الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن خالد، ومن جُدَّة على عشرة أميال من مكة عند منقطع الأعشاش. ومن بطن عرنة أحد عشر ميلاً. وأما وَجّ: وهو واد بالطائف فهو من الحل (1).
ويلاحظ أن للحرم علامات من جوانبه كلها، ومنصوب عليه أنصاب، ذكر الأزرقي وغيره أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم عملها، وجبريل عليه السلام يريه مواضعها، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتجديدها، ثم عمر ثم عثمان ثم معاوية، وهي الآن بينة واضحة.
وقد صارت المدينة حرماً بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن كانت حلالاً. والصحيح أن مكة حرم منذ القديم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة:«فإن هذا بلد حرمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، وهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة» (2).
ثانياً ـ بناء الكعبة ومزيتها وفضيلة المسجد الحرام:
بنيت الكعبة المشرفة خمس مرات (3): بناء الملائكة أو آدم، أو شيث بن آدم كما قال السهيلي، وبناء إبراهيم على القواعد الأولى، وبناء قريش في الجاهلية بحضور الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وبناء ابن الزبير، حين احترقت، وبناء الحجاج بن يوسف. وهذا البناء هو الموجود اليوم.
وقد تم توسيع المسجد الحرام في عهد عمر بل إن عمر أول من بناه، ثم في عهد عثمان، ثم في عهد الوليد بن عبد الملك، ثم في عهد المهدي، واستقر الأمر على ذلك، إلى أن تم توسيعه الأخير عدة مرات في عهد السعوديين ويتم الآن أكبر
(1) المجموع: 440 ومابعدها، الإيضاح: ص78، غاية المنتهى: 395/ 1، إعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي ص 63.
(2)
حديث صحيح رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
الإيضاح: ص 81، 84 - 85.
توسعة، من جهة الغرب، قال الشافعي: أحب أن تترك الكعبة على حالها، فلا تهدم؛ لأن هدمها يذهب حرمتها ويصير كالتلاعب بها. وقد كساها النبي صلى الله عليه وسلم ثياباً يمانية، ثم كساها أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير ومن بعدهم.
وكان الوليد بن عبد الملك أول من ذهَّب البيت في الإسلام. وأجاز الغزالي تزيين الكعبة بالذهب والحرير ما لم ينسب إلى الإسراف. ويجوز تطييب الكعبة ويحرم أخذ شيء منه للتبرك وغيره، ومن أخذه لزمه رده إليها، فإن أراد التبرك أتى بطيب من عنده فمسحها به، ثم أخذه كما قال النووي.
والبيت الحرام: أول بيت من بيوت الله وجد على ظهر الأرض ليعبد الناس فيه ربهم، أولية شرف وزمان، لقوله سبحانه:{إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمناً} [آل عمران:96/ 3] فأول دلائله وعلائمه الظاهرة: مقام إبراهيم، وثانيها أنه يجب تعظيمه بنسبته إلى الله، حتى إنه كان اللاجئ إليه عند العرب يصير آمناً ما دام فيه، وقد أقر الله تعالى هذه المزية في قوله:{وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة:125/ 2]{أو لم نمكن لهم حرماً آمناً} [القصص:57/ 28]{أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم} [العنكبوت:67/ 29] لذا يكره عند مالك والشافعي حمل السلاح في مكة لغير ضرورة وحاجة، فإن كانت حاجة جاز، ثبت في صحيح مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يحل أن يحمل السلاح بمكة» .
وتضاعف في الحرم السيئات والحسنات، قال تعالى:{ومن يرد فيه بإلحاد بظلم، نذقه من عذاب أليم} [الحج:25/ 22] وثواب الصلاة فيه يعدل مئة ألف صلاة، قال صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا