الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى تلك الحوائج، صارت كالمعدومة، كما أن الماء المستحق صرفه إلى العطش، كان كالمعدوم، وجاز عنده التيمم.
شروط صحة أداء الزكاة:
1 ً -
النية:
اتفق الفقهاء (1) على أن النية شرط في أداء الزكاة، تمييزاً لها عن الكفارات وبقية الصدقات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما الأعمال بالنيات» وأداؤها عمل، ولأنها عبادة كالصلاة فتحتاج إلى نية لتمييز الفرض عن النفل. وللفقهاء تفصيلات في النية.
قال الحنفية: لا يجوز أداء الزكاة إلا بنية مقارنة للأداء إلى الفقير، ولو حكماً، كما لو دفع بلا نية ثم نوى، والمال في يد الفقير، أو نوى عند الدفع للوكيل، ثم دفع الوكيل بلا نية، أو مقارنة لعزل مقدار الواجب؛ لأن الزكاة عبادة، فكان من شرطها النية، والأصل فيها الاقتران بالأداء، إلا أن الدفع للفقراء يتفرق فاكتفي بوجودها حالة العزل، تيسيراً على المزكي، كتقديم النية في الصوم. فلو عزل الزكاة ثم ضاعت أو سرقت أو تلفت، لم تسقط عنه، ويغرم بدلها؛ لأنه يمكن إخراج الزكاة من بقية المال، ولو مات ورثت عنه وأخرجت.
ومن تصدق بجميع ماله، لا ينوي الزكاة، سقط فرضها عنه استحساناً، بشرط ألا ينوي بها واجباً آخر من نذر أوغيره؛ لأن الواجب جزء منه، فكان متعيناً فيه، فلا حاجة إلى التعيين، وعلى هذا لو كان له دين على فقير، فأبرأه عنه، سقط زكاة المبلغ المبرأ عنه، سواء نوى به عن الزكاة أو لم ينو، لأنه كالهلاك.
(1) فتح القدير: 493/ 1، الدر المختار: 4/ 2، 14 - 15، البدائع: 40/ 2، الكتاب: 140/ 1 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص99، المهذب: 170/ 1، المجموع: 182/ 6 ومابعدها، الحضرمية: ص150، المغني: 638/ 2 ومابعدها، الشرح الصغير: 666/ 1 ومابعدها، 670 ومابعدها.
ولو تصدق ببعض النصاب لم تسقط زكاة ما تصدق به عند أبي يوسف وهو المختار عند صاحب الهداية، فتجب زكاته وزكاة الباقي؛ لأن البعض المؤدى لم يتعين لأداء الواجب. وقال محمد: تسقط زكاة الجزء المؤدى، كما في حالة التصدق بكل المال، للتيقن بإخراج الجزء الذي هو الزكاة.
وقال المالكية: تشترط النية لأداء الزكاة عند الدفع، ويكفي عند عزلها، والصحيح أنها تجزئ من دفعها كرهاً عنه كالصبي والمجنون، وتجزئ نية الإمام أو من يقوم مقامه عن نية المزكي.
وقال الشافعية: تجب النية بالقلب، ولا يشترط النطق بها، فينوي:«هذا زكاة مالي» ولو بدون ذكر الفرض؛ لأن الزكاة لا تكون إلا فرضاً، ونحو ذلك، كهذا فرض صدقة مالي أو صدقة مالي المفروضة، أو الصدقة المفروضة، أو فرض الصدقة.
ويجوز تقديم النية على الدفع بشرط أن تقارن عزل الزكاة، أو إعطاءها للوكيل أو بعده، وقبل التفرقة، كما تجزئ بعد العزل وقبل التفرقة وإن لم تقارن أحدهما، ويجوز تفويضها للوكيل إن كان من أهلها بأن يكون مسلماً مكلفاً لأن الزكاة حق مالي، ويجوز التوكيل في أداء الحقوق المالية، كالتوكيل في دفع الديون والأثمان، وإعادة الودائع والعواري إلى أصحابها، أما نحو الصبي والكافر فيجوز توكيله في أدائها، لكن بشرط أن يعين له المدفوع إليه. وتجب نية الولي في زكاة الصبي والمجنون والسفيه وإلا ضمنها لتقصيره. ولو دفعها المزكي للإمام بلا نية لم تجزئه نية الإمام في الأظهر. وإذا أخذت قهراً من المزكي نوى عند الأخذ منه، وإلا وجب على الآخذ النية.
فإذا لم تتوافر النية عند دفع الزكاة، لم تفد نية الإمام الذي جباها، ولا يعتبر المال المدفوع للفقراء مجزئاً عن الزكاة، وإنما هو صدقة عادية.