للحج، لزمه الحج؛ لأنه قادر، وإن كان على معسر أو تعذر استيفاؤه عليه، لم يلزمه.
ويشترط أيضاً أمن الطريق بحيث لا يوجد مانع من عدو ونحوه. ووجود زوج أو محرم للمرأة، فلا يجب عليها الحج ما لم يكن معها أحدهما. وإمكان المسير وهو أن تكمل فيه هذه الشرائط والوقت متسع يمكنه الخروج إلى الحج (1). وهذا موافق لمذهبي الحنفية والشافعية أيضاً، لكن عند الحنابلة روايتان في هذين الشرطين: رواية أنهما من شرائط الوجوب كالحنفية والشافعية، فلا يجب الحج بدونهما، ورواية أنهما من شرائط لزوم السعي إلى الحج، فمن مات يجب الحج
(1) البدائع: 123/ 2 - 124 .....