الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيئان: قطعية الدليل، وكونه حراماً لعينه مثل لحم الميتة، أما مال الغير فهو حرام لغيره، لا لعينه، فلا يكون أخذه عند الحنفية حراماً محضاً، وإن كان لا يباح الانتفاع به قبل أداء البدل.
اثنا عشر ـ ما يحرم وما يكره وما يستحب في الصدقة:
يحرم السؤال على الغني بمال أو كسب، ويحرم عليه إظهار الفاقة وإن لم يسأل (1)، وعلى هذا المعنى الأخير حملوا خبر الذي مات من أهل الصُّفة، وترك دينارين، فقال صلى الله عليه وسلم:«كيَّتان من نار» .
والمن بالصدقة يحبطها، أي يمنع ثوابها، لقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} [البقرة:264/ 2].
ويكره تعمد الصدقة بالرديء، لقول الله تعالى:{ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة:267/ 2]، ويستحب تعمد أجود ماله وأحبه إليه (2)، لقوله سبحانه:{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران:92/ 3].
وتكره الصدقة بما فيه شبهة، ويستحب أن يختار أجل ماله وأبعده عن الحرام والشبهة (3)، لحديث أبي هريرة المتقدم في الصحيحين:«من تصدق بعِدْل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربِّيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل» .
ويستحب أن تكون الصدقة مقرونة بطيب نفس وبشر، لما فيه من تكثير الأجر وجبر القلب. وتسن التسمية عند الرفع إلى المتصدق عليه؛ لأنها عبادة، قال
(1) مغني المحتاج: 120/ 3، الحضرمية: ص109.
(2)
المجموع: 262/ 6.
(3)
المرجع والمكان السابق.
العلماء: ولا يطمع المتصدق في الدعاء من المتصدق عليه، لئلا ينقص أجر الصدقة، فإن دعا له استحب أن يرد عليه مثلها لتسلم له صدقته (1).
ويكره لمن تصدق بصدقةأو دفع لغيره زكاة أو كفارة أو عن نذر وغيرها من وجوه الطاعات: أن يأخذ صدقته أو يتملك ممن أعطاه ببيع أو معاوضة أو هبة، أو غيره، ولا يكره تملكه منه بالإرث، ولا يكره أيضاً أن يتملكه من غيره إذا انتقل إليه، لحديث عمر السابق في الصحيحين:«حَمَلتُ على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لا تشتره، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه» .
ويلاحظ أن من دفع إلى وكيله أو ولده أوغلامه أو غيرهم شيئاً يعطيه لسائل أو غيره صدقة تطوع، لم يزل ملكه عنه حتى يقبضه المبعوث إليه، فإن لم يدفعه إلى من عينه، استحب له ألا يعود فيه، بل يتصدق به على غيره، فإن استرده وتصرف فيه، جاز؛ لأنه باق على ملكه (2).
ويكره للإنسان أن يسأل بوجه الله غير الجنة، وأن يمنع من سأل بالله، وتشفع به (3)، لخبر «لا يسأل بوجه الله إلا الجنة» (4) وخبر:«من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن استجار بالله فأجيروه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له، حتى تعلموا أن قد كافأتموه» (5) أي جازيتموه.
(1) مغني المحتاج: 123/ 3، الحضرمية: ص109.
(2)
المجموع: 263/ 6.
(3)
مغني المحتاج:122/ 3.
(4)
رواه أبو داود والضياء في المختارة عن جابر بن عبد الله، وهو صحيح.
(5)
رواه أبو داود، والنسائي واللفظ له، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، من حديث عبد الله بن عمرو.