الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
وقال الظاهرية والمالكية (1): لا يجوز إخراج الزكاة قبل الحول؛ لأنها عبادة تشبه الصلاة، فلم يجز إخراجها قبل الوقت (2)، ولأن الحول أحد شرطي الزكاة، فلم يجز تقديم الزكاة عليه، كالنصاب.
المبحث الرابع ـ هلاك المال بعد وجوب الزكاة:
للفقهاء رأيان في سقوط الزكاة بعد وجوبها وهلاك المال:
1 -
فقال الحنفية (3): إن هلك المال بعد وجوب الزكاة، سقطت الزكاة؛ كما أنه يسقط العشر وخراج المقاسمة؛ لأن الواجب جزء من النصاب، وتحقيقاً للتيسير، فإن الزكاة وجبت بقدرة مُيسِّرة أي بقاء اليسر إلى وقت أداء الزكاة، فيسقط الواجب بهلاك محله، سواء تمكن من الأداء أم لا؛ لأن الشرع علق الوجوب بقدرة ميسرة، والمعلق بقدرة ميسرة لا يبقى بدونها، والقدرة الميسرة هنا هي وصف النماء، لا النصاب.
ولا تسقط الزكاة بالاستهلاك، وإن انتفت القدرة الميسرة، لوجود التعدي.
وإن هلك البعض يسقط بقدر الهالك اعتباراً للبعض بالكل.
أما زكاة الفطر ومثلها مال الحج: فلا تسقط بهلاك المال بعد الوجوب، كما لا يبطل الزواج بموت الشهود.
وسبب التفرقة أن الزكاة تتعلق بالنماء، فشرطت له القدرة الميسرة (وهي ما
(1) بداية المجتهد: 266/ 1، الشرح الكبير: 431/ 1، القوانين الفقهية: ص99، نيل الأوطار: 151/ 4.
(2)
احتج ابن قدامة لهم بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تؤدي زكاة قبل حلول الحول» .
(3)
فتح القدير: 514/ 1 - 516، الدر المختار: 28/ 2 ومابعدها، 100 ومابعدها، البدائع: 15/ 2.
يوجب يسر الأداء على العبد) تيسيراً على الناس إذ الإنسان إنما يخاطب بأداء ما يقدر عليه، ويجوز ألا يكون له مال سواه، أما الفطرة ومثلها مال الحج فلم تتعلق بالنماء وإنما تجب في الذمة فشرطت له القدرة الممكِّنة (وهي ما يشترط للتمكن من الفعل وإحداثه).
ويلاحظ أن هلاك المال بعد الإقراض والإعارة واستبدال مال التجارة بمال التجارة: هلاك، فلا يضمن الزكاة، وأما استبدال مال التجارة بغير مال التجارة واستبدال الماشية السائمة بالسائمة فهو استهلاك، فيضمن زكاته.
2 -
قال الجمهور (1): إن هلك المال بعد وجوب الزكاة لم تسقط الزكاة، وإنما يضمنها، فيكون إمكان الأداء شرطاً في الضمان لا في الوجوب؛ لأن من تقرر عليه الواجب لا يبرأ عنه بالعجز عن الأداء كما في صدقة الفطر والحج وديون الناس، والزكاة حق متعين على رب المال، فإن تلف قبل وصوله إلى مستحقه لم يبرأ منه بذلك، كدين الآدمي. ولو عزل قدر الزكاة، فنوى أنه زكاة فتلف، فهو في ضمان رب المال، ولا تسقط الزكاة عنه بذلك، سواء قدر على أن يدفعها إليه أو لم يقدر.
واستثنى المالكية زكاة الماشية؛ لأن وجوبها عندهم إنما يتم بشرط خروج الساعي، مع الحول، فإن تلفت فلا تضمن زكاتها.
هذا وقد ذكر ابن رشد خمسة أقوال فيما إذا أخرج الزكاة فضاعت كأن تسرق أو تحترق: وهي قول: إنه لا يضمن بإطلاق، وقول: إنه يضمن بإطلاق، وقول:
(1) بداية المجتهد: 241/ 1، المهذب: 144/ 1، القوانين الفقهية: ص99، المغني: 685/ 2